خبر أهذا نصر؟- هآرتس

الساعة 10:39 ص|13 مارس 2012

 

بقلم: أوري مسغاف

في وقت ما في الثمانينيات من القرن الماضي بنى بنيامين نتنياهو نفسه باعتباره خبيرا بـ "الارهاب". وفي العقود التي مضت منذ ذلك الحين نسبوا اليه حوله بين الفينة والاخرى سبقاً عالميا الى كل ما يتعلق بالتعرف على الوباء. لكن يبدو ان نتنياهو والدولة التي تخضع لسلطته نسيا القاعدة. وهي ان الارهاب الذي هو سلاح الضعيف والفقير، جوهره هو القاء الرعب على سكان مدنيين كثيرين. ومن هنا يُشتق اسمه لغويا وبهذا يُقاس نجاحه. والعاملون في الارهاب يعمون عن الحسابات العسكرية التقليدية على هيئة نسبة الخسائر ويتغافلون عن معاناة الجمهور الذي يدعون تمثيله. بل انهم بحسب الصيغة الأصولية لا يكترثون بحياتهم هم أنفسهم على الأكثر.

ان الحديث السائد في اسرائيل عن "نصر" في جولة الصدام العسكري الحالية مع الجهاد الاسلامي يبدو غريبا في هذا السياق. "ليكن واضحا انه نصر بالضربة القاضية لا بالنقاط، وليس تعادلا"، أكد هذا في يوم الاثنين محلل عسكري قديم ذو صلات اعلامية. وكرر محللون آخرون أكثر اتزانا ذكرى النسبة بين المصابين في الطرفين، (وأسهم في شعور الارتياح حقيقة ان الجريحين الأولين في الجانب الاسرائيلي وأحدهما في حالة خطيرة جدا كانا "عاملين اجنبيين" لم يُر داعٍ حتى الى ذكر اسميهما).

وقد جُعل في مركز الاحتفال نجاح نظام اعتراض الجيش الاسرائيلي الى ان أفضى "خطأ في تغذية البرنامج الالكتروني" الى سقوط صاروخين في بئر السبع. "ساحقة القذائف الصاروخية"، قال عنوان صحفي رئيس في صحيفة يومية بتأثر ووعد رئيس الحكومة بالاستمرار في التحصن.

ان عملية هجومية مدبرة محسوبة وحربا اختيارية أدخلت مليون اسرائيلي في خط المواجهة. وأُلغيت احتفالات عيد المساخر والدراسة ايضا، وأصبح 250 ألف ولد يعيشون منذ خمسة ايام تحت تهديد الصواريخ. وهم وآباؤهم مأمورون بالبقاء قرب "مواقع محصنة"، والاستجابة للصفير والاستماع الى أوامر قيادة الجبهة الداخلية. ان كلفة استعمال بطاريات القبة الحديدية تُقدر بملايين الدولارات؛ ولم تُعط معطيات عن كلفة ساعات الطيران والذخيرة الجوية. وعندما نتذكر تعريفات الارهاب وأهدافه فان التقسيم الى منتصرين ومهزومين يبدو أقل وضوحا.

تبتهج وسائل الاعلام للأحداث في حدود النظام والخطاب الموجودين دائما. فهي في البداية تُبلغ أن "الجيش الاسرائيلي صفّى حسابا" مع مسؤول كبير كان "في الطريق الى تنفيذ عملية"، وبعد ذلك تصور أولادا يزحفون الى قناة اسمنتية وتلتقط صور عائلة متنكرة تحتفل بعيد المساخر في ملجأ، ولا يجوز الحديث عن سبب ونتيجة. ولا يجوز تقويم التكاليف النفسية البعيدة الأمد. ولا يجوز ان نتساءل ألا يكون مليون اسرائيلي تحت الصواريخ ومن غير عيد مساخر ودراسة بمثابة عملية تفجيرية تظاهرية كثيرة المصابين؟.

يحصر رؤساء البلديات والسلطات المحلية لهذا الجمهور شكاويهم في سعة التحصين وايقاع التسلح بنظم اعتراض الصواريخ. ويُسمع بين فينة واخرى شكوى مريرة من "عدم الاكتراث في تل ابيب". لكن ما هو معنى الاكتراث الجنوبي والقومي بالنسبة للصورة الكبيرة؟ انهم يُحدثوننا منذ نصف سنة عن ان "الانتخابات في الجو". وليس واضحا لماذا نجريها ولماذا نُقدم موعدها اذا لم يكن أحد من المتنافسين معنيا أو يتجرأ على اقتراح بديل: ادعائي أو فكري أو استراتيجي أو يشمل العالم كله، حتى لو كان سيتحطم في صناديق الاقتراع للمرة الاولى أو الثانية.

ان الاسرائيليين أسرى الوضع الراهن ويستسلمون له في خضوع. ان أمة كاملة كانت عند انشائها مثالا عالميا للمبادرة تكتفي الآن بـ "احتواء الأحداث" أو "ادارة الصراع"، في حين يلوح قائدها بسفر إستر ورسائل من اوشفيتس. وهذا التسليم رمز للهزيمة لا للنصر بالضربة القاضية.