خبر الأنباء: الحرب الغيت -هآرتس

الساعة 11:44 ص|30 مارس 2012

ترجمة خاصة

الأنباء: الحرب الغيت -هآرتس

 

بقلم: أمير أورن

(المضمون: أوباما لن يوافق على فتح جبهة جديدة قبل الانتخابات ولتهدئة نتنياهو وباراك يقترح تحويل ميزانية لبطاريات قبة حديدية جديدة. رد اسرائيل الذي يشكر امريكا يحدد الاتجاه: اسرائيل لن تتجرأ على عض اليد التي تطعمها - المصدر).

قبل دقيقتين من الساعة التاسعة مساء، من يوم الثلاثاء من هذا الاسبوع، انتهت بوقفة دقيقة صمت حرب اسرائيل ضد ايران في 2012. جنون الهجوم الجوي الهائل في الشرق اعيد الى الخزانات والى جوارير القلب. الحرب ربما لم تلغى، ولكنها بالتأكيد تأجلت. لزمن ما، يمكن اطلاق صافرة التهدئة: فهي لن تقع هذه السنة. حتى اشعار آخر، الرحلة الجوية 007 لسلاح الجو لن تقلع.

منذ صباح يوم الاحد تكبد العميد احتياط رام شموئيلي عناء نشر نداء عاجل للامتناع عن الهجوم على ايران. شموئيلي، من مواليد قرية يهوشع، هو من اولئك الطيارين الحربيين الذين انبتهم سهل يزراعيل حول قاعدة رمات دافيد التي قادها أيضا في بداية العقد الماضي. بينهم اثنان من العمداء البارزين للسلاح اليوم، رئيس السرب الجوي عميكام نوركين من بيت شعاريم وقائد تل نوف تومر بار (في الاصل بار شيرا) من كفار يهوشع، كانا مشاركين في الحملات الاكثر اهمية لسلاح الجو في السنوات الاخيرة.

شموئيلي كان رئيس سرب الاستخبارات في أركان السلاح في اثناء القتال في لبنان في صيف 2006. في حينه جيء به لاطلاع الصحفيين على العالم المغبر لرجل القرية الزراعية الذي يحرق الافاعي في أرضه، حين وعد بان يحطم بالمذرات رأس حزب الله. سنته الاخيرة كرئيس لسرب الاستخبارات انتهت في صيف 2007، قبل الهجوم على المنشأة في سوريا. وهو الان لا يدعي الاطلاع على تفاصيل التفاصيل التي تشغل بال قيادة سلاح الجو، ولكن لديه رأي خاص به.

وقال شموئيلي في حديث معه هذا الاسبوع انه "في الاونة الاخيرة كثر الخبراء الذين يشرحون لنا بان لا مفر من الهجوم في ايران التي تشكل تهديدا وجوديا على دولة اسرائيل وربما على العالم كله. بصفتي جلست ايضا في حجرة الطيار وفي دوائر الاستخبارات المختلفة ايضا، فاني مقتنع بانه لا يحتمل الا يكون العقل اليهودي قادرا على أن يبتكر طريقا آخر، أكثر ذكاءا ونجاعة من فتح دائرة هجوم مباشر".

عملية سرية ضد نظام مكروه ستساهم في الحوار بين الشعوب، يعتقد شموئيلي، وبينما "اذا تعالينا وهاجمنا هنا في زمن حكم آيات الله، فاننا سنمس بالعزة الوطنية ونفتح مع الشعب الفارسي حساسا سيبقى مفتوحا ونازفا حتى بعد سقوط الحكم".

نووي علماني

دون تنسيق بينهما بدت أقوال شموئيلي كصدى لكلمات ابن عائلة بهلوي، الذي على قرب ليس بعيدا جدا عن الشاه المطاح به محمد رضا بهلوي، الاسبوع الماضي في مدينة امريكية شمالية كبرى. الرجل، الذي هو اليوم خبير في شؤون الخارجية والامن، نفي من طهران في طفولته، مع الانصراف الاضطراري للشاه، تعلم في اوروبا وفي أمريكا ويتصرف كغربي بكل معنى الكلمة.  الفارسية يتحدثها ولكنه لا يقرأها ولا يكتبها. ويقول حين يذكر اسم عمه رضا، ابن الشاه الذي يحلم بالعودة الى المجد: "لاسفي، نحن نتقاسم العلاقة العائلية، ولكننا لا نتقام ذات الحساب البنكي".

ويتفق الايراني السابق مع التقدير بانه حتى اذا ما استعاد حلمه حتى رضا، الذي هو ايضا عدو الثورة، وقليل الاحتمال في تحقيق حلمه، فانه سيحافظ على البرنامج النووي الذي يعود في اصوله الى عهد أبيه. الشاه الجديد سيزيل عن البرنامج علائمه العسكرية، ولكنه لن يلغيه – فهذا مشروع وطني لقوة عظمى اقليمية تسعى دوما الى المكانة والنفوذ. الفارق المصيري يكمن في قطع الصلة بين القدرة النووية والنية لاستخدامها. ايران بادارة نظام مؤيد للغرب لن تكون مختلفة، مبدئيا، عن مصر أو تركيا اللتين تقرران التحول النووي.

