خبر ورقة نتنياهو الرابحة -معاريف

الساعة 10:22 ص|20 مارس 2012

ورقة نتنياهو الرابحة -معاريف

بقلم: جفري غولدبرغ

(المضمون: نجاح اوباما في دور الشرطي الطيب يعتمد كثيرا على استعداد العالم للتصديق بان نتنياهو هو الشرطي الشرير. وأعترف بأن فكرة أن الرجلين يحيكان معا مؤامرة ضد ايران تبدو مقنعة للغاية - المصدر).

        في كل مرة أصل فيها الى الشرق الأوسط، أجد نفسي متأثرا بكل نظريات المؤامرة. قد يكون هذا هو الهواء، ربما (انعدام) الماء، ولكن شيئا واحدا مؤكد: ما يبدو مدحوضا تماما في الولايات المتحدة لا يبدو هنا هاذيا بقدر كبير.

        في زيارتي هذه المرة قال لي مسؤول كبير سابق في الجيش الاسرائيلي – وأناس آخرون، أسوياء العقل تماما، اتفقوا معه – ان بنيامين نتنياهو يخدع: لم يكن له أبدا أي نية للخروج الى عملية عسكرية ضد البرنامج النووي الايراني. وهو يعمل مع اوباما من خلف الكواليس كي يوقف ايران من خلال العقوبات. وحسب هذا التحليل، فان نتنياهو يحاول خلق وضع تؤمن فيه الولايات المتحدة، باقي الدول الغربية والزعماء العرب بأن عليهم أن يمنعوا ايران من تجسيد حلمها النووي، والا فانهم سيعانون من الفوضى التي ستأتي في أعقاب الهجوم العسكري الاسرائيلي المفعم بجنون الاضطهاد.

        لا يمكن رد هذه النظرية ردا باتا. قبل كل شيء، هذه حقيقة: اسرائيل لا تزال لم تهاجم ايران، رغم أن كل زعمائها، بدءا باسحق رابين، شددوا على الخطر المحدق من البرنامج النووي الايراني على وجود اسرائيل. اضافة الى ذلك، في اثناء السنتين الاخيرتين على الاقل قال خبراء ان هناك احتمالا عاليا بان تهاجم اسرائيل بالفعل. ومع ذلك، هذا لم يحصل.

        سبب آخر يدفع الى التفكير بانه قد يكون هناك شيء ما في هذه النظرية هو شخصية نتنياهو: فهو افضل بكثير في الاقوال مما في الافعال. ورغم صورته كمتطرف يسارع الى الزناد، عمليا – وبالتأكيد مقارنة مع أسلافه – لم يمارس القوة الا بشكل مدروس جدا ضد أعداء مثل حماس وحزب الله. وما "يمارسه" بكثافة حقا، هو الكلام، وبواسطته يصف بدراماتيكية حجوم الكارثة المتوقعة.

        خطابه في مؤتمر ايباك في 5 اذار في واشنطن هو نموذج ممتاز. امام جمهور من 13 ألف يهودي وضع خطا مباشرا بين اوشفتس في 1944 وبين المنشآت النووية الايرانية اليوم. اذا كان البرنامج النووي الايراني هو بالفعل استمرار مباشر لاوشفتس، فقد كان نتنياهو ملزما بان منتصف خطابه ان يصدر للطائرات الاوامر بالانطلاق على الدرب. ولكنه لم يفعل ذلك.

        المسؤول الكبير السابق في الجيش الاسرائيلي الذي تحدثت معه في تل أبيب طرح ثلاثة تفسيرات محتملة لحقيقة أن نتنياهو لم يعد بعد: 1. هو يعاني من الشلل ولن يعمل، ولا يهم كم هو يؤمن بأن التهديد الايراني جدي؛ 2. يخشى من أزمة في العلاقات مع حلفاء اسرائيل، اذا قرر العمل على نحو مستقل؛ 3. هذا كله جزء من لعبة يشارك فيها مع اوباما.

        لا أزال مقتنعا جدا بان نتنياهو جدي حين يقول ان اسرائيل ستهاجم ايران لمنعها من نيل سلاح نووي، ولكني أعترف بأن الخيار الثالث مثير جدا للاهتمام. ولا سيما لانه يخيل أن الخدعة الاسرائيلية تنجح على نحو جميل.

        اوباما ونتنياهو لا يستطيبان الواحد الآخر. للناظر المحايد واضح  أنه لا تسود علاقات ثقة بين الرجلين. ومع ذلك، فانهما حققا في السنتين الاخيرتين معا شيئا استثنائيا. العقوبات التي فرضها اوباما هي من أشد العقوبات التي فرضت في أي وقت مضى على أي دولة كانت. بل ان بعض المحافظين يعتقدون بانها قد تنجح في اخضاع الايرانيين. وكيف سينجح اوباما في اقناع العالم بان العقوبات ضرورية؟ في أنه أشار الى نتنياهو وقال: اذا لم تتعاونوا معي فان هذا النموذج سيشعل الشرق الاوسط.

        نجاح اوباما في دور الشرطي الطيب يعتمد كثيرا على استعداد العالم للتصديق بان نتنياهو هو الشرطي الشرير. احد غيرهما لا يفهم تماما الالية بين اوباما ونتنياهو. لا أحد يعرف ماذا قالا الواحد للاخر في البيت الابيض في 5 آذار، ولا حتى مستشاريهما المقربين. وأعترف بأن فكرة أن الرجلين يحيكان معا مؤامرة ضد ايران تبدو مقنعة للغاية. كما اني مقتنع بان التصديق بان ليس لنتنياهو النية لان يقصف بنفسه ايران هو أمر خطير.

        ولكن مع الحقائق لا يمكن للمرء أن يتجادل: نتنياهو يثبت أنه لاعب قمار خبير. اوباما قال لي في مقابلة أنه بصفته رئيسا للولايات المتحدة فانه لا يخدع. ولكن يخيل لي أن السؤال الاهم هو: هل نتنياهو يخدع؟