خبر مساحة سائبة من عدم التوافق- معاريف

الساعة 09:57 ص|06 مارس 2012

 

بقلم: بن كاسبيت

سيستغرق وقتا حتى تتسرب التفاصيل الحقيقية والهامة عن لقاء نتنياهو واوباما، اذا كانت ستتسرب على الاطلاق، ولكن منذ الان واضح أن الخلافات في الرأي بين امريكا واسرائيل بقيت على حالها. كما أن ثمة غير قليل من التوافقات، ولكنها مفهومة من تلقاء ذاتها. نعم، اوباما وبيبي متحدان في الرأي بانه محظور السماح لايران بالوصول الى قدرة نووية. نعم، اسرائيل وامريكا تتفقان بان لاسرائيل الحق في تجسيد سيادتها واتخاذ الاعمال الوقائية للدفاع عن نفسها – ولكن هنا ينتهي هذا. من هنا، تبدأ مساحة سائبة مظلمة من عدم التوافق والاشتباه المتبادل.

الامريكيون يخشون بان القرار في اسرائيل قد اتخذ منذ الان. وهم يلاحظون مؤشرات دالة عديدة. بعض من محافل التقدير الامريكية  يعتقدون بان النية الاسرائيلية للهجوم في ايران في الصيف ليست مناورة فقط، وانه لا توجد هنا لعبة ذكية تتمثل بـ "امسكوني" بل قصة حقيقية تماما. من الجهة الاخرى، يعرف الامريكيون بنيامين نتنياهو على نحو ممتاز ويعرفون بان عنده، حتى عندما يكون قد قرر، فانه لم يقرر بعد. لا شيء نهائي ابدا. كل قرار هو بالاجمال الاساس للذبذبة التالية، حتى في اللحظة الاخيرة، وكذا بعدها. يحتمل أن في المسألة الايرانية ميزة نتنياهو هذه تلعب في صالحه. في هذه المسألة، لا ينبغي التوفير في الترددات. المشكلة هي أنه لدى نتنياهو ما يرجح في النهاية الكفة هو ما يخيفه أكثر. وهنا، يقول الامريكيون تبدأ المشكلة. فهم لا يريدون حقا ان يكونوا رهائن لهذا الامر. وهم حقا لا يريدون ان يكونوا متعلقين بمخاوف نتنياهو.

الرئيس براك اوباما استخدم أمس كل ما لديه كي يقنع نتنياهو بان هجوما اسرائيليا في ايران في الصيف القريب القادم لن يحقق الهدف، بل العكس، وسيكون مصيبة متواصلة ذات تأثيرات تاريخية على اسرائيل ومستقبلها. كما ان أوباما ألمح بذلك في خطابه أمام ايبام قبل يوم من ذلك، حين تحدث عن "ثرثرات الحرب الزائدة" التي أدت الى ارتفاع كبير في أسعار النفط، والتي تساعد ايران في تمويل النووي لديها – تلميح شديد الوضوح بالمفاعل في بوشهر. بعد ذلك ذكر النصيحة الشهيرة اياها لترومان، "تحدث برقة وامسك بيدك بعصا غليظة". من ناحية الامريكيين نتنياهو يتحدث بصوت عالٍ ويمسك بعصا صغيرة. المشكلة هي أنه من شأنه أن يحاول استخدامها.

وداخل الغرفة حاول اوباما اقناع نتنياهو بان لامريكا توجد عصا غليظة حقا. تلميحات تلقيناها الاسبوع الماضي حين انكشف امر القنبلة الامريكية الجديدة التي تخترق التحصينات امام الصحافة في توقيت دقيق. نتنياهو، بالمقابل، حاول الادعاء بان الحجم لا يهم، بل التوقيت. رئيس الوزراء عرض على الرئيس اوباما معلومات جديدة، بعضها نشر وبعضها لم ينشر، وبموجبها النووي الايراني اكثر تقدما مما هو معروف والايرانيون يمكنهم ان يقرروا في كل لحظة "الانقضاض" على النووي – الامر الذي من شأنه أن يمسك بالغرب وهو غير جاهز ويساعد آيات الله على الانتصار في السباق نحو القنبلة. في مثل هذه الحالة، قال نتنياهو لاوباما، حتى لو قررت العمل، فالاوان يكون قد فات. امريكا العظمى ايضا لا يمكنها أن تسمح لنفسها بمهاجمة دولة يوجد لديها صاروخ نووي بعيد المدى.

هذه الفوارق في الفهم، بين نتنياهو واوباما بقيت على حالها. اوباما، بقدر ما هو معروف، لم يتعهد بهجوم امريكي في ربيع 2013. ولكنه تعهد بالفعل الا تصل ايران الى النووي. اما هذا فلا يكفي نتنياهو على الاطلاق. اوباما شرح لنتنياهو لماذا الخط الاحمر الامريكي بعيد جدا عن الخط الاحمر الاسرائيلي. وقد سمح لنتنياهو بان يفهم القدرات العسكرية لامريكا والمح بانه في الولاية الثانية سيكون أسهل عليه بكثير ادخال امريكا في مغامرة عسكرية اخرى. نتنياهو أنصت، ولكنه لم يقتنع تماما. وهكذا بحيث أن كل شيء، في واقع الامر، بقي ذات الشيء. الشتاء يقترب من نهايته، الربيع سيظهر قريبا، وهذه المرة لا ينطوي على تفاؤلات ورائحة ازهار في الهواء، بل على تشاؤم قاتم ورياح حرب.