خبر لفني غير أهل حقا- هآرتس

الساعة 09:40 ص|29 مارس 2012

بقلم: أري شبيط

(المضمون: سيكون من الواجب على شاؤول موفاز زعيم كديما الجديد ان يعرض في غضون وقت قصير خطة سياسية جديدة وبرنامج عمل جديدا وإلا مزق كديما وجعله يتلاشى - المصدر).

        نُشر في هذه الصفحة قبل ثلاث سنين ملاحظة تحذير قالت ان تسيبي لفني غير أهل. وتسيبي لفني غير أهل في الحقيقة. فاذا استثنينا كونها صاحبة دعاية ممتازة – فهي عنيدة وتبسيطية وهجومية – فانها لم توهب القدرات المطلوبة لترأس دولة. فليس لها فهم سياسي عميق، وليس لها فهم اقتصادي شامل، وليس لها فهم انساني ألبتة. ويميل تفكيرها الى ان يكون ذا بعد واحد، وسلوكها السياسي الى ان يكون تسويغيا. لم تترك عميلة الموساد في الماضي قط أثرا ما في مجال ما من مجالات حياتنا.

        ان المحامية التل ابيبية لم تحرز قط انجازا رسميا يستحق هذا الاسم. والصدفة المدهشة وحدها جعلت عضو الكنيست المعقولة من الصفوف الخلفية من الليكود تكون هناك ببساطة. كانت وزيرة استيعاب للهجرة، وكانت وزيرة العدل، وكانت وزيرة الخارجية. لكن لفني لم تفعل في أي مكان من الاماكن التي كانت فيها فعلا حقيقيا ولم تقل قولا فيه شيء جديد. وكان ترشحها لرئاسة الحكومة داحضا من أساسه.

        لم يُصب الجمهور العريض في اسرائيل بالأوهام بالنظر الى لفني. فقد أدرك أنها لم تُخلَق من المادة التي صُنعت منها الزعامة القومية أو الزعماء القوميون. لكن النخب الاسرائيلية رفضت ان تفهم. وفي اللحظة التي نجحت لفني فيها في ان تُمهد لنفسها باعتبارها معارِضة بيبي المناوبة، اجتمع الجميع حولها وحموها. فتبنتها جماعة الاعمال واحتضنتها وسائل الاعلام وسجد المؤمنون بالسلام لوزيرة الحروب.

        برغم ان كثيرين وأخيارا عرفوا الحقيقة فان قليلين قالوا الحقيقة. وبرغم انه كان واضحا ان العلامة التجارية هي علامة تجارية فقط، فان أفرادا فقط أسموها علامة تجارية. ان قوى أنبل وقوى أقل نُبلا صانت وهْم لفني ونفخت وهْم لفني الى درجة المفارقة المنطقية. وقد جعلوا رئيسة كديما واحدة من البالونات السياسية الأعجب التي طارت ذات يوم في هذه السماء.

        ان البالونات الطائرة على الأكثر هي أمر ملون ومتفائل وغير مُضر. لكن بالون لفني الطائر سبب ضررا شديدا. فقد منعت وريثة اريئيل شارون واهود اولمرت من جهة انشاء حكومة صهيونية في مركزها الليكود وكديما والعمل. لكن رئيسة المعارضة من جهة اخرى لم تنجح في صوغ المعارضة وقيادتها الى نضال صارم للسلطة. وهي لم تُمكّن بنيامين نتنياهو من جهة من الخروج من الملجأ اليميني المتدين، ولم تنجح من جهة اخرى في ان تُسقط فوق رأسه الملجأ اليميني المتدين. ان لفني في الحقيقة انسان مستقيمة وذات قيم وشجاعة. لكنها شلّت الجهاز السياسي لكونها متشددة وصارمة ومغتربة. وقد جعل بالونها الابيض اسرائيل تخسر ثلاث سنوات ونصف سنة غالية.

        انفجر البالون هذا الاسبوع. فقد شك شاؤول موفاز الغلاف البراق بدبوس وأخرج من داخله الهواء الساخن. وقد جعل نصره الساحق الذي أحرزه في الانتخابات التمهيدية في كديما الأمل الابيض الكبير يتلاشى. ان قاعدة سياسة مختلفة قد انهارت. وأصبح وهْم القبيلة النخبوية كأنه لم يكن موجودا. وانقضى عصر كديما برئاسة لفني.

        سيكون عصر كديما برئاسة موفاز عصرا غير سهل. فشاؤول هو الضد الخالص لتسيبي. فهو ليس رجل كلام بل رجل فعل. وليس شخصية وهمية أوجدتها وسائل الاعلام بل انسانا حقيقيا من البشر للمثابرة والعمل الصعب. لكن ومن الأسف الشديد والحياء الشديد أنه سيصعب على القبيلة البيضاء ان تؤيد المولود في طهران الذي شق طريقه بعرق جبينه. ومن مزيد النفاق ان اليسار سيتحفظ من رئيس اركان الانتفاضة الذي يؤمن بتقسيم البلاد. وستهاجم شيلي يحيموفيتش ويئير لبيد بقسوة شديدة الاجتماعي الجديد الذي يهددهما معا.

        وستكون الحال هذه المرة كما كانت دائما ايضا. فالولد المجتهد الدؤوب من ايلات ونهلال سيضطر الى صعود الجبل بقواه الذاتية. وفي غضون اسابيع معدودة سيكون من الواجب عليه ان يقترح برنامج عمل رسميا اجتماعيا جريئا. وسيكون عليه في غضون اشهر معدودة ان يُحدث خطته السياسية ويتحدث بصراحة عن اخلاء المستوطنات. وسيجب على موفاز ان يبرهن سريعا على أنه زعيم أمني – اجتماعي ذو رؤيا سياسية والتزام قيمي قادر على ان يكون معادلا في وزنه لنتنياهو. فاذا أحجم أو تلعثم فسينشق كديما كالبالون لكنه اذا فعل ما ينوي فعله فستكون السماء هي حده.