خبر حزب تخفيض الثُلث- هآرتس

الساعة 09:58 ص|06 مارس 2012

 

بقلم: ايلي شفايدلر

عانى حقا المسكين. فقد احتجزوه أولا في الموقع العسكري وضربوه ثم طرحوه في بئر. بعد ذلك اهتموا بتقليل عدد السعرات الحرارية التي خُصصت له وهكذا زادوا شعوره بأن ايامه في الأسر وربما فوق وجه البسيطة، تقترب من نهايتها. ومن المؤكد ايضا أنهم منعوه من الصلاة ومن الاحتفال بأعياد اسرائيل. وربما لم يكن عالما بالتاريخ العبري ألبتة ولهذا لم يعلم ايضا متى يقترب هذا العيد أو ذاك. وكان ايضا مقطوعا سنين طويلة عن عائلته التي لم تعرف أين وُجد طوال تلك الفترة كلها.

برغم أنه لم يمسك برزمة تشتمل على رشوة، ولم يخدع ولم يشوش على اجراءات محاكمة، فقد قضى في أسر العدو خمس سنين ونصفا من المؤكد ان كل يوم منها كان يشبه سنة وان كل شهر كان يشبه دهرا. ولم يكن له اصدقاء في "حزب تخفيض الثُلث"، دأبوا في سن قانونين يساعدان أبطالنا على تنفس الهواء الحر بعد مرور سنتين ونصف في السجن لا بعد اربع سنين كي يقل الزحام من اجل اللصوص والمحتالين الآخرين.

اجل، ان الهواء النقي ضروري بالتأكيد وإلا فان العفن الذي ينبعث من كلام شلومو بنيزري وردود طائفة مؤيديه ستجعل التنفس صعبا جدا. لم ينتظر بنيزري، وهو مندوب رفيع المستوى لحزب نُقشت كلمة "الفساد" في رايته بحروف من ذهب، لم ينتظر دقيقة منذ اللحظة التي خرج فيها من السجن كي يُشرك الجمهور في مشاعره – لأن ألمه في السجن كان أكبر من ألم جلعاد شليط – ولم يمتنع عن ان يصف بلاده بأنها الدولة الأكثر معاداة للسامية في العالم.

لا ينجح عقل مندوب الجمهور السابق في ان يُفرق بين السجن والأسر، وبين عقاب حق (غير قاس كثيرا) على مخالفات أُدين بها وبين عناء العزلة بلا ذنب. وفي تصوره العام الأعوج لا يوجد مكان لفهم أساسي لمعاناة الآخر لأنه يقوم على افتراض أناني فحواه أن "الأنا" فوق "الآخر".

ان الموازنة بين معاناته داخل أسوار السجن الاسرائيلي حيث قُدمت اليه ثلاث وجبات كل يوم واستطاع أبناء عائلته من زيارته بصورة منظمة، وبين المعاناة التي لا توصف لشليط في الأسر (من غير اجازات) هي أكثر كثيرا من التأليف بين الحماقة والوقاحة. يقول مثل بلغة الايديش: "ليس هو أحمق صغيرا ولا حكيما كبيرا ايضا". والحديث في حالة الخبير بالمعاناة الانسانية عن شيء ما آخر أكثر جوهرية. ان الحديث عن تصور عام أناني وانتقائي تندمج فيه بصورة عجيبة عناصر عنصرية.

يا بنيزري ان "إخوتك" هم أوغاد ولصوص مكثت بين أظهرهم سنتين ونصف في السجن. ويفضل ان تجلس في صمت وان تستمتع بالافراج المبكر عنك الذي حظيت به بمساعدة اصدقائك. ويثيرنا ان نعلم كم كان يُحكم على شخص خالف مخالفات جنائية مشابهة في دول افريقيا وآسيا. كان شخص كهذا يُزج به في السجن لا بسبب توجه معاد للسامية أو معاد للحريدية عند الجهاز القضائي بل لأن هذا هو الحكم على لص ومحتال.

هل يوجد ائتلاف في دولة غربية ديمقراطية غير "معادية للسامية" في أساسها، كان يأخذ في حسابه معاناة بنيزري فوق الانسانية ويفرج عنه لمنع الزحام عن جيرانه في السجن؟.

من فضلك يا سيد بنيزري غير المحترم – إنزل عن ظهورنا. وكُف عن خلخلة الهواء بأقوال لا تضر بذكائنا فقط بل تثير الرأي العام ايضا على جزء من الجمهور وهو الجزء الذي تدعي بأنك تمثله، لكنك تسبب له بالفعل ضررا لا يمكن اصلاحه.

ومن فضلك ايضا يا سيد بنيزري، إجتهد في ان تمنع نفسك عن تسلق سريع جدا على سلم الناس المكروهين أكثر من غيرهم في هذه البلاد المعادية للسامية، وهي بلاد تأكل في هذه الاثناء جنودها لكنها لا تأكل لصوصها لسبب ما.