خبر السكوت كالخيانة- معاريف

الساعة 09:49 ص|04 مارس 2012

السكوت كالخيانة- معاريف

بقلم: نداف ايال

 (المضمون: نحن لا يمكننا أن نطلب من الغرب ما لا نطلبه من أنفسنا. في اوروبا وفي الولايات المتحدة على الاقل يدعون الاسد الى ترك منصبه، ولكن اسرائيل الرسمية لا تقول شيئا. فهي لا تندد بوضوح بالمذبحة المتواصلة على حدودنا وتدعو الى تنحية الدكتاتور – المصدر).

أمس صدر فيلم آخر على اليو تيوب، الذي هو على ما يبدو وسيلة الاعلام الاهم التي تغطي المذبحة في سوريا. لا تُرى فيه جثث رضع أو بقع دماء، ولا حتى قذيفة موجهة جيدا لمظاهرة لمواطنين او لاهال فزعين يبحثون عن اطفالهم. الفيلم يظهر مجموعة من الاطفال والفتيان، بدون سترات، يجلسون في منتصف الطريق في مدينة حمص المعذبة. كل واحد فيهم يعانق وعاء أو جرة بلاستيك كبيرة. فتات الثلج تتساقط. وهم يشعرون بالبرد. شابان يشرحان بالعربية ما يريان: سكان حمص ينتظرون الثلج كي يكون لهم بعض الماء. وهما يتخذان اللغة الحماسية للثوار، ولكن خلفهما يظهر أطفال، يجثمون على الطريق، يعانقون الاوعية. الثلج يذوب على ملابسهم. الفيلم التقط قبل يومين. من يدري كم من هؤلاء الاطفال لا يزالون على قيد الحياة.

في 1967 ألقى مارتين لوثر كينغ خطابا هاما في كنيسة نيويورك وتحدث عن حرب فيتنام وفظائعها. وقد طالب هناك، في خطابه، "بتحطيم صمت الليل" بالنسبة للحرب. ومثل قسيس جيد بدأ كينغ في تعداد خطاياه. روى لماذا قرر "تحطيم خيانة سكوتي".

يؤتى بهذه الاقوال هنا ليس لان سوريا هي فيتنام. فباستثناء وحشية الحرب الاهلية، فليس بينهما علاقة. أقوال كينغ هامة وصحيحة أكثر من أي وقت مضى بسبب خطيئة الصمت حيال الشر الذي يشهد على نفسه. وذلك لانه على رأس الولايات المتحدة الامريكية يقف شخص هناك من يدعي بانه من مواصلي الطريق الاخلاقي لمارتين لوثر كينغ. براك اوباما بالتأكيد يعرف كيف يقتبس كينغ عندما يريد. لعله حان الوقت لان يعود الى خطاب كينغ اياه.

المذبحة في سوريا وصلت منذ زمن بعيد الى حجوم الجرائم ضد الانسانية. مطلوب للغرب الان زعامة ممن وصفت نفسها في الماضي "امبراطورية الحرية" او "الامة بلا بديل". مطلوب زعيم يحطم صمت الليل ويحطم خيانة سكوته. فاصدار تنديد آخر دون عمل – هو السكوت. السماح للصين وروسيا بتأخير عمل دولي في الوقت الذي تزودان فيه الاسد بالسلاح – هو السكوت. الامتناع عن المساعدة الحقيقية للثوار – هو السكوت. السكوت حيال حكم يقتل مواطنيه بشكل ممنهج.

خيانة الغرب ستنتقم منه. توقع المواطنين السوريين للمساعدة الامريكية والاوروبية سيحل محله خيبة الامل التي ستصبح كراهية متجددة ومعللة. المرة تلو الاخرى سيسأل ما ينبغي أن يُسأل منذ الان: لماذا حظيت ليبيا بحملة عسكرية فاخرة حطمت القذافي – فارس حقوق المواطن مقارنة بالاسد – بينما السوريون يلقى بهم لمصيرهم الغامض؟ كلمة واحدة ستصدح في الرد بعد كل التفسيرات المعللة عن حق الفيتو الروسي – النفط. ومرة اخرى: النفط.

القيم الليبرالية التي يحاول الغرب دفعها الى الامام ستعرض كغطاء بائس ورقيق لمصالح تجارية. وسواء وقعت سوريا في يد الثوار أم قمعت تحت القبضة العلوية – الشيعية، فان هذا الحساب لن ينسى. من يسكت الان سيأسف بعد ذلك، حين تتحول سوريا الى دفيئة جهادية عالمية أو كبديل دولة ارهاب مطلقة ورسمية برعاية عائلة الاسد.

نحن لا يمكننا أن نطلب من الغرب ما لا نطلبه من أنفسنا. في اوروبا وفي الولايات المتحدة على الاقل يدعون الاسد الى ترك منصبه، ولكن اسرائيل الرسمية لا تقول شيئا. فهي لا تندد بوضوح بالمذبحة المتواصلة على حدودنا وتدعو الى تنحية الدكتاتور. الاسد الذي يدعم حزب الله وجعل بلاده دولة مرعية لايران، يتمتع بحماية من مؤسستنا الامنية بتحليلاتها وحساباتها الدقيقة. فمن جهة وزير الدفاع باراك، وكأن به محلل جغرافي سياسي "يقدر" بان الاسد سيسقط. من جهة اخرى مثل هذه "التقديرات"، حسابات المصالح، المخاوف الامنية من نقل السلاح الى حزب الله – كل هذه يترافق معها أمر درجنا على أن نطالب به بصوت عال من الاخرين: قول آخلاقي واضح. السوريون هم جيراننا. نظام اجرامي، يعذبهم ويقتلهم دون رحمة. صمت هذا الليل يجب أن يتحطم. محظور على اسرائيل أن تسكت.