خبر هل كان ينقص غزة دواء الرئيس؟!

الساعة 11:57 ص|11 مارس 2012

كتب/ عوض نبهان

في الوقت الذي تتعرضُ فيه غزة لغاراتٍ "إسرائيلية" غادرة يرتقي جراءها خِيرةُ أبنائِها شهداء على طريقِ الحرية والكرامة، يستمرُ فرضُ الحصارِ على قوى المقاومة في مدنِ وبلدات الضفة وتكبيل أيدي مجاهديها الأبطال في إطارِ التنسيق الأمني مع العدو المحتل.

 

عدوانٌ يتلوه عدوان وغارةٌ تعقبها أخرى في القطاع المحاصر، فيما المقاومة تستبسلُ في الذود والدفاع عن الأهالي العُزل بصواريخٍ تدبُ الرعبَ في قلب المحتل الغاصب ومستوطنيه الحاقدين، لتُعلن بهذا السلاح أنها لن تقفَ مكتوفةَ الأيدي وهي ترى القادةَ والمجاهدين يُقصفون ويُغتالون.

 

إذاً هي ملحمةُ بطولةٍ وفداء تلك التي يُسطرها مجاهدو غزة بدمائهم وأشلائهم، تماماً كما هي ملحمةُ الإرادةِ والعزة التي تُسطرها الأسيرة هناء شلبي ابنة بلدةِ برقين قضاء جنين بأمعائها الخاوية لليوم الرابع والعشرين على التوالي تحدياً للاحتلال ولقوانينه العنصرية وسياساتِه التعسفية.  

 

معركتان وإن اختلفتا ميدانياً إلا أنَّ أبطالهما من هذا الشعب الحرِّ الأبي الذي يواصل بإقدامٍ وشموخ مقارعة عدو محتل يُنكِّل، ويقتلُ، ويسلبُ، ويصادرُ، ويمارسُ أفظعَ أشكال العدوان وصوره بهدف تركيع إرادة أصحاب الحق وطمس تاريخهم ومعالم حضارتهم العريقة.

 

ومع خالص الود والتقدير لفخامة الرئيس محمود عباس الذي أمر مشكوراً ظهر اليوم وزير  الصحة في رام الله بإرسال الأدوية لقطاع غزة بأسرع وقت ممكن بعد الإعلان عن النقص الحاد فيها، إلا أننا كنا نترقب قراراً آخراً من سيادته كأن يأمر وزير الداخلية بالإفراج عن المعتقلين السياسيين كخطوةٍ إسنادٍ للمقاومين الذين يدفعون من دمائهم ثمن مجابهة الاحتلال ولجم عدوانه.

 

اليوم يُكرِّس أبناءُ حركة الجهاد الإسلامي وذراعها العسكرية سرايا القدس بالدماء وبالأشلاء معركة إقدامٍ جديدة إلى جانب أشقائهم ورفاقهم من مختلف قوى المقاومة وفي مقدمتها لجان المقاومةِ الشعبية التي ارتقى أمينها العام الشيخ زهير القيسي (أبو إبراهيم)، ومساعده القائد محمود حنني (أبو أحمد) شهيدين يوم أمس.

 

الكلُ سمعَ وشاهدَ فعل المجاهدين على الأرض رداً على إجرام الاحتلال وغاراته الغادرة .. تلاحمت الأشلاء، امتزجت الدماء، وتطايرت صواريخ السرايا، وألوية الناصر، وكتائب المجاهدين، وشهداء الأقصى، وكتائب جهاد جبريل، وأبو علي مصطفى، والمقاومة الوطنية، لترسم مشهد الوحدة الذي فشل الساسة في ترجمته واقعاً عملياً على الأرض.

 

فلو أمعنا النظرَ وتساءلنا عن سرِ هذا الفشل الذريع؛ سنجدُ أن خلفه لا محالة سببين قد يتعلق إحداهما بالآخر أولهما: المصالح الفئوية الخاصة لبعض الساسة المتنفذين، وثانيهما: التقاطعُ مع مصالح الاحتلال الذي لا يريد لشعبنا أن يخرج من عنق الزجاجة العالق فيها ليظلَ البعضُ أسيراً لأجندته وأهوائه، وينغمسَ من تبقى في أتون النزاع والخلاف والسجال لينشغلوا عن مقارعته وإبِطال مخططاته.

 

وللأسف وأقولها بمرارةٍ وألم؛ فقد نجحَ العدوُ إلى حدٍ ما في تحقيق هدف الانشغال عن مجابهته مع البعض، وإلهائه في مفسدة السلطة، ليقفَ هؤلاءِ مكتوفي الأيدي إزاء ما يجري رغم امتلاكهم أوراق قوةٍ مؤثرة يستطيعون من خلالها إحداثَ زعزعةٍ وحالة إرباكٍ كبيرة داخل المجتمع "الإسرائيلي".

 

وهنا لا أُسجل هذه الملاحظة من أجل بخس الناس أشياءهم أو التقليل من شأنهم، ولكني أقولها حتى لا يأتي اليومُ الذي يجد فيه من قصدتهم في كلامي أنهم الوحيدون في ساحة المواجهة، ووقتها سيتذكرون - لا محالة - مقولة "أُكلت يوم أكل الثورُ الأبيض".

 

وختاماً، فلتتعانق الرايات بل وتُختزل جميعاً في علمنا الوطني، وليتوحد الجهدُ المقاوم في غزة العزة، وليُخلى سبيل المقاومة في ضفة الإباء ويُطلق العنان أمام مجاهديها كي نستعيد مشاهد البسالة والشهادة التي كانت تُترجم في قلب مدن العدو وداخل مستوطناته وتحصيناته التي صنعها الأبطال الخالدون: إياد صوالحة، إياد الحردان، محمد أيوب سدر، أسعد دقة، أيمن دراغمة، محمود طوالبة، محمود أبو الهنود، ثابت ثابت، قيس عدوان ورائد الكرمي.