خبر بين عاصفة البامبا وغزة -هآرتس

الساعة 10:19 ص|15 مارس 2012

 

بين عاصفة البامبا وغزة -هآرتس

بقلم: جدعون ليفي

(المضمون: يتسلى الاسرائيليون منذ شهور بأمور تافهة لا شأن لها في حين يُعرِضون اعراضا شديدا في غير اكتراث ولامبالاة عن الامور المهمة المصيرية كالعلاقة مع الفلسطينيين - المصدر).

        عاش مليون من سكان الدولة مرة اخرى خلال اربعة ايام واربع ليال متوالية في رعب وخوف. وهناك تجديد لأنه لم يحاول أحد هذه المرة طمس الحقائق: كان الخوف الجماعي متوقعا ونشأ باعتباره نتيجة مباشرة لعملية اسرائيلية عنيفة. ومع كل ذلك لم يخطر ببال أحد ان يعبر عن معارضة. صه حتى عن السؤال: أحق أُحبطت عملية تفجيرية؟ أحق ان الامين العام للجان المقاومة هو واحد من الاشخاص النادرين في التاريخ البشري الذين لا بديل عنهم؛ أحق كانت تصفيته مجدية أو قانونية.

        جرى تقبل التصفية والانتقام هنا كأنهما قضاء وقدر، وقوة من القوى العليا وعاصفة في سماء الجنوب – وضربة تمضي مع الريح. خاف الجنوب وتجاهل الشمال وتأثر الجميع معا بحملة اعتراض الصواريخ والترويج لـ "القبة الحديدية". ولا توجد معارضة في هذه الايام في اسرائيل. ولا في هذه الايام فقط. يمكن ان نُخمن وضعا كانت اسرائيل تتابع فيه الى غزو بري آخر لغزة. أوكان أحد يرفع صوته معارضا؟ من المؤكد ان لا. من المؤكد ان شاؤول موفاز كان سيؤيد وكذلك ايضا تسيبي لفني كما يبدو (التي لم يُسمع صوتها مرة اخرى هذا الاسبوع)، وشيلي يحيموفيتش مشغولة حتى أعلى هامتها بأرباب المال، وكان سيصدر عن يئير لبيد عبارة "حسن، باي" عقائدية اخرى، ودفني ليف في حملة دعائية خارج البلاد معارضة لتعريف اسرائيل بأنها دولة فصل عنصري، وفي صفحة الشبكة الاجتماعية لزهافا غلئون لا يوجد ذِكر لما يجري في الجنوب، واعضاء الكنيست العرب مُقصون كالعادة عن كل نقاش.

        واذا لم يكن هذا كافيا فاننا نقول ان هذا يبدو طبيعيا ايضا للجميع. هذه هي الحال، لا يوجد ما نفعل. هناك واقع صعب في الجنوب على أثر عملية لاسرائيل خيارية – ولا يخطر ببال أحد ان يُصعب أو ان يشك أو ان يعرض بديلا. ألم تطلق حماس النار؟ هذه سخافة. هل أعلنت أنها تركت المقاومة العنيفة؟ هُراء. فهل بدت مصر مرة اخرى على أنها الوحيدة القادرة على احلال التهدئة برغم كل الاخوان المسلمين فيها؟ فليكن وماذا يعني. هل نحادث حماس – ماذا هل جُننا؟ ان ممثل فكاهة من الجنوب فقط عرض فكرة لامعة في التلفاز هي الاستمرار في الاغتيال في غزة "الى نفاد الاحتياطي". انها لفكرة. ضحك. وديمقراطية اسرائيلية لا معارضة فيها، بريئة من كل فكر بديل عن السلطة – وهذا تجديد عالمي.

        لكن تمهلوا فالنفوس هنا عاصفة مع كل ذلك. فمنذ يومين تعصف هنا عاصفة البامبا التي تفوق في سعتها عاصفة الجنوب تقريبا. أنظروا، لولا احتجاج الصيف لكان طفل البامبا أصبح "رُقية" اسرائيل الرسمية؛ والتدخل العام النزيه وحده منع هذه المهانة.

        أُغرقت الشبكة العنكبوتية بالردود، فقد هددت وزيرة الرياضة بالتدخل، وطلب رئيس لجنة التربية في الكنيست اجراء "نقاش طواريء"، وجند اصحاب أعمدة صحفية أنفسهم للنضال، والطفل الحسن لبامبا لن يخطو في لندن. أهذا فصام واضطراب نفسي. أصبح الجميع فجأة رياضيين يهتمون بنقاء الوفد الاولمبي ويتحفظون من شركات تجارية، وأصبح هناك فجأة احتجاج ومعارضة وحركة معارضة شعبية.

        حتى لو كان هذا الاحتجاج عادلا في أساسه ولا مكان في الحقيقة للتغطية التجارية على رُقية وطنية، ماذا عن التناسب؟ ان هذه المبالغة ترمي الى هدف واحد فقط هو التغطية على عورة عدم الاكتراث وأن نوهم أنفسنا بالمشاركة. هذا هو الجانب الثاني من عدم تسييس احتجاج الصيف. لأن الحال كذلك في ديمقراطية مشاركة، وهكذا تكون مع وجود مجتمع مدني يقظ.

        لكن في الجانب الثاني من الكيس المضاء يختبيء عدم الاكتراث الملازم. ان العواصف العبثية في الشهور الاخيرة – البامبا والأخ الكبير وبيسك زْمان ونشيد هتكفا بل فضيحة الغاء السفر المجاني للجنود في القطار مدة ثلاث ساعات متوالية في الاسبوع – كل ذلك لا يستطيع ان يغطي على العار: وهو أنه في ارض البامبا، البامبا لاند تُبعث للحياة السخافات والهراء فقط. ويجب ان نعلم انه توجد صلة مباشرة بين عاصفة البامبا وعدم الاكتراث لغزة – ففيهما يلمع نجم الشعور الوطني الأعمى والرخيص. وأي دُمية ستخطو باسمنا في الملعب الاولمبي في لندن؟ ان هذا يهمنا أكثر بكثير مما يجري باسمنا في غزة.