خبر أم جميع إضاعات فرص السلام -هآرتس

الساعة 11:41 ص|26 مارس 2012

بقلم: عكيفا الدار

(المضمون: مبادرة السلام العربية هي الاطار الوحيد للسلام مع اسرائيل وهي ما تزال معروضة على اسرائيل وإضاعة اسرائيل لها خطأ كبير وندم عظيم - المصدر).

        غدا بحسب التقويم الميلادي سيكون قد مر عشر سنين على العملية الارهابية في فندق "بارك" في نتانيا التي خلفت ثلاثين قتيلا حول مائدة ليل عيد الفصح. وفي يوم الاربعاء سيكون قد مر عشر سنين على مبادرة السلام العربية التي كانت بدايتها مخططا سعوديا اردنيا. وفي يوم الخميس سيكون قد مر عشر سنين على عملية "السور الواقي" – وهي عملية رد على العملية الشديدة الوقع في نتانيا. ونتيجة الربط بين هذه الأحداث الثلاثة هي أكبر إضاعة فرصة لدولة اسرائيل ونصر مجيد لأعداء المشروع الصهيوني.

        في الثامن والعشرين من آذار 2002، بعد 85 سنة من تصريح بلفور، استقر رأي زعماء الدول العربية على التسليم لوجود وطن يهودي في الشرق الاوسط في حدود متفق عليها ومعترف بها. وبعد مرور بضعة اشهر باركت جميع اعضاء منظمة التعاون الاسلامي (ومنها ايران بقيادة الرئيس محمد خاتمي) الـ 57 المبادرة التي تعرض على اسرائيل تطبيعا مع الجميع. ومقابل ذلك انسحاب من الاراضي التي احتلت في 1967 وحل عادل متفق عليه لمشكلة اللاجئين على أساس قرار الامم المتحدة 194. ان كلمة "متفق عليه" تمنح اسرائيل بالفعل حق الاعتراض على عدد اللاجئين الذين يُسمح لهم بدخول أبوابها. ويعود متحدثون عرب كبار ويؤكدون ان المبادرة هي اطار فقط لتفاوض في الحدود والترتيبات الامنية وسائر القضايا الجوهرية.

        ان العملية التفجيرية وعملية "السور الواقي" التي حدثت بعدها، دفعتا آنذاك المبادرة الى الصفحات الخلفية في الصحف. ويكشف كتاب محمد عرمان من كتائب عز الدين القسام "نظرة الى المقاومة من الداخل"، عن أن التزامن بين العملية في نتانيا واطلاق المبادرة العربية لم يكن عرضيا.

        في الكتاب الذي نشر قبل سنتين يتحدث عرمان الذي حُكم عليه في اسرائيل بـ 36 مؤبدا، عن أحاديث تمت مع اصدقائه من حماس التقى أكثرهم لأول مرة في السجن الاسرائيلي. وتبين في هذه الأحاديث كما كتب انه قبل مؤتمر القمة في بيروت ببضعة اسابيع تلقت جميع الخلايا توجيها من المستوى الأعلى في المنظمة الى احباط المبادرة. وخلال العقد الاول لاتفاق اوسلو تعلموا في حماس ان العمليات الارهابية هي طريقة مجربة للقضاء على كل تهديد بالمصالحة مع اسرائيل في مهده.

        لكن وبرغم الغزو الاسرائيلي لمدن الضفة الذي قتل خلاله 250 فلسطينيا، بعد مرور سنة، أصرت القمة العربية وكأنها تريد ان تُغضبنا على ان توافق من جديد على المبادرة وتقدمها الى اسرائيل مرة اخرى. وبعد وقت قصير من ذلك كتب رئيس الولايات المتحدة آنذاك جورج بوش في خريطة الطريق ان المبادرة هي "عنصر حيوي في الجهد الدولي للدفع بالسلام الشامل الى الأمام في الشرق الاوسط".

        فماذا كان رد حكومة الليكود برئاسة اريئيل شارون الذي أصبح بعد ذلك مؤسس كديما؟ شملت مادة المبادرة في قائمة الـ 14 تحفظا منها على "الخريطة". وفضل شارون بدل مسايرة الدول العربية كلها ان يخلي عددا من البيوت في غوش قطيف، وكما قالت تسيبي لفني التي أيدته ذات مرة، ان يرمي المفاتيح وراء الحدود أو الى يدي حماس اذا شئنا مزيدا من الصحة.

        في تموز 2007 تحدث مسؤول كديما الكبير مئير شتريت الذي كان آنذاك وزير البناء والاسكان انه عرض في 2002 على شارون ان يدعو السعوديين لمناقشة مبادرتهم لكن شارون لم يفعل شيئا. ويقول شتريت انه عرض على اهود اولمرت ايضا ان يتبنى المبادرة وأُجيب بأن هذا غير مطروح للنقاش. وبرغم ان الجامعة العربية حرصت على تصديقها كل سنة فان حكومة كديما لم تُجر أي نقاش للمبادرة.

        ان لفني وشاؤول موفاز لم يحركا ساكنا ايضا من مقاعد المعارضة ليطرحا للنقاش واحدة من مبادرات السلام الوحيدة التي تستحق صفة "تاريخية". وحكومة الليكود برئاسة بنيامين نتنياهو تخطو على أثر سابقتها. فبيبي يفضل ان يجند حلفا ليحارب المشروع الذري الايراني على تجنيد حلف سلام مع أعداء طهران، ويهمه بناء المستوطنات في المناطق أكثر مما يهمه بناء الثقة مع الفلسطينيين.

        برغم ان وجه الشرق الاوسط ليس كما كان قبل عشر سنين فانه توجد أدلة على ان مبادرة السلام العربية ترفض الاختفاء. فقبل ثلاثة اشهر قال الامين العام لمنظمة التعاون الاسلامي، البروفيسور أكمل الدين احسان اوغلو في محاضرة في الدوحة ان المبادرة كانت وما تزال الاطار الوحيد للسلام مع اسرائيل وهي لن تنتظر حتى نهاية الزمان، وستكون إضاعتها بكاء الدهر.