حجج الثنائي باراك ونتنياهو في صالح الهجوم الان تعتمد على بعد الفزع. وضدها يقف تعليل أمريكي مزدوج. أولا، رغبة براك اوباما في العودة الى البيت (الابيض) بسلام، كأمر مسلم به وكما اعترف على مسمع من الرئيس الروسي ديمتري مدفديف، والذي طلب منه، في موضوع آخر ان يحصل له من سيده فلاديمير بوتين على مدة مساومة حتى الانتخابات إذ بعد ذلك سيكون له "مجال مرونة" (صيغة "منطقة المناعة" من مدرسة باراك).

ثانيا، تقدير استخباري بان ايران لم تقرر اجتياز حافة السلاح النووي. بهذه الروح عاد ليتحدث في الاسابيع الاخيرة وزير الدفاع ليئون بانيتا ورئيس الاركان الامريكي الجنرال مارتين دمباسي. وعلى حد قول دمباسي فان الزمن الذي تمنحه ادارة اوباما لاستنفاد الحوار مع ايران – والكفيل بان يستأنف بعد نحو اسبوعين – والعقوبات الاقتصادية ضدها لا يقاس بالاسابيع أو بالاشهر، بل بتعابير القدرة الاستخبارية على تشخيص خطوة ايرانية لتجاوز الحافة.

مؤخرا انتهى تحديث التقدير الاستخباري الوطني (؟؟) الامريكي من نهاية العام 2007. وحسب ما يرشح حتى الان من واشنطن، فان التغيير ليس جوهريا. كمية اليورانيوم المخصب الذي جمعته في ايران في السنوات الاربعة والنصف هذه، زعما لاغراض مدنية، اضيفت الى المعادلة، ولكن على حاله بقي الاستنتاج بان برنامج التطوير والانتاج للسلاح النووي، والذي جمد في أعقاب الاجتياح الامريكي للعراق قبل تسع سنوات، سواء لما فرضه الاجتياح من رعب على طهران أيضا أم لهزال رهبة صدام حسين مما أزال الاحساس بالحاجة الايرانية للنووي الموازي لذاك النووي الذي قد يكون للعراق.

حرب في الخليج، تنتشر ايضا الى تبادل للضربات مع اسرائيل، وإن كان من شأنها ان تشتعل كنتيجة احتكاك بحري امريكي – ايراني في مضائق هرمز الا انهم في واشنطن يرغبون في الامتناع عنها هذه السنة. في نهاية تشرين الاول، قبل اسبوع من الانتخابات، تجرى في اسرائيل وفي البحر المتوسط المناورة الكبرى "تحدي متواضع 12" بمشاركة 4 الاف جندي من قيادة اوروبا والاسطول السادس. اوباما يمكنه ان يتخذ صورة الحامي لاسرائيل ضد صواريخ ايرانية.

القاسم المشترك لسياسة اوباما (بالضبط مثل سياسة سلفه جورج بوش)، من العراق عبر افغانستان وليبيا وحتى ايران وسوريا هو انه وإن كانت مسموح بها عملية امريكية من طرف واحد للدفاع عن النفس ومن أجل مصالحها القومية الحيوية، الا أنه من أجل تحقيق نتيجة فائقة ومستمرة يفضل العمل في اطار تحالف متعدد القوميات. هذا بصراحة، بما في ذلك ما يقوله اوباما وبانيتا لاسرائيل: مع كل الاحترام لاعلاناتكم المستقلة، تفضلوا بالا تعرقلوا اعمال الانتظام الدولية. لا تخرجوا عن الاطار.

في الديمقراطيات الغربية يعتمد مثل هذا التحالف على الحكومات. في الشرق، المنشق الى عشائر، طوائف وأقاليم – على العلاقة مع الجيوش وأجهزة الأمن. بين كل الورطات، التي كانت ولا بد ستكون، يمنح اوباما اليوم اولوية لافغانستان – هو وليس بوش مسؤول عما يجري هناك في السنوات الثلاثة الاخيرة، بما في ذلك عن قصورات القيادة العسكرية التي أتاحت ذبح المدنيين – وعن سوريا. بانتظاره حلفاء اقليميين حيويين للعملية ضد نظام الاسد – الجار الشمالي تركيا والجامعة العربية – يعنى الجيش الامريكي بجمع المعلومات الاستخبارية واعداد البنية للتخطيط العملياتي. دمباسي تباهى بالعلاقات الطيبة التي للبنتاغون مع "كل الجيوش" المحيطة بسوريا، بمعنى الجيش التركي، العراق، اللبناني، الاردني والاسرائيلي ايضا.

هذا أيضا تفسير جزئي للموقف من الجيش المصري. عندما سيسقط النظام العلوي في دمشق، قال هذا الشهر دمباسي، سيقوم في سوريا حكم سُني "يكمل الطيف السُني ضد الطيف الشيعي (لايران وحزب الله). مصر ستكون حلقة هامة في هذا الطيف، وعليه فمن المهم مواصلة بناء العلاقات مع القادة.

