خبر لزعمائنا ولنا -معاريف

الساعة 08:13 ص|10 ابريل 2012

والمهم – التخويف عموما

بقلم: عمانويل روزين

        (المضمون: نحن نتمتع بالخوف، السياسيون يتمتعون في اخافتنا، والمهم: لن نسمح للحقائق بان تشوش لنا عقولنا. دوما سيكون هناك من سيذكرنا بالكارثة، بعملاق، بأحمدي نجاد. أنا أخاف – إذن أنا موجود - المصدر).

        جلسة المجلس الوزاري التي انعقدت، كالمعتاد سرا، قبل نحو اسبوعين، حملت طابعا أخرويا، إن لم نقل على حدود فيلم الرعب. ضباط وقادة قيادة الجبهة الداخلية طولبوا بان يفصلوا فيها ماذا سيكون الثمن الذي سندفعه في السيناريو المتطرف لهجوم صاروخي طويل المدى وشامل على اسرائيل. ماذا سيحصل هنا، اذا أطلق اعداؤنا الالداء نحونا الاف الصواريخ في آن واحد، من لبنان وسوريا، من غزة وحتى من ايران.

        السيناريو لم يقدم تنزيلات ولم يبدِ رحمة. فقد فصل هجوما اجراميا على الجبهة الداخلية، يستمر لثلاثة اسابيع على التوالي، وكل هذا حتى قبل أن تكون منظومة قبة حديدية منتشرة بكاملها. وقد بالغ عن عمد. التخوف، مثلا، من أن تنضم سوريا الى حماس وحزب الله وتهاجم مباشرة – يعتبر صغيرا حتى صفرا. ولكن هو ايضا أُخذ بالحسبان، بما في ذلك صليات من الصواريخ التقليدية تسقط علينا بعد طيرانها مباشرة من ايران البعيدة.

        النتيجة فاجأت كل من كان يميل الى التصديق أو الانجراف الى حملات التخويف عديمة الكوابح التي توقع علينا صبح مساء. فقد قدرت بان مثل هذا الهجوم، السيء بين الاسوأ، كابوسنا جميعا، سيوقع ما لا يقل عن 300 قتيل في الجبهة الداخلية. عدد رهيب وفظيع، ولكنه بعيد وصغير عن كل ما غمرنا به حتى اليوم. لا تهديدا وجوديا ولا حتى شبه وجودي. وهذا أيضا في سيناريو مبالغ به عن عمد منذ البداية.

        أحد ما في غرفة المداولات تذكر التقديرات الاستخبارية عشية حرب الخليج الاولى. تنبأوا في حينه بان صدام حسين سيطلق نحونا 40 صاروخ سكاد، وأن الثمن سيكون 150 قتيلا. النهاية كلنا نعرفها. صدام بالفعل أطلق 40 صاروخا، ولكن فقط شخص واحد قتل، حين طار بابا مفتوحا للغرفة الامنية نحوه، و 14 شخصا آخر دفعوا بحياتهم على استخدام غير سليم للحقن التي وزعتها قيادة الجبهة الداخلية وبالنوبات القلبية.

        فزع ذلك الوقت يرتبط بالادعاءات التي تطلق منذ فترة طويلة من جانب مسؤولين كبار في جهاز الامن ممن ينتقدون سيناريوهات الرعب التي بموجبها تجرى هنا مناورات قيادة الجبهة الداخلية، أو تخويف الجبهة الداخلية بالاسم المحبب، في المدن وفي مؤسسات التعليم.  هذا جميل وجيد وصحيح الاستعداد للاسوأ، ولا سيما حين يكون رعب لجنة التحقيق الاخرى يحوم فوق رأسك، ولكن مبالغ فيه ومدحوض وربما ايضا متزلف اعدادنا لآخرة هوليوودية.

        الموضوع هو بالطبع أنه يوجد خليط رائع بين زعمائنا الذين أصبح التخويف عندهم حالة وكذا أداة للانتصار في الانتخابات، وبين الشعب الذي يجلس في صهيون ويستمتع جدا بان يخاف، ويكون مقتنعا بان القائه في البحر هو مجرد مسألة وقت. في مثل هذا الوضع، لا توجد مشكلة لرئيس وزراء في صورة بنيامين نتنياهو أن يعرض معادلة سخيفة تربط بين التهديد الايراني وكارثة يهود اوروبا.

        نتنياهو يعرف بان التهديد الايراني ايضا ليس وجوديا، ولكنه محق ايضا من ناحيته استخدامه. هذا مريح حيال العالم، هذا مجدٍ حيال الناخبين – وهذا أساسا يمكن أن يبرر قصورات في مجالات اخرى، او الطي في النسيان لحقائق أنه لا يهددنا أي تهديد عسكري، تقليدي أو غيره، هنا مثلما تفعل مثلا حوادث الطرق.

        "وهو الذي وقف لابائنا ولنا، وغير مرة واحدة وقف لنا لابادتنا". هذه السنة ايضا انشدنا هذه الآيات بمتعة شديدة في ليل الفصح. الموسيقى بهيجة. الفرحة كبيرة. تكاد تكون مثل الاغنية الشهيرة في النوادي "والمهم الا نخاف ابدا". نحن نتمتع بالخوف، السياسيون يتمتعون في اخافتنا، والمهم: لن نسمح للحقائق بان تشوش لنا عقولنا. دوما سيكون هناك من سيذكرنا بالكارثة، بعملاق، بأحمدي نجاد. أنا أخاف – إذن أنا موجود.