خبر في السلطة الفلسطينية لا يُقدرون صحافة التحقيق -هآرتس

الساعة 09:18 ص|01 ابريل 2012

في السلطة الفلسطينية لا يُقدرون صحافة التحقيق -هآرتس

بقلم: عميره هاس

        (المضمون: تكبيل السلطة الفلسطينية لحرية الصحافة حيث اعتُقل صحفي في رام الله نشر نبأ ادعى فيه فسادا في الممثلية الفلسطينية في باريس - المصدر).

        تبادل عدد من الصحفيين وقفوا خارج المحكمة نكاتا تتعلق بـ "ستة ملايين دولار". فقال بعضهم سنحصل عليها، لا توجد مشكلة. وقال ثان هذا صغير علينا. لكن النكات لم تُخف القلق على زميلهم يوسف الشايب الذي كان في ذلك الوقت في طريقه الى محكمة الصلح في رام الله لتمديد اعتقاله.

        قدّمت وزارة الخارجية الفلسطينية برئاسة الوزير رياض المالكي والممثلية الفلسطينية في فرنسا فيه دعوى قضائية بسبب التشهير وإساءة السمعة وطلبتا تعويضات تبلغ ستة ملايين دولار. والشايب يكتب لصحيفتي "الايام" الفلسطينية (الموالية للسلطة) و "الرد" الاردنية. وقد نشر في 29 كانون الثاني في الصحيفة الاردنية خصوصا نبأ يتعلق بدعاوى فساد في الممثلية الفلسطينية في فرنسا.

        يقول النبأ ان نائب السفير في الممثلية، صفوت، يضطر في ظاهر الامر طلاب جامعات فلسطينيين الى التجسس بين مجموعات مسلمة في فرنسا وتسليم اجهزة الاستخبارات الفلسطينية واجهزة استخبارات اجنبية هذه المعلومات. وزعم الشايب ايضا ان المالكي ورمزي خوري - مدير الصندوق الوطني الفلسطيني – وأبو نبيل – المسؤول عن الاموال في فتح – هم الذين اهتموا بترفيع صفوت برغم الشكاوى التي كانت عليه. وأضاف ان مصادر في وزارة الخارجية الفلسطينية تُنكر ألبتة جميع الدعاوى وتُعرفها بأنها "مؤامرة". وتزعم تلك المصادر ان للمشتكين من السفارة مصالح شخصية تدفعهم الى تسويد سمعة المسؤولين الذين عينتهم الحكومة الفلسطينية وم.ت.ف. وقالت المصادر ايضا للشايب ان الوزارة لا تُهمل التحقيق في شكاوى تصل اليها.

        في موقع "الرد" على الشبكة العنكبوتية ظهرت فورا عدة ردود تصادق على ما زُعم. وقد نبه واحد من أصحاب الردود الى أنه لم يصدر عن السفارة نفسها أي نبأ للصحف.

        في 31 كانون الثاني استُدعي الشايب الى مكاتب الاستخبارات العامة في رام الله. ورفض ان يكشف للمحققين عن هوية مصادره وقال انه يجب على الصحفي بحسب قانون المنشورات الفلسطيني ان يفعل ذلك فقط بأمر من المحكمة. ولأنه لم يعتبر معتقلا لم يؤخذ الهاتف منه واستطاع ان يُبلغ عما توصل اليه.

        بعد ذلك تحدث لمراسل "مركز الدوحة لحرية الصحافة"، بأنه ظهرت في هاتفه المحمول حينما كان ما يزال في مبنى الاستخبارات رسائل تهديد. وبالمناسبة اعتُقل في اليوم نفسه صحفي آخر – رامي سمارة – يعمل في وكالة الأنباء الرسمية "وفا" وفي محطة راديو محلية. والسبب أنه سخر في الشبكة العنكبوتية من قرار م.ت.ف على معاودة التفاوض (الذي علق كالمتوقع). وأُفرج عن الصحفيين في المساء لا قبل ان تظاهر أعضاء اتحاد الصحفيين في الضفة الغربية احتجاجا على اعتقالهما في وسط المدينة في ميدان المنارة.

