خبر نجاح وظلام في ايران.. هآرتس

الساعة 03:50 م|18 مارس 2012

بقلم: جدعون ليفي

(المضمون: حتى لو نجح الاسرائيليون في ضرب ايران وتدمير منشآتها الذرية فلن يؤخر ذلك ايران سوى سنتين على الأكثر وسيسقط قائدا العملية الاسرائيلية باراك ونتنياهو لا شك - المصدر).

لا حاجة الى إكثار القول في احتمال الفشل، فاذا لم ينجح الهجوم في القضاء على المنشآت الذرية فستتلقى اسرائيل ضربة كضربة يوم الغفران وستتضرر قدرتها على الردع وتظهر بمظهر نمر من ورق، وسيكون الانتقام الايراني آنذاك ايضا مؤلما بصورة مميزة.

لكن تعالوا نأمل ان يسير كل شيء كما يُرام فتقصف الطائرات كل المفاعلات الذرية وتُدمر المنشآت الى أساسها، آنذاك ايضا يوجد خطر ان يسقط عدد من الطائرات والعياذ بالله لتصبح عندنا قضية رون أراد الثانية. لكن نجاحا (تاريخيا) لا يُجادَل لأن المقابل عظيم. ونقول بعد ان كبار مؤيدي الهجوم ايضا الذين يزداد عددهم بسرعة مخيفة، يعترفون بأنه لا يوجد أي احتمال لأن تجلس ايران مكتوفة اليدين، فلا يُرد على الهجوم الاسرائيلي بضربة مضادة وحشية. ليس هذا ممكنا. ان رشقات صواريخ من الشرق والشمال وربما من الجنوب ايضا ومنها رشقات على دولة تل ابيب ايضا ستشل اسرائيل. وقد يطول هذا زمنا. وعد وزير الدفاع بـ 500 قتيل في أقصى حد وربما قلل وربما لم يُقلل، لكن نشك في ان تكون اسرائيل منيعة ومستعدة لهذا العدد من القتلى في وقت قصير. والدم والثكل والاقتصاد الذي سيقف بمرة واحدة، سيهاجر اسرائيليون ويبتعد سياح ويسود يأس وخوف في المستوى الوطني.

لكن كل هذا غير كاف، فالايرانيون وهم شعب الذاكرة القوية لن ينسوا ولن يغفروا. سينظرون الى نجاح اسرائيلي بالطبع باعتباره أكثر خطرا من كل "آيات شيطانية"، فاذا كان سلمان رشدي يحيى خائفا من ايران منذ ثلاثين سنة تقريبا فسيكون رعب الفتوى التي ستصدر على الاسرائيليين أكبر وأطول مدة كثيرا. وستحين آنذاك مرة اخرى نهاية الحديث بالعبرية وراء نقطة الانطلاق في مطار بن غوريون. حذارِ، المنتقمون الايرانيون في كل مكان.

ستكون ايران اذا قُصفت وهُزمت منتقمة، وسيُقدَّم انتقامها ساخنا وباردا معا. ستكون أولا الصواريخ على اسرائيل ثم تأتي سنين من العمليات الارهابية في العالم. ونُذكر ان كل هذا سيكون في حال نجاح اسرائيلي يدير الرؤوس. وسيأتي رفع سعر النفط في العالم، وهو ايضا نتيجة مباشرة حتمية للنجاح، الى البيت الابيض بواحد من اثنين: رئيس ديمقراطي غاضب أو رئيس جمهوري جاهل ويميني، وكلاهما غير جيد لاسرائيل. وستغضب اوروبا ايضا، ولا يوجد ما نقوله عن روسيا والصين. ونعود الى ايران: ستعاود ايران تطوير قدرتها الذرية سريعا وستحتاج لذلك الى سنتين حتى بحسب رأي أكبر المتحمسين للهجوم. فعلمها لن يُقصف أبدا ودافعها سيزداد قوة ويكون قويا كالموت وأكبر كثيرا من هذا الحالي. وسيتحد الشعب الايراني أكثر حول قيادته وتزداد كراهية اسرائيل أكثر.

ومع ذلك نكون ربحنا سنتين. وستكونان سنتين صعبتين على اسرائيل، وماذا يكون في نهايتهما؟ أقصف آخر؟ أنجاح آخر؟ سيكون في الاثناء عدد من التسليات الصغيرة: "ستُدمر اشياء كثيرة وسيبكي كثيرون ايضا، لكن الغوغائيين سيصمتون"، كما كتب الشاعر أهارون شبتاي. فقد تناول شبتاي احتمال هزيمة، لكن في حال نجاح حقيقي ايضا يجوز لنا ان نفترض ان بنيامين نتنياهو واهود باراك لن يبقيا. ورؤساء الحكومة ووزراء الدفاع لا يجتازون على نحو عام ألبتة حالات خسائر جماعية. هذا ما كان في حرب يوم الغفران الفاشلة وفي حرب لبنان الاولى الناجحة ايضا. ولن ينسوا لهذين الاثنين أضرار النجاح وسيضطران الى النزول عن خشبة المسرح حتى لو كانا منتشيين بالنصر في البداية.

ربما يُكف جماح الصلف الاسرائيلي شيئا ما ايضا، فربما يفهم عدد أكبر من الاسرائيليين الذين تعلموا تجربة حربة 1967 ان النجاح العسكري ايضا قد ينتهي الى البكاء والندب لأجيال. وربما يفهم عدد أكبر من الاسرائيليين، وقد تعلموا دروس الحروب الاختيارية التي ترمي الى احراز سيطرة اقليمية، ان الطريق الى تثبيت مكانة اسرائيل في المنطقة لا تمر عن طريق القصف. "سنصحو ونعود لنصبح بشرا نُمسك بأقلام الرصاص"، كما قال شبتاي في قصيدته، وسيكون لنا آنذاك العزاء الوحيد في النجاح المتوهم الذي قد يلّم بنا قريبا ويكون أخف قليلا من نقيضه الفظيع.