خبر صد ايران عن طريق فلسطين -يديعوت

الساعة 10:15 ص|06 مارس 2012

بقلم: أ. ب يهوشع

جاءني قبل بضعة ايام مراسل من التلفزيون الهولندي يسألني عن الوضع. يتبين ان رئيس الحكومة منع الساسة من اجراء مقابلات صحفية بشأن المشروع الذري الايراني. ولم يكن له خيار سوى ان يبحث عن مرشحين قد يكونون أكثر "روحانية" لكن يعوزهم العلم الموثق.

سألني هل أعتقد ان تهاجم اسرائيل المنشآت الذرية الايرانية فقلت له: لا أعلم. ثم أضاف وسأل هل يجب في رأيي ويناسب التبكير بضرب ايران لمنعها من انتاج قنبلة فقلت له إنني لا أعلم، ثم عاد فألح بقوله: هل أعتقد ان ايران قد تستعمل القنبلة الذرية على اسرائيل، فقلت له: لا أعلم. فتابع وسأل: هل تعتقد انه يجب على اسرائيل ان تكتفي بالعقوبات التي يفرضها الغرب، فقلت مرة اخرى: لا أعلم.

رأيت ان المراسل بدأ يقنط من مقابله "الروحاني" وقال: فما الذي تعلمه اذا مع كل ذلك. فقلت فورا – أنا أعلم شيئا واحدا يجب فعله على عجل كي تصبح جميع اسئلتك لا حاجة اليها وهو ان يتم تجديد مسيرة السلام مع الفلسطينيين بجد وصدق واجتهاد من اجل التوصل الى ما أعلنته حتى حكومة اسرائيل اليمينية على أنه هدفها وهو دولتان للشعبين. وأن تكون هناك خطوة بادرة طيبة لوقف البناء في المستوطنات وازالة البؤر الاستيطانية. واذا تم هذا وشوهد على رؤوس الأشهاد، فسيضطر الايرانيون ايضا الى التخلي عن لغتهم الخطابية الحماسية وتهديداتهم الآثمة.

لست أتناول التهديد الايراني الحقيقي أو المتوهم للبلدان العربية التي تحاذيها – السعودية وامارات الخليج. ولا أتناول اسئلة سعر النفط ومشتقاته. فليناقش المسلمون نزاعاتهم بينهم. ولتهتم الولايات المتحدة والغرب بمصالحهما. واذا كانوا يعتقدون ان ايران الذرية هي تهديد لحليفاتهم فانهم يملكون ما يكفي من القوة لاحباط هذا التهديد من غير تعريض مدنهم ومواطنيهم للخطر.

هناك شيء واحد واضح لي من الماضي ومن الحاضر ايضا. حينما أُنشئت دولة اسرائيل اعترفت ايران المسلمة بالدولة اليهودية مع تركيا المسلمة. وطوال السنين التي كان فيها العداء العربي لاسرائيل مطلقا، استمرت ايران وتركيا في اقامة علاقات دبلوماسية واقتصادية بل عسكرية مع اسرائيل. وبعد حرب الايام الستة وحرب يوم الغفران ايضا حينما طلبت هاتان الدولتان المسلمتان مثل سائر دول العالم انشاء الدولة الفلسطينية ظلت العلاقات الدبلوماسية مستمرة. والى  هذا فان معاملة الطوائف اليهودية القديمة في ايران وفي تركيا كانت عادلة ومتسامحة نسبيا حتى بعد انشاء الدولة اليهودية، بخلاف المعاملة الشديدة والمُذلة في البلاد العربية وفي عدد من البلدان المسيحية ايضا. لم تقتل اسرائيل قط جنديا ايرانيا ولم يقتل الايرانيون قط جنديا اسرائيليا، وليس بين الدولتين حدود مشتركة أو صراع على مناطق.

لست خبيرا بايران كي أعلم هل الكراهية المتقدة التي يُظهرونها لاسرائيل تأتي من أعماق نفوسهم أو أنها كراهية تُمكّنهم من منح سلطة المتطرفين المتدينين مضمونا وهدفا. وهل هم جديون في مقاصدهم الحماسية أم أنها مجرد شعارات لتعزيز أهداف قومية موحِّدة. وليست ايران هي كوريا الشمالية ويمكن التحقق من هذا لا بحسب الافلام العميقة المركبة التي تُنتج هناك بل بحسب الانتفاضة الشعبية التي حدثت هناك قبل سنتين، قبل كل شيء. ويقرأ الايرانيون ايضا الوضع المتغير في الشرق الاوسط وهم عالمون بالربيع العربي الذي يثور على الطغيان.

إننا مُجبرون حقا بعد المحرقة على ان نتناول بجدية التصريحات المجنونة وغير العقلانية لدول كلية، ولهذا لا أستطيع ان أتهم القيادة الاسرائيلية بأنها تهدد بقصف المنشآت الذرية الايرانية. لكنني على يقين من ان كل خطوة حقيقية نحو سلام مع الفلسطينيين ستجعل الفلسطينيين ايضا شركاء أقوياء في الطلب من ايران ان تكف عن التهديد، لأن حربا اسرائيلية ايرانية ستحبط احتمال استقلال الفلسطينيين في وطنهم.