        في 20 شباط دهش الشايب ان تبين له ان صحيفته نشرت اعتذارا عن نشر النبأ. وأُقيل ايضا بعد ذلك بأيام معدودة. وبحسب ما كُتب في موقع "مركز الدوحة لحرية الصحافة"، قدّم الشايب شكوى رسمية الى اتحاد الصحفيين الاردني ودعوى قضائية على الصحيفة. لكنه لم يستطع التقدم كثيرا منذ ذلك الحين لأنه في يوم الاحد الماضي، 25 آذار، احتجزته النيابة العامة الفلسطينية 48 ساعة. وندد اتحاد الصحفيين باعتقاله ودعا الى وقفة احتجاج مع المجيء به لتمديد الاعتقال في يوم الاربعاء الماضي، 28 آذار.

        ان مجموعة المحاكم تقع بازاء وزارة الخارجية. وفي يوم الاربعاء قبل العاشرة صباحا بقليل، لم يتم الشعور بوجود يخالف العادة لرجال شرطة ورجال أمن. ورويدا رويدا ظهر صحفيون وعدد من المواطنين والمواطنات زعزعهم الاعتقال. بل ان واحدة ما لم تقرأ حتى النبأ المُتحدث عنه قالت انها غاضبة لمجرد فكرة ان صحفيا اعتُقل بسبب عمله. وبين آخر ان الاعتقال يعتمد على قانون العقوبات الاردنية من سنة 1960 الذي لم تغيره السلطة في حين ان قانون النشر الفلسطيني من سنة 1995 يدافع عن حق الصحفي في الحفاظ على سرية مصادره. في حين كان نحو من 30 شخصا يتظاهرون في الشارع حضر عدد من زملائه الى القاعة التي أرادت فيها النيابة العامة تمديد اعتقاله من اجل استمرار التحقيق. والتهمة كما يُقتبس في صحيفة "الايام" هي: "نشر افتراءات واشاعات أضرت بسمعة جهات رسمية تمثل السلطة الفلسطينية". وجيء بالشايب الى القاعة مكبل اليدين وصاحبه رجال شرطة مسلحون. وقد استقر رأي واحد من مصادره وزهير العسلي الذي كان مترجما في الممثلية في باريس في الاثناء على الكشف عن هويته: ففي فيلم قصير في "يو تيوب" يكرر المعلومة التي سلمها الى الصحفي. لكن هذا لم يؤثر في النيابة العامة وفي المحكمة. وقد طلب المحامي داود درعاوي من القاضية فطوم عبيات ان تفرج عنه بكفالة حتى موعد بحث الدعوى، واستقر رأي القاضية على تمديد الاعتقال بـ 15 يوما. وأعلن الشايب أنه يبدأ اضرابا عن الطعام.

        قالت لي صديقة في رام الله ان "سلوك السلطات يعزز فقط الشعور العام بأن جميع الدعاوى التي أثارها حقيقية. ويرمي الاعتقال وطلب التعويض الى تخويف صحفيين وصدهم عن الكشف عن الفساد". أما وزير الخارجية الذي يمكث في بغداد من اجل مباحثات القمة العربية، فقد أصر بشدة على حق السلطة الفلسطينية باعتقال الشايب. وقال في حديث مع محرر وكالة الأنباء "معاً" قال بغضب ان السلطة هي الضحية في هذه الحالة، وأضاف ان على الصحفيين الفلسطينيين ان ينبذوهم عن صفوفهم.

        "سابقة خطيرة ويوم اسود للصحافة والصحفيين"، أعلن اتحاد الصحفيين في الضفة الغربية. وأعلن ايضا أنه يدعو جميع الصحفيين الى ان يقاطعوه مع "جائزة حرية الصحافة لسنة 2012" التي أعلنتها السلطة الفلسطينية يوم الثلاثاء.