يصادف اليوم عيد الأم

خبر هدايا أمهاتنا بغـزة.. وردة حمراء وكفن أبيض وشموع لا تنطفئ

الساعة 09:01 ص|21 مارس 2012

غـزة (خـاص)

 

على الرغم من الاختلاف حول الاحتفال بعيد الأم في العالم الإسلامي، إلا أن العديد من البلدان تواصل الاحتفاء به كيوم تُقدم فيه الهدايا للأمهات تقديراً لدورهن، ولا تختلف "فلسطين" كثيراً عن غيرها سوى أنها تحتفل به بطريقتها الخاصة.

ففي كافة أرجاء العالم تقدم الهدايا الرمزية بمختلف أنواعها للأمهات باعتبارها مناسبة سعيدة تُكرَّم فيها الأمهات، ولكن الأم الفلسطينية لها من الهدايا ما هو مختلف وخاص بها، فهي أم الشهيد التي تقدم لها الأكفان لتكفن بها أبنائها الشهداء الذين يرتقون للعلا بسبب العدوان الصهيوني المتواصل على قطاع غزة.

والدة الشهيد عبيد الغرابلي، تحدثت لـ "وكالة فلسطين اليوم الإخبارية"، بحرقة وألم، فهذا اليوم لم تتذكر فيه أنه عيد للأم، ولكن ما تستذكره هو أن هذا اليوم هو يوم مولد ابنها الشهيد الذي يتم فيه الخامسة والعشرين من عمره شهيداً، فقد طالته طائرات الاحتلال الصهيوني خلال التصعيد الأخير قبل أن يحتفل بعيد مولده.

وتابعت بصوت متقطع:"اليوم ليس عيد  ميلاد الأم بل عيد ميلاد عبيد, ابني الصغير الذي أتذكر وجهه البشوش وابتسامته واشراقته المميزة، فهو لا يعني لي شيئاً سوى ذكرى ميلاد واستشهاد حبيبي عبيد، فهديتي كانت استشهاده، متمنيةً ونبرة الاشتياق في صوتها أن يسكنه الله فسيح جناته.

والدة الغرابلي لم تستطع أن تُكمل حديثها..فجرحها مازال مفتوحاً ولن يندمل، ودموعها سبقت كلماتها لتنهي حديثها بطريقتها الخاصة التي اعتادت عليها منذ استشهاد نجلها.

أما والدة الأسير فهي التي تطلب من الله في عيد الأمهات أن يهديها ابنها حضناً وقبلة تمحي بها سنوات الشقاء التي قضتها خلال اعتقاله في زنازين الاحتلال الصهيوني، الذي أبى إلا أن يكون له بصمة عار في يوم الأم الفلسطينية.

أم الأسير زهير أبو الجديان البالغ من العمر (31 عاماً) حوكم 12 عاماً قضى منهما ثمانية سنوات وتبقى له أربع سنوات، ويقبع الآن في سجن النقب، لم تطلب في عيدها سوى أن تحتضن نجلها الذي حرمت منه خلال السنوات التي مضت.

وتضيف والدته لـ مراسلة "وكالة فلسطين اليوم الإخبارية": "كيف لأمهات فلسطين أن يحتفلن وهن يودعن أبنائهن شهداء وجرحى، وأخريات لا يسمعن أصوات أبنائهن القابعين في سجون الاحتلال، فالحياة لم يعد لها طعم بدون أبناءنا".

ولم يتبق لأم زهير وأمهات آلاف الأسرى القابعين في سجون الاحتلال سوى بقايا صور كانت تجمع الأسير وعائلته، تتوسد بها الأمهات ليلة عيدهن لتحتفل بدموعها مع نجلها الذي يفارقها ويحرمها الاحتلال رؤيته.

ولأن من الواجب الاحتفاء بـ "الأم" قررت المواطنة أم خالد عوض الله ألا تشتري هدية تخص والدتها بل أن تقدم قيمتها النقدية لوالدتها لتعينها في شراء دوائها الذي لم تعد قادرة على توفيره نظراً لضيق حالتها المادية بعد وفاة زوجها المعيل لها.

وتشير عوض الله لـ مراسلة "وكالة فلسطين اليوم الإخبارية" إلى أنها قررت ألا تقدم هدية عينية لوالدتها نظراً لأنها بحاجة لما هو أهم من الهدية وهو الدواء، موضحةً أن النساء في غزة تبدو أكثر حزناً في عيدها لأنها تبكي أكثر مما تبتسم.

أما الطفل محمد صلاح الدين الذي يدرس في الصف الرابع الابتدائي، فقرر أن يهدي والدته وردة حمراء اشتراها من مصروفه اليومي، ليعبر بها وبطريقته الخاصة عن حبه لأمه، خاصةً وأن بائعين للورد كثر تجمعوا أمام المدارس ببسطات تحمل الورود الحمراء.

أما أمهات أخريات فاخترن أن تكون هديتهن شمعة تنير لهن البيت، في ظل استمرار انقطاع التيار الكهربائي، وسط دعوات بإنهاء أزمة الكهرباء التي باتت تؤرق النساء، وتُحول حياتهن لجحيم وصراع مع الزمن، خاصةً مع مواعيد انقطاع التيار الكهربائي.

هذه هي الأم الفلسطينية، تتكلم ولا يسمع صوتها، وتتألم ولا أحد يشعر بأنينها المتواصل على مدار سنوات الشقاء التي لا تنتهي، فهذه ترحل قبل أن تنعم برؤية نجلها، وأخرى تتألم وهي تودع شهيدها، وأخريات يحملن هموماً لا تُحتمل، لتبقى هديتهن المتواضعة كفن ووردة وشمعة.