خبر نتنياهو واليد على الأفق- هآرتس

الساعة 08:58 ص|04 ابريل 2012

بقلم: تسفي برئيل

        (المضمون: اسرائيل الآن تحت قيادة نتنياهو بعيدة عن أي أفق سياسي لحل الصراع الاسرائيلي الفلسطيني - المصدر).

        للأفق صفة بصرية معروفة، فهو يبتعد كلما خُيل الينا أننا نقترب منه. ويجدر من اجل منع خيبات الأمل ان نصمد في المكان بحيث يبدو الأفق دائما قريبا في متناول اليد حقا أو لا يبعد على الأقل. كان مصطلح "أفق سياسي" طوال عشرات السنين جزءا لا ينفصل عن المعجم الفلسطيني. وخرجوا من غير أفق سياسي الى انتفاضة وسيبقون أعداءا من غير أفق سياسي واقتصادي. وقد عشقت الادارة الامريكية حقا هذا التعبير حينما طلب كبار مسؤوليها من الرئيس الى وزراء خارجيته الى اعضاء مجلس النواب، من اسرائيل ان تفعل شيئا ما لتعرض على الفلسطينيين خريطة طريق ما تثبت الوهْم. فاذا علموا أنه ستكون لهم دولة بعد خمس سنين أو عشر سنين فسيجلسون في هدوء وينتظرون.

        نحن بالطبع لا نحتاج الى أفق سياسي. فلنا دولة ولنا اقتصاد معقول وقيادة يمكن تبديلها بطرق ديمقراطية اذا لم تعجبنا. فنحن بخلاف الفلسطينيين الذين لم ينجحوا في تنمية قيادة بديلة عن محمود عباس والذين يستطيعون الاختيار بين فتح وحماس ولا ينجحون في اقناع العالم بالاعتراف بحقهم في دولة مستقلة، ذوو أحزاب كثيرة وعقائد وافرة ومعرض مدهش للزعماء نختار منهم المناسب. فكيف حدث أن أصبحنا نحن خاصة أسرى الشعور بالحصار ونبحث عن أفق سياسي؟ من أين تأتي هذه المفارقة المنطقية حيث نخطو في اماكننا، وبرغم ذلك يبتعد الأفق؟.

        ان التفسير البسيط هو أننا لا نملك أكثر مما يملك الفلسطينيون. فكم من العقائد حقا تُعرض لنختار منها؟ وكم من القادة المناسبين ينتظرون لننتخب منهم؟ وكما هي الحال في لعبة اليانصيب تقفز بين الآن والآخر كرة حظ براقة تحمل معها بشرى فوز كاذبة، وتنشق فورا كأنها فقاعة. قبل بضعة اسابيع كان يئير لبيد هو الذي حضّر عددا من السلطات التي تثير التثاؤب، وصدرت عنه طائفة من أقوال مُجنحة فارغة وصُور تصويرا جيدا مثل لافتة اعلان في شارع أيلون، ملونة ومسطحة. وبعد ذلك داهمتنا انتخابات لجنة الصف العلاجية المسماة كديما، وقد قيل كل شيء عن الشحوب المريض الذي يميز هذا الحزب، الذي يثير التأثر مثل شريط مسطح في أداة عرض طبية. يريد شاؤول موفاز ان يصبح رئيس حكومة ولا بأس في هذا. ويريد ان يصبح زعيما اجتماعيا وهذا ممتاز. لكن ماذا يوجد في حقيبة أفقه السياسي؟ أهو مستعد للتخلي عن مناطق؟ واخلاء مستوطنات؟ أو ربما بضع البؤر الاستيطانية؟ ستُبين عدسة تكبير عظيمة القوة ان الفرق بينه وبين بنيامين نتنياهو هو في صورة تناولهما للتهديد الايراني، فالاول يريد ان يهاجم الآن والثاني بعد ذلك.

        ان التهديدات سلعة ممتازة سواء أكانت ايران التي تهددنا وتوجب علينا ان نختار زعيما بطلا، أم اسرائيل التي تهدد ايران وتبحث عن زعيم كان رئيس هيئة اركان. وتستطيع ايران ان تكون راضية عن أنها نجحت في ان تصبح مادة في برنامج انتخابات وامتحانا للزعامة. فالحديث عن ايران أسهل كثيرا من الحديث عن المشكلة الفلسطينية. فهي لا تطلب مناطق أو انسحابات أو تنازلات.

        وماذا عن شيلي يحيموفيتش؟ أتريد ان تصبح رئيسة حكومة؟ ألا تريد ان تصبح رئيسة حكومة؟ سمعنا في الحقيقة أن لها حزبا لكن يُخيل الينا ان الحزب لم يسمع بأنها موجودة. هذا هو الحاصل العام للاحتياطي وسعة أفق الزعامة التي تملكها اسرائيل.

        والحقيقة أنه مهما ننظر الى الامر نبقى مع زعيم واحد لا الآن فقط بل في المستقبل القريب ايضا. والحديث عن الأبد بمفاهيم اسرائيلية. زعيم وطني وفخور وصلب يعرف كيف يُبقينا على بُعد ثابت عن الأفق. وزعيم يعرف كيف يوقف الدولة فوق المواطن. ويُفسر التهديدات أو يوجدها. وزعيم يحدد فصول السنة: فالصيف للهجوم على ايران؛ والشتاء للاصلاحات الاقتصادية. وزعيم جعل كل بديل قزما، بل قضى على الطموح الى التغيير، ولا يُحتاج تحت زعامته الى مراقب فوق الصاري يصرخ "اليابسة". هذه هي الحال عندنا. وعندنا كما هي الحال في تركيا أو ايران زعيم أعلى. ومن المؤسف أنه لا يجوز لنا ان نطلب من الفلسطينيين ان يمنحونا أفقا سياسيا.