خبر عداء وحيد من غزة سيحمل باعتزاز علم فلسطين في اولمبياد لندن

الساعة 10:31 ص|03 مارس 2012

وكالات

بهاء الفرا من المفروض أنه نهض مبكرا صباح الخميس، وارتدى حذاء الركض والزي الرياضي، وانضم إلى المئات من رفاقه المشاركين في ماراثون غزة الرياضي الذي يمتد على طول الجيب الفلسطيني الصغير.

و نشرت صحيفة "ذي غارديان" البريطانية تقريراً من مراسلتها هارييت شيروود بعثت به من مدينة غزة عن عداء فلسطيني من تلك المدينة سيحمل العلم الفلسطيني في دورة الألعاب الاولمبية التي تفتتح في لندن في تموز (يوليو) المقبل.

 

وقالت: بالنسبة الى كثيرين، وبينهم حوالي 2000 من الأطفال الذين يتوقع أن يركضوا في المسار في مسالك طولها 10 كيلومترات، يعتبر هذا يوماً من المرح، وخروج عن الروتين اليومي الممل للحياة في غزة. آخرون، معظمهم زوار من الخارج، سيصدرون تصريحات سياسية حول الحصار المتواصل الذي يفرضه الكيان الصهيوني.

 

اما بالنسبة الى الفرا، فان الامر لا يتعلق بالمرح أو السياسة اذ ان حب الركض سيطر عليه منذ ست سنوات وسيبلغ ذروته الآن عندما يمثل هذا الشاب الغزي، 20 عاما، فلسطين في اولمبياد لندن في الصيف المقبل.

 

المسار الماراثوني الغزي الذي تنظمه الأمم المتحدة طوله 10 كيلومترات. وقد ركضه الفرا هذا اليوم في نطاق تدريبه اليومي الذي يستغرق 6 ساعات. ويهدف لتحسين رقمه الشخصي لمسافة 400 متر وهي المسافة التي سيتنافس عليها في لندن.

 

يعرف الفرا أن جسر الهوة بين رقمه البالغ 49,04 ثانية والرقم الذي حصل على الميدالية الذهبية لعام 2008 في اولمبياد لندن وهو 43,75 ثانية هو في حيز المستحيل. وبدلا من ذلك فهو يركز على الإنجاز المتمثل في كونه العداء الغزي الوحيد المشارك في اولمبياد لندن، واعتزازه بحمل العلم الفلسطيني أمام الجمهور العالمي في احتفالات الافتتاح.

 

قال خلال استراحة بين دورات الركض في استاد اليرموك لكرة القدم هذا الأسبوع: "إنه إحساس جميل، كوني رياضيا وفلسطينيا في الوقت نفسه. وسأحمل رسالة من الفلسطينيين إلى أهم تجمع للألعاب في العالم، مفادها ان الفلسطينيين موجودون رغم الظروف الصعبة".

 

سيكون الفرا واحدا من فريق فلسطيني يضم أربعة أفراد، تم تأهيله للمشاركة في الالعاب بموجب تعليمات تستثني الدول النامية من التأهل. الثلاثة الآخرون في الفريق- سباحان بينهما واحدة من بيت لحم وعداء آخر- يعيشون في الضفة الغربية.

 

يقسِم الغزي الشاب وقته في التدريب بين الاستاد، وبين شوارع غزة المليئة بالحفر وشواطئها الطويلة غير المتطورة. واستاد اليرموك الذي كان ملتقىً شعبيا للتجمعات السياسية صار الآن متداعياً ويفتقر للتجهيزات، وفيه مسار غير مستو للركض حول ملعب كرة القدم، على العكس من معظم المسارات الناعمة التي يمكن استخدامها في كل الفصول لتدريب الرياضيين.

 

وهو يقول: "اتحاد الرياضة الفلسطيني ومقره في غزة سيدفع تكاليف السفر وبعض التجهيزات". لكن لا توجد جهة راعية، وليس للفرا عمل. أمه تكافح لشراء وطبخ الطعام المناسب للاعب يتدرب. ويقول: "ان ايجاد بطل رياضي يكلف مبلغا كبيرا من المال".

 

بدأ الفرا الركض وهو في الرابعة عشرة، وترك الدراسة بعد ذلك بقليل. احد إخوته السبعة بينهم واحد انضم إليه في رياضة الركض، واعتادت اخته أن تركض لكنها توقفت لتجنب انتهاك العادات التقليدية في غزة.

 

وتنافس الفرا في الخارج مرتين العام الماضي، في بطولات رياضية عالمية في كوريا الجنوبية والبطولات العربية بالإمارات العربية المتحدة. وسيسافر هذا الأسبوع إلى اسطنبول للمشاركة في بطولات العالم المسقوفة.

 

ابراهيم أبو حصيرة، الذي يدرب الفرا على تقنيات الرياضة وعلى السرعة والحركة، استثمر كثيرا في أول منافسة اولمبية كمدرب خلال 12 عاما. ويقول: "كنت عداء، وآمل الآن أن أحقق ما لم أحققه لنفسي من خلال الفرا".

 

كما أن هناك ناصحا آخر للفرا الشاب هو ماجد أبو مراحيل، 48 عاما، وهو اول رياضي فلسطيني يتنافس في الألعاب الأولومبية في أتلانتا عام 1996. وقال: "كان إنجازي أن أرفع العلم الفلسطيني أمام العالم". وكان الفرا يتوازن على عقبي قدمية ويمغط عضلاته.

 

الأيام الـ 16 من التنافس في الخريف بلندن ستتزامن مع شهر رمضان الذي يصوم فيه المسلمون. وحصل الفرا على فتوى شرعية من أحد الشيوخ ليفطر أثناء التدريب والتنافس، وسيقضي الأيام التي أفطر فيها لاحقا.

 

وهو يشعر بالإثارة بخصوص زيارة العاصمة البريطانية وقال: "أتوقع أن تكون مدينة جميلة، ومتقدمة جدا وتختلف كليا عن غزة".

 

وسيظهر ماراثون غزة اليوم الفارق بين المدينتين. ويبدأ الساعة السابعة صباحا في بلدة بيت حانون شمالي القطاع ويتجه المتسابقون إلى الشارع الساحلي المتآكل الذي يتشاركون فيه مع السيارات وعربات "التكتك" والعربات التي تجرها الحمير. خط النهاية سيكون في رفح، مقر تجارة الأنفاق السوداء المزدهرة وحيث هياكل عمارات البيوت نصف المهدومة نتيجة الاقتحامات الصهيونية ما تزال واقفة. ولم يكمل مسار الماراثون العام الماضي إلا تسعة مشاركين".