خبر التضامن الدولي: أسير يبعث برسالة عتابية من مستشفى سجن الرملة

الساعة 09:10 ص|09 ابريل 2012

غزة

بعث الأسير المريض أكرم الريخاوي برسالة من سجن مستشفى الرملة إلى الرأي العام الفلسطيني، عبرّ فيها عن أسفه لتجاهل القيادات الفلسطينية لمعاناة الأسرى المرضى.

وذكر احمد البيتاوي الباحث في مؤسسة التضامن الدولي لحقوق الإنسان أن الأسير الريخاوي كتب رسالته بأسلوب أدبي مليء بالتشبيهات والاستعارات المحزنة، ويحمل العديد من الأفكار التي في مجملها ذات دلالات عتابية للقيادات الفلسطينية الذين لم يقدموا ما بوسعهم لإنقاذ الأسرى المرضى في سجن مستشفى الرملة.

وأشار البيتاوي إلى أن الأسير الريخاوي قال في رسالته انه يتمنى قدوم الموت؛ بل وينتظره في كل ساعة لعله ينهي عذاباته وأوجاعه، كما اعتبر ما اسماه بالضجيج الإعلامي والوعودات المصاحب لقضية الأسرى بأنها لن تجدي نفعا لإنهاء معاناتهم.

وانتقد الريخاوي في إشارات رمزية ساخرة المسئولين السياسيين الذين عرفوهم ووعدوهم وأملوهم، وفي النهاية أنكروهم (على حد وصفه).

هذا ويعاني الريخاوي المعتقل منذ 7/6/2004 ويقضي حكما بالسجن لمدة (9 سنوات)، من أزمة حادة مزمنة في الصدر (الربو) ويشعر بالغثيان وضيق التنفس ولا يُقدم له العلاج سوى "الكرتزون"، كما أصبح حديثاً يعاني من مرض السكري وارتفاع نسبة الكلسترول وهشاشة العظام ومياه بيضاء على الأعين، حيث كان من المقرر تجرى له عملية جراحية في العينين بتاريخ 12/9/2011، ولكن تم تأجيلها عدة مرات.

كما يعاني الريخاوي وهو من سكان قطاع غزة  ومتزوج وأب لثمانية أطفال، من الاكتئاب النفسي بسبب كثرة الأدوية التي يأخذها.

فيما يلي نص الرسالة التي وصلت مؤسسة التضامن الدولي لحقوق الإنسان، ننشرها كما وردت:

بسم الله الرحمن الرحيم

جثة تصرخ بصمت:

وحده الموت رفيقي، لقد نضج الموت في حقولي فمتى القطاف؟ متى يلملم قلبي المخدوع مواسم جنونه؟ متى تحنو القسوى على ذاتها وترق الشراسة على جروحها ؟ فبياض جدران ما يسمى بالمستشفى وبياض إبرة المصل وبياض الصمت تنظم أنفاسها متواترة مع أنفاس الليل الوديع ..

وحدها آلامي تتلاحق نبضا وتشمخ نائية وتنتصب كعود النار الراقص، وسط دنيانا الساكنة، حين يتعب جسدي يتسلل وحده الموت ليعانق روحي، يعرف جيداً رقم جنتي، يعرف طريقه إلى مخدعي ويدوس بقدميه الثابتتين أركان جثث أحياء حولي.. جثث متلاشية.. جثث متحللة ساكنة مشلولة حية حولي، استقبله دونما دهشة أو بكاء مسرور بقدومه لعله ينهيني من عذاباتي وآلامي...

حين يسعى اليّ وحده الموت ويحبسني كوني انفاسه، حين يحتويني أتأمل به خيراً، ارى وجهي كما لو كنت أحدق في مرآه.. أتأمل عمري على شاشة الجدران البيضاء.. وطن ، لجوء،، احتلال، تحرير، مقاومة ، قدس ، اهل ، أولادي ......آه

وحده الموت يعرف دوماً طريقه الى حين يمد أصابعه الشفافة تنهار كل حصون الزحام والصخب مثل بيوت من ورق اللعب هدمتها في غمضة عين رفة عصفور، تلك هي وعودكم ، كل ذلك الضجيج الإعلامي ما كان ليجدي، كل ذلك الصخب والعتاب ومسرحيات الوصال، كل تلك الدموع "دموع التماسيح" ما كانت لتجدي وكل ذلك الركض المسعور في الليل وأحاديث ومفاوضات والشروط والتغني والتباكي بالأمناء على أوجاعنا والنظرات الخجلة المشحونة بالصراخ كل ذلك لم يكن ليجدي..

 

لقد جربت كل الوصفات ضد موت ضمائركم ونفاقكم وحملت كل الأحاجي العتيقة ولفظت على جسدي كل التعاويذ ومارست كل ما عرف الإنسان من أقدم العصور وكل ما اكتشفته في آخر الزمان واتخذت من أوسمة الأبطال درعاً واختبأت داخل أجسادهم ، لأعزي نفسي بكم ، ولكن يا إلهي كبعض صنيع الأساطير، فمغفورة خطايا القادة الذين عرفت.. مغفورة خطايا كل المسئولين والسياسيين، مغفورة خطايا المقاومة التي عرفت، مغفورة خطايا الذين عرفونا وأنكرونا، مغفورة خطايا الذين وعدوا وأمّلنا بصدقهم ، مغفورة خطايا الذين فرطوا بجثث فيها بقايا نفس فريسة للأسر والمرض والتلاشي.

وحين يهمس  الموت تحت نافذتي لا أملك إلا أن أتبعه مسحورا إلى وديان الأنين الباكي، يناديني الموت يا طفلي وأناديه يا حصني ضد زحف كوابيس الصدق والتمني، افتح عيناك ومد أهدابك ... فاني وحيد وحيد، كإصبع مقطوع عن جسده وروحي مشفقة بدأت بالتلاشي، الليل طويل.. طويل جداً ولا يتسع لتنهيده من صدري.. والطريق مظلم ومليء بالمفاجآت والأبجدية شاسعة لكن كلمات الحواس قد اهترأت .. لا حياة لمن تنادي..

وحده الموت ... يظل لا متناهياً واثقاً من نفسه وحده يعرف كيف يمتلكني وفي ملكوته وحده اعرف مشهقة التلاشي..