خبر قدس إلعاد- هآرتس

الساعة 09:28 ص|28 مارس 2012

بقلم: البروفيسور رافي غرينبرغ

من سكان القدس، يُدرس علم الآثار في جامعة تل ابيب

        (المضمون: تصادر السلطات الاسرائيلية الآثار القديمة في القدس من الجمهور وتنقلها الى سيطرة جمعيات دينية قومية مع سكوت رؤساء مؤسسة الآثار أو تأييدهم - المصدر).

        ان الموافقة على طي خطة البناء الجديدة لجمعية العاد في "موقف جفعاتي"، مرحلة اخرى في دفن القدس القديمة من جديد. فهناك كما في باحة حائط المبكى والمباني الملاصقة لها اتحدت معا سلطة الآثار وبلدية القدس وعدد من الجمعيات الحكومية والخاصة وبادرت الى خطة "اخلاء – بناء" ترمي الى تحنيط آثار القدس القديمة – وخصوصا تلك التي لا تحكي قصة القدس اليهودية – في الأقبية: تحت مواقف السيارات وباحات الاحتفالات وقاعات المحاضرات والمطاعم والمواقع الاخرى.

        تقضي الخطة بألا يُجرب من يزورون آثار القدس القديمة التي أخذت تظهر في سياقها الطبوغرافي أو علاقتها بمبان اخرى. ولن يُرى في المنطقة التي تحاذي باحة حائط المبكى شارع أعمدة روماني يقوم بازاء جبل الهيكل ومساجده، بل سيرى غابة من الأعمدة الاسمنتية الكثيفة ونموذجا مصغرا لجبل الهيكل (من غير المساجد على التحقيق). وفي أقبية جفعاتي تحت موقف لـ 250 سيارة، سيُعرّض الزوار في أحسن الحالات لرؤية عدة غرف مقطوعة عن محيطها بين أعمدة دعم. وسيُبين لهم ان الحديث عن مبنى – ساحة مدهش يطل على جبل الزيتون وجبل صهيون (سيُعرضان عرضا ايهاميا يحصر العناية في القدس في عصر الهيكل الثاني).

        هذه أنباء جيدة في نظر السلطات لأنها تفضل ان تخصخص العناية بمناطق الآثار على تطويرها باعتبارها فضاءا عاما. بل ان المدير العام لسلطة الآثار، شوكا دورفمان، قد ذكر في نقاش للموافقة على مشروع "بيت هليبه" (وهو مبنى خُطط لانشائه في باحة حائط المبكى) أنه "يوجد في القدس الكثير جدا من المتنزهات والحدائق الأثرية المفتوحة. وأصبحت جميعها مزابل مع حمامات شمسية، ولا تتخيلون ما الذي حدث لتلك المواقع الأثرية التي تركناها مفتوحة".

        ومن المؤكد انه يعلم ما الذي يتحدث عنه لأن وصفه يلائم الاهمال في عدد من مناطق الحفر الأثري تتولى المسؤولية عنها سلطة الآثار في مدينة داود نفسها. وهو يرى ان الجمهور فقد الحق في زيارة آثار القدس بصورة حرة بسبب اختلال أوضاع النظافة وعجز سلطات الدولة. وسيحول هذا الحق الى الجمعيات الدينية والقومية التي هي المالكة الحقيقية في قلب القدس التاريخية.

        ما الذي يقوله المختصون وناس الحياة العامة؟ لا تُسمع اصواتهم. ربما لأنه لا يوجد جسم يمثل خبراء الآثار في البلاد، وربما لأنه يشغل المناصب الرئيسة في علم الآثار الاسرائيلي اليوم ناس ذوو اهتمام بالمشروعات السياحية – العقائدية في المدينة.

        متى حدث كل ذلك بالضبط وكيف سمحنا بذلك تحت أنوفنا من غير نقاش عام يستحق هذا الاسم؟ اجل حدث كل ذلك في وضح النهار وبحسب الاجراءات القانونية والقانون مع مصادقة حتى المحكمة العليا على الاعمال. وفي موقف جفعاتي للسيارات استأجرت جمعية العاد خدمات سلطة الآثار كي تحفر أسسا لمبنى خدمات وتجارة يريدون بناءه فوق أهم موقع أثري في البلاد.

        احتيج من اجل ذلك الى تغيير الغرض من الارض من منطقة عامة مفتوحة الى منطقة مؤسسات ومبان وشارع. وقد وافقت سلطة الآثار وسلطة الطبيعة والحدائق على التمكين من البناء في هذا المكان حينما يحين الوقت مع الحصول على وعد للحفاظ على الآثار نفسها. بيد انه في مثل هذه الحالات ليس واضحا أبدا ما الذي يكون بمثابة "آثار" و"حفظ". ألا تعتبر الطبقات الأثرية الثلاث أو الاربع التي أُزيلت وأُبيدت تماما في موقف جفعاتي للسيارات "آثارا"؟ وماذا عن الطبقات التي هي تحت تلك المرشحة للحفظ؟ وهل الدفن تحت موقف السيارات هو في الحقيقة عمل الحفظ الأنسب؟.

        وما نزال لم نبدأ استيضاح اسئلة أوسع مثل ماهية الفضاء العام، وتشكيلة الخصخصة والقومية، والطريقة التي يصوغون بها الذاكرة بواسطة تدمير انتقائي للماضي، أو نصيب سكان الحوض التاريخي من القدس في الحاضر، وناس البلدة القديمة وقرية سلوان في حفظ ذاكرة مدينتهم وتقرير مستقبلها. يبدو ان حكومة اسرائيل وبلدية القدس وسلطة الطبيعة والحدائق وسلطة الآثار ترى انه لا يوجد وجود حقيقي لهؤلاء الناس. فهم أشباح فقط في القدس الاسرائيلية التي هي عاصمة كل جمعياتها.