خبر لم يعد يهم اليسار ايضا-يديعوت

الساعة 08:48 ص|05 ابريل 2012

بقلم: غي بخور

في محاولة تكاد تكون يائسة للعمل على مجابهة التيار التاريخي الجديد، حاولت جهات مؤيدة للفلسطينيين ان تغير الاتجاه وأن تُعيد القضية الفلسطينية الى برنامج العمل بواسطة ما أسموه "يوم الارض"، وفشلوا.

اشتغلت نظم الحكم العربية عشرات السنين باسرائيل والفلسطينيين على نحو متكلف لاخفاء ما يجري عندها في الداخل ولصرف انتباه الجماهير العربية الى الخارج. لكن لا حاجة الى هذا اليوم لأن المشكلات الحقيقية في العالم العربي قد خرجت الى الخارج. وهكذا دُفع الفلسطينيون من كونهم موضوعا مركزيا قد يكون الأكثر مركزية الى أسفل سلم الأولويات ولم يحظ يوم ارضهم بتغطية اعلامية حقيقية لا في العالم العربي ولا في العالم الغربي. واليوم وقد أخذ الشرق الاوسط الاسلامي يتفكك الى ديانات وطوائف وأقليات وأقاليم، وفي الوقت الذي يزداد فيه الذبح فقط في سوريا (أخذ عدد القتلى يقترب من عشرة آلاف) وفي الوقت الذي تقتل فيه العصابات المسلحة في ليبيا بعضها بعضا، وتنتقض عُرى اليمن ومصر في ازمات شديدة، يتبين ان الموضوع الفلسطيني هو الأكثر استقرارا نسبيا في الشرق الاوسط.

ونقول للحقيقة ان الوضع كان كذلك دائما، غير ان المشهد حُرف لاسباب مصلحية على أيدي جهات مختلفة.

ووقع للفلسطينيين عُطل شديد آخر وهو ان الرأي العام في اسرائيل فقد الاهتمام بهم. فقد كان اليسار الاسرائيلي مدة عشرات السنين جعلهم وجعل قضيتهم مُعرِّفه الذاتي. وها هو ذا قد تبين لليسار ان اسرائيل تقدمت وأن هذا الموضوع لم يعد في برنامج عملها. وحينما تبين لليسار ان الفلسطينيين غير معنيين بالسلام ألبتة أو بالتفاوض (مثل الاسد) استبدلوا ببرنامج العمل الفلسطيني برنامجا جديدا على صورة جُبن الكوتج والخيام. ولما كان الذين وقفوا من وراء الاجراءات الفلسطينية دائما تقريبا على اختلاف الحقب اسرائيليين أو يهودا – فحينما انتقل هؤلاء الى شأن آخر فانه لا يوجد من يُدبر للفلسطينيين العمل. وقضت صفقة شليط على بقايا الاهتمام بهذا الموضوع. ولم تُغير القذائف الصاروخية من غزة الوضع أو دعاوى عن "حصار" غزة لأنه لا يوجد حصار كهذا. فغزة خاصة تنمو اقتصاديا بعد ان اتصلت بمصر لا برام الله.

والى هذا يضاف تساؤل دولي: هل الموضوع الفلسطيني سوّغ هذا الانتباه الكبير طوال تلك السنين؟ حينما يقول مرشح للرئاسة في الولايات المتحدة انه لا يوجد شعب فلسطيني ألبتة فان أمورا كثيرة كانت تبدو صلبة ومطلقة لم تعد تبدو كذلك. وبدل ان تراود قيادة الفلسطينيين المزدوجة مقرري السياسات في الغرب اختارت ان تتحصن عند خطوات من طرف واحد فاشلة سلفا كمحاولة فرض واقع في الامم المتحدة، وكان من نتيجة هذا أن خسرت السلطة الفلسطينية كثيرا من الثقة بها في الغرب في الوقت الذي لم تزدها مراودة حماس التي تُعرف بأنها منظمة ارهاب شيئا.

تبين للفلسطينيين بما أدهشهم ان النظم العربية فيما يسمى "الربيع العربي" لا تختلف كثيرا عما كان قبل ذلك في كل ما يتعلق بهم. وبرهن يوم الارض على ان النظم في لبنان وفي سوريا والاردن ومصر وحزب الله ايضا، غير مستعدة للتورط مع اسرائيل وفيما بين أنفسها بسبب الفلسطينيين، وينبغي ان نضيف الى ذلك بالطبع الانفصال الفلسطيني الداخلي الذي لا يمكن رأبه.

لكنه تبين في يوم الارض حقيقة اخرى وهي ان نظامي السلطة الفلسطينية وحماس لم يكونا معنيين بحريق كبير خشية ان يكون الحريق في نهاية الامر في غير مصلحتهم وأن يتفشى في قيادتين ليس لهما ولاء، وذلك الى كون اسرائيل قوية جدا مُجربة للازمات والاحتجاجات.

جميع هذه الاسباب توجب على الفلسطينيين ونظم الحكم والمجتمعات محاسبة النفس، لكن ظاهرة محاسبة النفس هذه وتقويم الامور بحسبها لا تميز سوى المجتمع في اسرائيل خاصة لا المجتمع الفلسطيني. وسيظل الجمهور الفلسطيني يسير وراء زعمائه الذين يقودونه حقبة بعد حقبة الى هزيمة بعد اخفاق كما كانت الحال في عشرات السنين الأخيرة.