خبر طريقة نتنياهو « أخِف وسُد » -هآرتس

الساعة 08:37 ص|03 ابريل 2012

بقلم: نحاميا شترسلر

(المضمون: يعتمد نتنياهو سياسة مركبة تقوم على تخويف الجمهور بكارثة أو غلاء ثم انقاذه من تلك الورطة ليدفع الجمهور الى التصويت له في صناديق الاقتراع - المصدر).

طور بنيامين نتنياهو في السنين الثلاث الاخيرة طريقة حكم جديدة ليست موجودة في كتب تدريس علم السياسة بل ان كتاب "الأمير" لمكيافيلي لا يعرفها. واسم الطريقة "أخِف وسُد"، وهي مبنية من ثلاث مراحل.

في المرحلة الاولى يخيفون الجمهور بكوارث فظيعة الى ان تكاد تزهق نفسه. وفي المرحلة الثانية يأتي الزعيم العظيم ذو الجلالة ويعرض طرق فرار من الكارثة. وفي المرحلة الثالثة يمضي الشعب المعترف بالجميل الى صناديق الاقتراع ويصوت للزعيم العظيم. ولكي يكون واضحا من هو الزعيم العظيم يحرص نتنياهو على تخويف الجمهور طول الوقت وبلا توقف من جميع الموضوعات المطروحة للنقاش: الفلسطيني والايراني والاقتصادي، وعلى اقتراح سبل للخلاص من الورطة.

عالج نتنياهو هذا الاسبوع الشأن الاقتصادي. فبعد أن أخافنا مدة اسبوع بسعر البنزين الذي سيرتفع بـ 20 أغورة، شمّر وعمل مثل مجنون، وفي آخر لحظة مع خروج السبت وقبل نشرة الاخبار ببضع لحظات، نجح في ان يجد حلا عبقريا وهو خفض السعر بـ 15 أغورة. فأي تخفف وأي نصر وكم نعترف بالجميل للزعيم العظيم.

        وفي الغد أوضح للجمهور ان الحديث عن عمل مسؤول وصحيح لأن "من يقل انه يمكن خفض الضرائب وزيادة النفقات بلا حساب، فانه عديم العلم الاقتصادي وعديم المسؤولية ايضا. نحن نحتاج الى الضرائب لشراء قبب حديدية اخرى ولاستكمال مد الجدار ولمساعدة الشيوخ والمحتاجين... وفي هذه المرة لن نخرق اطار الميزانية".

        ويقف السامع فاغر الفم مندهشا. فها هو ذا الزعيم يُبين لماذا لا يجوز خفض الضرائب وزيادة النفقات، لكنه يذكر فيما يلي من كلامه انه قد خفض الضريبة على الوقود من قبل اربع مرات بمبلغ متراكم بلغ 80 أغورة. فكيف ينجح في ان يقول الشيء وعكسه من غير ان يحمر وجهه خجلا؟.

        يفعلون هذا حينما يكونون على يقين بأن الجمهور غبي وأنه يمكن ان يُباع كل شيء ولا يشعر حتى بذلك. وهكذا يمكن من جهة الحديث عن المسؤولية واظهار الحساسية والشفقة على جمهور الرعايا المخلص، من الجهة الثانية.

        وتحدث نتنياهو ايضا عن ان اموال الضرائب لا تُبدد عبثا. فهي تُخصص لأهداف نبيلة مثل "القبة الحديدية" والشيوخ والمحتاجين. ولا يحول أي قرش الى السكن المدعوم للحريديين والى مخصصات لأبناء المعاهد الدينية الذين لا يعملون ولا يخدمون في الجيش، والى بناء مستوطنة جديدة هي "ميغرون العليا" لخمسين عائلة مخالفة للقانون ستكلف عشرات الملايين، تمضي لاعداد جبل صخري أجرد وحراسة عسكرية ملاصقة. ولا يُبدد أي قرش ايضا على أوسع حكومة في تاريخنا من 29 وزيرا و7 نواب.

        لكن كل هذا ليس شيئا اذا قيس بالايهام المسمى "عدم خرق اطار الميزانية". لأن الحكومة الى اليوم لم تقرر بعد كيف تمول القروش العشرة التي اقتطعت من سعر البنزين قبل نحو من شهر. وأصبح عندها الآن 15 قرشا اخرى للتمويل. ومن اجل ذلك أوجدوا في قسم الميزانيات "خطة زيادة نجاعة" في وزارات الحكومة تشتمل على تقليص 2 في المائة من أملاك القوة البشرية وتغيير حساب أجور التشجيع ومضاءلة الساعات الاضافية بـ 20 في المائة. أي نكتة سيئة وأي وهْم رائع. ان من الواضح أنه لا احتمال لأن يتم تنفيذ هذه الخطة. فان الحديث عن رئيس حكومة غير قادر على الصمود للضغط حتى في شأن المحروقات فكيف يصمد للصراع مع عوفر عيني والاتحادات الكبيرة؟.

        ان سلسلة القرارات الغوغائية بشأن المحروقات تشير الى جميع الساسة وجميع اتحادات العمال وجميع جماعات الضغط بأنه يوجد هنا رئيس حكومة ضعيف ومضغوط ووزير مالية لا يصمد للطوفان. ولهذا فان الضغوط ستقوى فقط وتزداد التنازلات كلما تقدمنا نحو الانتخابات، وهذا خطير حقا.

        ان نتنياهو في الحقيقة ليس "عديم العلم الاقتصادي"، لكنه يعمل وكأنه لا يفهم شيئا في الاقتصاد العام والادارة. وهو مع يوفال شتاينيتس يدهوران الاقتصاد رويدا رويدا لكن بصورة مؤكدة الى ميزانية مخروقة وعجز مفرط وخفض لتدريج الاعتماد ورفع الفائدة ومضاءلة الاستثمارات وزيادة نسبة البطالة وازمة اقتصادية عامة صعبة.

        وأملهما واحد وهو ان تحل الازمة بعد الانتخابات بيوم، والى ذلك الوقت سيبقى نتنياهو يخيفنا و"ينقذنا" ويهتم بشيء واحد فقط هو ان نضع الورقة الصحيحة في صندوق الاقتراع.