خبر حتى القضاة ضاقوا ذرعا- يديعوت

الساعة 11:47 ص|26 مارس 2012

بقلم: ناحوم برنياع

ان المحكمة العليا أبعد من ان تكون منظمة سرية. وتتميز قراراتها في اطار محكمة العدل العليا باعتبار في الحد الاقصى للقرارات والقسريات لحكومة اسرائيل ولا سيما اذا كانت هذه القرارات معللة بأسباب امنية. والصبر الذي تظهره المحكمة العليا حينما تتملص حكومات من تنفيذ أوامرها مفرط. فالحكومات تمط الحبل والمحكمة العليا ترخيه.

الى ان ضاق حتى القضاة ذرعا. هذا كاف، هذا كاف. فمنذ اربع سنين تنكل الدولة بهم بقضية البؤرة الاستيطانية في ميغرون. والوضع القضائي هناك قاطع لا لبس فيه وقرار المحكمة جازم، فلم يبق سوى تنفيذه. وبدل هذا ترسل الحكومة واحدا من وزرائها ليجري من وراء ظهر المحكمة تفاوضا مع المستولين على الارض. وينتهي التفاوض الى اتفاق مُهين للمحكمة العليا تأتي به الدولة بوقاحة ليوافق عليه القضاة.

"يوجد قضاة في القدس"، أعلن مناحيم بيغن بصورة احتفالية بعد قرار محكمة العدل العليا ألون موريه، الذي ألغى فيه قضاة العليا حيلة استيطانية لحكومته. وهذا الاعلان منه جعله يحظى بمديح كل الباحثين عن سلطان القانون في اسرائيل، فهم الى اليوم يُثنون عليه برغم انه فعل بعده فورا عكس ما أمر به قضاة العليا.

اجل يوجد قضاة في القدس. براك كشمغار، وبينيش كبراك، وغرونس كبينيش: فليس مهما في أي معسكر سياسي تربى القاضي في حداثته لأن التزامه بالقانون والقضاء والاستقامة ونظم السلطة والصدقية يغلب ذلك.

اتهم عضو الكنيست اوري اورباخ (البيت اليهودي) أمس قضاة العليا الثلاثة بشهوة القوة. وقال في ادعاء للحكمة: "لا حاجة الى انتخابات لأن قضاة المحكمة العليا يظنون أنهم انتُخبوا لادارة الدولة". والحقيقة ان الحالة عكسية لأن الحكومة هي التي دخلت مجال المحكمة حينما نقضت قراراتها.

ولهذا من المناسب ان نسأل أين كان المستشار القانوني للحكومة حينما جاؤوه بالاتفاق الذي أملاه الذين استولوا على الارض. ولماذا لم يمزق الورقة إربا إربا. وأين كان اهود باراك الوزير الذي تخضع المستوطنات لسلطته. وما هي الصلة بين ادعاء  باراك احترام المحكمة وسلوكه بالفعل. وأين كان بني بيغن فارس سلطة القانون. وكيف جُر الى هذه الحماقة التي تدعي الحكمة. وأين فقد قيمه.

حينما يستقر رأي مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة وهو جسم معاد لاسرائيل على نحو سافر، على تعيين لجنة تحقيق في شأن المستوطنات، تُجند جميع أبواق دعاية حكومة اسرائيل للتنديد به. اجل ان مجلس الامم المتحدة هو جسم متلون وكاذب آخر شيء يهمه هو حقوق الانسان. لكن الرضا عن التنديد به لا يمكن ان يطمس على التلون والكذب اللذين يصاحبان سياسة حكومات اسرائيل الاستيطانية.

وليس هذا بعد كل شيء. ان الحكومة تهدد الآن ردا على قرار مجلس الامم المتحدة بتعويق اموال الجمارك التابعة للسلطة الفلسطينية عنها. وجانب الظلم في هذا التهديد واضح لأن المال كله لهم. وجانب الحماقة ايضا واضح لأن هذا المال يمول محاربة السلطة للارهاب. فهو يعمل من اجلهم لكنه يعمل من اجلنا ايضا. وواضح ايضا جانب المهانة، فالاسرائيليون اخطأوا ويُعاقب ضحايا الخطيئة عليها.

أمهلت المحكمة العليا الحكومة اربعة اشهر لانهاء عار ميغرون. وهذا تحدٍ لا يستهان به. وتستطيع الحكومة ان تستعمل قانونا يلتف على المحكمة العليا ويلقي ظلا على سلطة القانون في اسرائيل ويُستقبل باستهجان في العالم الديمقراطي كله، أو تستطيع ان تهتم بأن تُعاد الارض التي أُنشئت عليها البؤرة الاستيطانية الى أصحابها. فلا يمكن الامساك بعصا ميغرون من طرفيها بعد الآن.