خبر حكومة مُخدّرة- هآرتس

الساعة 11:06 ص|29 فبراير 2012

 

بقلم: تسفي برئيل

بعد ان تم البرهان على فائدة المريغوانا الطبية حان وقت الفحص عن نجاعة مخدر الهذيان "ال.اس.دي" في حل مشكلات استراتيجية. وتشهد التجارب الاولى بنجاح يفوق المتوقع. وهي تُجرى في هذه الايام كالمتوقع في اسرائيل رائدة التطويرات الطبية. بدأت التجربة الاولى قبل نحو من سبع سنين وستنتهي في شهر آذار وحظيت باسم "تجربة ميغرون". وقد تم الفحص فيها عن هذيانين. الاول ان المحكمة العليا تستطيع ان تفرض قضاءها على الحكومة؛ والثاني ان حكومة اسرائيل ستنجح في اقناع المستولين الذين بنوا هذه البؤرة الاستيطانية باخلائها طوعا.

ان مجموعة البحث، أي حكومة اسرائيل، تناولت طوال فترة التجربة الحبوب الصغيرة وانشأت لنفسها واقعا متوهما هاذيا الى ان نجحت في ان تقنع حتى نفسها بأنها تنفذ أوامر المحكمة العليا، فهي تنفذ القانون وتبرهن على قوتها في وجه المستوطنين.

كان الاقتناع عميقا جدا الى درجة ان الهُذاة توهموا أنهم نجحوا حتى في بيع المستوطنين خطة اخلاء رائعة يحظى بحسبها المستوطنون ببيوت جديدة – على حساب الدولة – ولا يضطرون الى الاخلاء الى ان تكون هذه البيوت جاهزة، وفي ذلك الوقت ايضا سيبقى جزء من البيوت القديمة على حاله. ليس هذا اخلاءا – بناءا كالمعتاد لكنه هذيان بناء بلا اخلاء.

وفي مقابلة هذا فان المجموعة الخاضعة للبحث، أي مستوطني ميغرون ومجلس "يشع" ومجموعة رجال الدين الذين أداروا التفاوض، قد نظروا وبحق الى الحكومة نظرهم الى من تناول حبوبا. فهم يعيشون في واقع حقيقي. وهم يُملونه ايضا بخلاف الحكومة. وقد قضوا بأن ميغرون لن تُخلى، ومن كان يعتقد أنها ستُخلى فيجدر به ان يتناول حبة اخرى.

لم يكد ينقضي تأثير هذا الهذيان حتى بدأت تجربة طبية جديدة أكثر ثورية من سابقتها يقترح فيها وزير النقل العام انشاء سكة حديدية في الضفة الغربية بطول 475 كم فتُربط رام الله بالخليل، واريئيل بنابلس، والعفولة بجنين، والحلم القديم بالطبع وهو ربط حيفا بدمشق أو ربما بحمص فقط. سينطلق القطار سريعا بين جبال وبين صخور في غور الاردن على طول "محور سكة حديد الغور"، وسيركب المقطورات اليهود والفلسطينيون معا في أخوة رائعة، والاردنيون الى جانب اخوتهم من عوفرة. والتجديد الكبير هو أن النداء في القطار سيكون بالعربية ايضا لا كما في دولة اسرائيل، وأصبح هذا الهذيان يكلفنا نحوا من 3 ملايين شيكل وهو مبلغ ضئيل اذا قيس بالفائدة الطبية التي ستنتج عنه وهو أرخص كثيرا من "تجربة ميغرون".

لكن لن تُنتج فائدة طبية فقط من قطار المناطق. ان فائدة القطار تقاس على نحو عام بحسب عدد السكان الذين يخدمهم. وهنا يتوقع تجديد: فأولا ستُبنى البنية التحتية وبعد ذلك سيأتي الزبائن. واذا كان المستوطنون في العهد السابق هم الذين جلبوا الشوارع الالتفافية الى المناطق (وهي التي سيمكن بيعها للسلطة الفلسطينية مع اقامة سكة الحديد) فان القطار الآن سيسبق الموجة التالية من المستوطنين ويعرض عليهم خدمة نقل استطاع أسلافهم ان يحلموا بها فقط. وحينما يوجد قطار يمكن ايضا انشاء مصانع وغرس مزارع تُحمل منتوجاتها في المقطورات وتصدر عن طريق دمشق الى ايران ومن الاردن الى السعودية (فهم في اوروبا سيقاطعون هذه البضاعة المنتجة في المناطق)، وسيستطيع سكان القدس ان يصلوا الى تل ابيب سريعا عن طريق محطة اريئيل وقلقيلية ورأس العين. ويُشك في ان يروا ذات مرة القطار من تل ابيب الى القدس.

وسيُحمل في هذه القطارات سلام حقيقي ايضا. من سيصون المقطورات في المناطق؟ ومن سينظفها؟ ومن سينشيء منصات؟ ومن سيراقب التذاكر؟ ستنشأ آلاف اماكن العمل الجديدة للفلسطينيين حتى لا يبقى من يتظاهر أو يرمي الحجارة. وبعد لحظة وقبل ان ينقضي تأثير الحبة بقي سؤال صغير فقط وهو متى؟ لكنه سؤال لا حاجة اليه. فالهذيان وضع يسبب الادمان ويصبح دائما وهو لا يحتاج الى برنامج زمني.

يبدو أننا سنبتلع حبة جديدة في الغد. وهي التي تسبب هذيان مهاجمة ايران. لماذا لا؟ اذا كانت الحكومة على يقين بأنها تستطيع ان تنتصر على مستوطني ميغرون وتحلم هاذية بشبكة قطارات في المناطق، فكيف يمكن ان نتناول حلم الهجوم على ايران بصورة مختلفة؟ يمكن على الأقل ان نسجل براءة اختراع لاستعمال جديد لمخدر الهذيان.