خبر روايات الحياة تحت الحصار..تقرير: المستشفيات تتوقف عن العمل

الساعة 10:42 ص|14 مارس 2012

غزة

لقد تسبب الحصار الإسرائيلي غير القانوني المستمر على قطاع غزة والعقوبات الدولية المفروضة على السلطات في غزة، بالإضافة إلى الانقسام فيما بين الوزارات في غزة ورام الله في خلق أزمة وقود وكهرباء في قطاع غزة. 

ونتيجة لذلك، تواجه منشآت المياه والصرف الصحي، والمستشفيات، وغيرها من مراكز الرعاية الصحية صعوبات كبيرة في تقديم الخدمات الأساسية للسكان في غزة، وهو ما من شأنه تقويض الحق في الصحة والحق في الحياة.  لقد أصبحت تلك المشكلات سمة ملازمة للحياة في قطاع غزة منذ فرض الحصار على قطاع غزة في عام 2007.

في شهر يناير 2011، قررت السلطات في قطاع غزة وقف استيراد الوقود الصناعي من "إسرائيل" نتيجة لعدم ثبات إمدادات الوقود وارتفاع الأسعار.  ومنذ ذلك الحين وقطاع غزة يعتمد بشكل على إمدادات الوقود غير الثابتة التي يتم تهريبه من مصر إلى القطاع عبر الأنفاق.  وبتاريخ 14 فبراير 2012، وبعد عدة أيام من توقف إمداد قطاع غزة بالوقود المصري عبر الأنفاق، اضطرت محطة الكهرباء الوحيدة في غزة إلى التوقف عن العمل ما أدى إلى انخفاض تزويد أجزاء كبيرة من قطاع غزة بالكهرباء إلى ست ساعات فقط يومياً. 

يهدد هذا الانقطاع غير المبرر للكهرباء حياة المرضى وسلامتهم.  وخلال أوقات الصعيد، كما حدث في الأيام الخمسة الماضية، تبذل المشافي جهوداً كبيرة للتعامل مع تدفق المصابين.  نتيجة للهجمات الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة، قتل 25 فلسطينياً وجرح 75 آخرون، معظمهم من المدنيين.

يتعامل المهندس بسام علي الحمادين، مدير قسم الهندسة والصيانة في مستشفى الشفاء بغزة، مع تبعات أزمة الوقود والكهرباء بشكل يومي، حيث يقول: "إن أكثر المرضى المعرضين للخطر هم أولئك الذين يخضعون للعلاج في وحدة العناية المركزة، والأطفال في الحضانات، ومرضى الفشل الكلوي، والمرضى الذين هم بحاجة إلى عمليات جراحية.  نحمد الله لأن أياً من المرضى لم يتوفّ حتى الآن، ولكننا نواجه أشكالاً أخرى من الخسارة بسبب أزمة الكهرباء، حيث تعطلت خلال الأسبوعين الماضيين مولدات كهربائية تعتمد عليها ست عيادات صحية مركزية في قطاع غزة لأن هذه المولدات ببساطة غير مهيأة للعمل للفترات الزمنية التي نحتاجها، فالمولدات الكهربائية مصنعة لحالات الطوارئ قصيرة المدة التي لا تتجاوز ساعات قليلة. 

علاوة على ذلك، فقد تعطلت مولداتنا الكهربائية وغيرها من الأجهزة نتيجة للانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي ، كما أن تذبذب التيار الكهربي يؤدي إلى أعطال ومشاكل في الأجهزة لدينا.  نحن بحاجة الآن إلى قطع غيار وزيوت للقيام بأعمال الصيانة اللازمة لتلك الأجهزة."

يدرك كمال أبو عبادة، نائب مدير وحدة العناية المركزة في مستشفى الشفاء، المخاطر المحدقة بالمرضى الذين يرعاهم.  "الأمر محزن بالنسبة لي كطبيب، فأنا أعمل طوال الوقت للحفاظ على حياة المرضى، وعندما تنقطع الكهرباء تصبح حياة المرضى في خطر، وإن حدث لهم مكروه، فإن جهودي ستذهب أدراج الرياح،" يقول أبو عبادة.

عند وجود نقص حاد في إمدادات الوقود والكهرباء، تعلن وزارة الصحة حالة الطوارئ، مثلما حدث في شهر فبراير الماضي.  خلال تلك الفترات، يتم تعليق كافة العمليات الجراحية باستثناء العمليات الطارئة، كما يتم وقف المكيفات (التبريد والتدفئة) وتقليص خدمات تنقية المياه والغسيل ما يترتب عليه آثار واضحة على مستوى النظافة والصحة.  يوضح أبو عبادة: "خلال حالات الطوارئ، يتوقف كل شيء عن العمل، فلا يصبح بمقدورنا إجراء عمليات جراحية للمرضى إلا في حالات الضرورة القصوى.  يتوجب علينا أيضاً في تلك الحالات أن نوقف كافة أشكال العلاج الأخرى والفحوصات وتشخيص الأمراض."

يضيف أبو عبادة: "في اللحظة التي تنقطع فيها الكهرباء، نهرع إلى المرضى لتزويدهم بالأكسجين بشكل يدوي باستخدام أكياس الأكسجين.  ولكننا نواجه مشكلتين عند القيام بذلك، المشكلة الأولى هي ببساطة عدم وجود ما يكفي من العاملين للاهتمام بالمرضى أثناء انقطاع الكهرباء، أما المشكلة الثانية فتتمثل في عدم القدرة على التحكم في كمية الأكسجين بشكل يدوي، وبالتالي قد يحدث تمزق في رئة المريض عند ضخ الكثير من الأكسجين من كيس الأكسجين إلى رئتي المريض.  عندما يعود التيار الكهربي يجب أن نقوم بإعادة برمجة كافة الأجهزة مرة أخرى."

يتعامل أبو عبادة أيضاً مع الأضرار المادية التي تنتج عن انقطاع الكهرباء، فيقول: "عندما ينقطع التيار الكهربي، تتوقف أجهزة مراقبة القلب وضغط الدم، حيث تتعطل المجسات الداخلية في الأجهزة الطبية نتيجة انقطاع الكهرباء، الأمر الذي يؤدي إلى عمل أجهزة الإنذار بصورة غير ضرورية، ومن ثم عدم قدرتها على العمل مرة أخرى عندما يحدث أمر ما مع المريض."

 يشعر المرضى أيضاً بالخطر الذي يحدق بهم نتيجة انقطاع التيار الكهربي. "يكون بعض المرضى على علم بالأوقات التي تنقطع فيها الكهرباء، فبإمكانهم سماعنا في تلك الأوقات وهو ما يشعرهم بالخوف على حياتهم وحياة غيرهم من المرضى،" يقول أبو عبادة.