خلافا لاسطورة "شعب وحده يسكن وبالاغيار لا يكترث"، التي يطورها نتنياهو، لن يتجرأ أي رئيس وزراء في اسرائيل، بما في ذلك نتنياهو، على مدى الزمن ان يناقض كلمة رئيس امريكي في أثناء أزمة. مشوق أن نقرأ محاضر محادثات غولدا مائير واسحق رابين والسفراء في واشنطن، رابين على نحو خاص، سمحا دينتس، مع "نفتالي" الاسم الذي سمي به هنري كيسنجر (بسبب مناوراته الملتوية (نفتالي يعني متلوٍ) أو ربما لان نفتالي هو اسم عبري موازٍ لالفرد، الاسم الوسط لكيسنجر. في حرب يوم الغفران، في الخطوات السياسية بعدها وفي فترة "اعادة التقدير"، المسألة الحقيقية كانت متى تتنازل اسرائيل تحت الضغط وأي ثمن ستجبيه مقابل تنازلاتها.

38 دقيقة

قبل 25 سنة بالضبط، في فترة المواجهة بين إدارة ريغان وايران ولكن بينما كانت مستمرة الحرب الايرانية – العراقية، قبل 37 شخصا كانوا على بارجة "ستارك" لسلاح البحرية الامريكية في هجوم خاطىء من طائرة حربية عراقية اصابت السفينة بصاروخي جو – بحر من انتاج فرنسا. الاخطاء تقع؛ فشل القيادة المحلية في احباط الهجوم لم يصل حتى كبار المسؤولين. في المرة التالية حسب اللعبة الحربية للقيادة الوسطى الامريكية قد يوقع الايرانيون 200 ضحية أمريكيين في رد صاروخي واحد على هجوم اسرائيلي، ولجنة التحقيق لن تحمي أدميرال وجنرال، وزير ورئيس.

وعليه، حتى لو كان باراك يستخف بخطورة السيناريوهات التي يقتل فيها 500 اسرائيلي فقط (وإن كان من أجل التسويق لحجم المصيبة درج على الادعاء بان قتيلا اسرائيليا واحدا يساوي 35 امريكيا)، فان معنى مثل هذا السيناريو الامريكي هو أن دم الـ 200 سيكون في رقبة اسرائيل. في اللحظة التي يتم فيها الاعراب عن الخلاف الجماهيري بمثل هذه التعابير، ليس لاسرائيل امكانية عملية للهجوم خلافا لمناشدات وتحذيرات أمريكية.

هذا هو الجانب السلبي. تتمته الايجابية عرضت هذا الاسبوع، في ذات مساء يوم الثلاثاء. في الثامنة والعشرين اعلن الناطق بلسان البنتاغون جورج ليتل بان "دعم أمن دولة اسرائيل هي أولوية عليا للرئيس اوباما والوزير بانيتا. في أعقاب نجاح منظومة "قبة حديدية" في اعتراض نحو 80 في المائة من الصواريخ هذا الشهر ستطلب وزارة الدفاع من الكونغرس إقرار تمويل كبير لشراء منظومات اخرى وفقا لما تطلبه اسرائيل وقدراتها الانتاجية". بعد 38 دقيقة من ذلك رد باراك بشكر علني لبانيتا ولنفسه ("القرار هو نتيجة الاتصالات بين وزارة الدفاع والبنتاغون").

 في الوقاحة، الاسرائيليون هم أبطال، أو ربما أبطال عظام، ولكن حتى لعض اليد التي تطعم يوجد حد – اليد المعضوضة قد تضرب. عندما يشكر باراك ادارة اوباما "على المساعدة في تعزيز أمن اسرائيل"، فانه يتنازل عن الادعاء بالعمل ضد ايران دون إذن قبل الانتخابات للرئاسة في تشرين الثاني. لكل غاية عملية، فان هذا بيان عن تأجيل الحرب حتى ربيع 2013.

يخيل أنه من السابق لاوانه أن نرى في ذلك ايضا مؤشرا أوليا لشرخ بين المسيح وحماره، لدرجة اشارة من نتنياهو لشاؤول موفاز لان يتفضل بالانضمام الى الحكومة في المنصب الذي سيشغر كوزير للدفاع. ولكن لما كان نتنياهو سيؤجل فقط تحقيق حلمه، ولن يسحبه الى الابد، فانه سيقيم برنامجه الانتخابي في الخريف القادم أو الربيع القادم، على الادعاء بانه هو وحده سينقذ اسرائيل من ايران. يمكن الاعتماد على الاسرائيليين بان الكثيرين منهم سيغريهم هذا السحر العابث، ولكن أيضا على اوباما الذي اذا ما انتخب من جديد، فسيطالب اسرائيل المساهمة بنصيبها في تجريد الشرق الاوسط من السلاح النووي، وفي نفس الوقت يوقظ من سباتها مساعيه لتسوية اسرائيلية – فلسطينية.