خبر دروس عسكرية في ذكرى « السور الواقي »..عدنان أبو عامر

الساعة 06:31 م|05 ابريل 2012

بل أيام قليلة حلت الذكرى السنوية العاشرة للعملية العسكرية (الإسرائيلية) في الضفة الغربية "السور الواقي"، وأعيد خلالها احتلال كامل الضفة، بعد شهر دام من العمليات الاستشهادية، واليوم يعاد الحديث (الإسرائيلي) بصورة غير بريئة لإمكانية تكرارها في قطاع غزة.

وربما ما يدفع الساسة والعسكر في (تل أبيب) لطرح هذه الفرضية الخطيرة والمكلفة للجانبين، عدم قدرة الجيش حتى كتابة هذه السطور على معالجة التوتر الأمني في مناطق الجنوب، والامتناع عن إسقاط سلطة حماس، وما أسفر عن ذلك هو الإثقال على عملية عسكرية موجهة إلى غزة، لأنها قد تفضي إلى تورط مسلح مع مصر، وتصرف الانتباه عما يجري في سوريا، ومكافحة إيران مما سيضطر (إسرائيل) في الظروف الراهنة لاستيعاب عمليات مسلحة، ويكون ردها معتدلا، دون أن يحقق ردعاً عن استمرار العمليات.

وهو ما قد يشير إلى أن الثنائي "نتنياهو وباراك" قد سلما بهذا الوضع، وعلى الأكثر يرد سلاح الجو بين الفينة والاخرى بقصف لا معنى له، ولا يؤثر في أحد لهدف ذي أهمية ثانوية، ما يعني أن (إسرائيل) لم تخرج من الجولة الأخيرة، ويدها العليا، لأنها بدأت بعملية اغتيال مركز نفذتها لمنع عملية تفجيرية مخطط لها، وهذه المرة كان نظام القبة الحديدية مستعدا لرد من أطلقوا مئات القذائف الصاروخية، لكنها أثبتت محدوديتها، وعجزها المتواصل.

ولئن استطاعت القبة الحديدية ان تمنح الجبهة الداخلية حماية خلال عملية عسكرية يجب ان تكون قصيرة لإسقاط نظام حماس في غزة، وهي عملية يجعلها الوضع الدولي الحالي اشكالية جدا، لكنها لا تستطيع ان تمنع حرب استنزاف، أو تشويش مطلق على الحياة في المنطقة المعرضة للقصف، كما لا تستطيع القبة الحديدية وقف طوفان الصواريخ، ولا يجدر التخمين ما الذي سينفد قبل: مجموع الصواريخ الرخيصة التي يملكها المسلحون في غزة، أم الصواريخ الباهظة الثمن جدا المخصصة لاعتراضها؟

كما أن الخسائر التي أصابت المسلحين في الجولة الأخيرة لم تردعهم، ويمكن ان يكونوا مستعدين بحسب حساباتهم لدفع هذا الثمن بإصابة الحياة في مناطق واسعة من الدولة بالشلل، وقد برهنوا أنه رغم القبة الحديدية سيكون من الواجب عليها ان تدفع ثمنا باهظا عن كل عملية اغتيال مركز، مما جعل (إسرائيل) تبدو في حالة "انكماش" وفي نقطة حرجة.

ورغم أنها أعلنت غير مرة أنه يجب على حماس، لأنها تسيطر على غزة، أن تضمن الهدوء، فإذا لم تفعل، ستصاب هي وسلطتها، لكنها لا تزال تتحدث بهذه اللغة، وتخلت عن موقفها بالفعل، فيما حماس التي تتمكن من اطلاق الصواريخ على (إسرائيل) فضلا عن أنها لا تصاب، أخذت تصبح بالتدريج الجهة المعتدلة.

يتزامن ذلك، مع تصريحات وتلميحات عسكرية تصدر عن جهات وازنة في هيئة الأركان مفادها أن الفلسطينيين يحاولون جر الجيش للدخول إلى قطاع غزة، لأنهم يعلمون عدم امتلاكه قدرات عسكرية تميزه عنهم في القتال البري، ما يعني تكبده خسائر غالية جداً على الأرض، لأنه عندما يقتحم جندي يحمل سلاحاً من نوع "إم16" مبنى ما، ويجد أمامه أحد المسلحين يحمل سلاحا من نوع كلاشينكوف، فهم بالتأكيد متساويان في قدراتهم، وبالتالي فإن الميزة المتوفرة لجنود الجيش في الأجواء غير متوفرة على الأرض.

وفي حين تزعم محافل أخرى أن الحرب ضد المنظمات الفلسطينية شكلت نجاحا عسكريا، إذا ما تعاطينا معها بالتوازن السليم، وتدل على قدرة الجيش على التغير والتنظيم والتعلم، وتصديه لمسائل تكنوقراطية تكتيكية للعملية العسكرية في المناطق المدنية المكتظة لمخيمات اللاجئين، ووحداته الميدانية تجيد عملها بشكل عام على الفور، وابتكار أساليب كاقتحام الحيطان من بيت الى بيت، مما أتاح عبورا آمنا نسبيا ضد نار القناصة والعمليات الانتحارية، أو استخدام فريق المفاوضات لدى هيئة الأركان المخصص بالأصل للمساومة على الرهائن، لتفكيك أوضاع تمترس دون حاجة لنار كثيفة.

وبعد عقد كامل من الزمن من عملية السور الواقي فإن تحولا جرى على طبيعة الأعمال المسلحة الفلسطينية، فبدلا من الاستشهاديين الذين شكلوا اساسا للعمليات انطلاقا من الضفة الغربية، أصبحت اليوم موجات اطلاق الصواريخ من قطاع غزة باتجاه جنوب "(إسرائيل)، وفي مواجهتها، لا مناص من تنفيذ عملية عسكرية واسعة على غرار عملية "السور الواقي"، لان العمليات التي جرى تنفيذها مثل "الرصاص المصبوب" لم تستطيع القضاء على قواعد المنظمات في غزة.