خبر رويترز: « حماس » تشهد مخاضاً عسيرا في ظل التحولات العربية

الساعة 09:41 ص|02 مارس 2012

فلسطين اليوم

تجد حركة حماس نفسها بعد ما يزيد من 25 عاما على انطلاقها رسميا، أمام متغيرات كبيرة في المنطقة، أبرزها صعود حركات إسلامية الى الحكم في دول عربية وقبول المجتمع الدولي بالتعامل معها على انها جزء من النظام العالمي بعد قبولها بمتطلبات الدخول الى هذا النظام.

وسارعت الحركات الاسلامية التي وصلت الى الحكم في تونس والمغرب وحققت مكاسب كبرى في الانتخابات التشريعية في مصر الى تأكيد التزامها بالاتفاقيات الموقعة واحترامها لقواعد القانون الدولي في سعيها لان تصبح جزءا من النظام السياسي العالمي الامر الذي يشكل اختبارا صعبا لحركة حماس، التي لم تعلن بعد وصولها الى الحكم في قطاع غزة استعدادا للالتزام بالاتفاقيات الموقعة وتحديدا مع اسرائيل.

وقال المحلل السياسي ابراهيم ابراش لرويترز: بالتأكيد هناك عدة احداث دفعت حركة حماس الى اعادة النظر بنهجها فيما يتعلق بالمقاومة المسلحة وفيما يتعلق بعلاقاتها مع منظمة التحرير ومحيطها العربي.

وأضاف: من اهم هذه الاحداث ان حماس اصبحت سلطة في قطاع غزة وتتجه الى دولة غزة اي تحويل غزة الى كيان سياسي قائم بذاته. هذا الامر يجعلها تتوقف عن العمل المسلح حتى تحافظ على قطاع غزة. والعامل الثاني هو الثورات العربية ووصول فروع الاخوان الى السلطة وممارستهم العمل السياسي الوطني الداخلي.

وفازت حركة حماس في الانتخابات التشريعية الفلسطينية التي جرت في عام 2006 وشكلت حكومة فلسطينية لكنها لم تأخذ فرصتها في الحكم بعد ان فرض عليها المجتمع الدولي حصارا لرفضها الاعتراف باسرائيل ونبذ العنف.

وبعد ذلك بعام سيطرت حماس على قطاع غزة واقامت فيه سلطة لها جعلت الحصار يطال سكان قطاع غزة البالغ عددهم 7ر1 مليون مواطن.

ويرى ابراش ان ما تشهده المنطقة من تحولات بسبب الثورات العربية "يدفع حماس الى ان تتبنى نفس التوجه اي ان تنتهج نهج الاخوان المسلمين في التحول الى نظام سياسي."

ويمكن قراءة جزء من التحول الذي تشهده حماس بمتابعة التصريحات الصادرة عن رئيس مكتبها السياسي خالد مشعل والتي بدأها بالقبول بإقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967 وإعطاء فرصة للرئيس الفلسطيني محمود عباس لتحقيق شيء من خلال المفاوضات وكان آخرها الموافقة على تولي عباس رئاسة حكومة انتقالية مما يعني عمليا القبول بسياسته.

وينظر البعض الى النقاش الذي تشهده حركة حماس وخصوصا بعد توقيع مشعل على اتفاق الدوحة الذي ينص على تشكيل حكومة وحدة برئاسة عباس لإنهاء الانقسام الفلسطيني والعمل على إجراء انتخابات جديدة وإعادة إعمار غزة على انه جزء من اختلاف الآراء حول مستقبل الحركة ودورها في النظام السياسي خلال المرحلة القادمة.

وقال المحلل السياسي اياد البرغوثي "يبدو لي ان هناك نوعا من الصراع او الأخذ والرد حول مستقبل حماس في ظل التحالف الجاري الدولي والعربي".

واضاف "يبدو ان هناك اختلافا في الرؤى لدى قادة حماس بين من يرى ان المنطقة تتجه لتكون محكومة من التيارات الاسلامية والاخوان المسلمين بالذات، خاصة مصر وتونس والمغرب ".

وقال أبراش "ان حركة حماس تريد ان تستفيد من هذه الشبكة الواسعة التي تمثلها جماعات الاسلام السياسي الموجودة في السلطة سواء في المغرب أو تونس أو ليبيا أو مصر وقد تمتد الى اكثر من ذلك وبالتالي ان تتحول الى فرع من جماعة الاخوان المسلمين وكأنها تحصن نفسها... هذا على مستوى الانتماء الايديولوجي العام".

واضاف: "ولكن هناك ايضا توجهات لان تسير على نفس النهج الذي سار عليه الاخوان في الاردن ثم في مصر اي ان تشكل حزبا سياسيا يستطيع ان يتحرك على المستوى الوطني بمعزل عن استحقاقات كون حماس فرعا من فروع الاخوان المسلمين".

وعملت حماس خلال الفترة الماضية على نفي توجه رئيس مكتبها السياسي ليكون في منصب المرشد العام للإخوان المسلمين فرع فلسطين، خصوصا بعد تسريب انباء عن فصل الإخوان المسلمين في فلسطين عن الأردن خلال الأسابيع الأخيرة.

وقال البرغوثي "منذ أسبوعين انفصل الاخوان المسلمون في الاردن عن فلسطين وبالتالي مهدت الامور حتى يكون هناك اخوان مسلمون في فلسطين وكان هناك شائعة تم نفيها ان خالد مشعل سيكون المراقب العام لفرع فلسطين ولكن لا نعلم مدى دقة النفي"، وأضاف "ما يجري في حماس نقاش وليس خلافاً... هناك نقاش جدي تشهده المرحلة الانتقالية في حماس".

وهناك من يرى ان حماس تريد ان تطبق تجربة الاخوان المسلمين في مصر والاردن وغيرهما بحيث يكون لديها حزب سياسي يستطيع التعامل مع القضايا الوطنية وينأى بالحركة عن حرج الاعتراف بالاتفاقيات الموقعة مع الجانب الاسرائيلي لأنها دون هذا الاعتراف لن تتمكن ابداً من ان تصبح جزءا من نظام سياسي مقبول دوليا.

ويصف ابراش النقاش، الذي تشهده حماس وخصوصا بعد توقيع اتفاق الدوحة بأنه "مخاض فكري كبير لتحدد مسارها السياسي والايديولوجي خلال المرحلة القادمة".