خبر منديل بيرس -يديعوت

الساعة 09:58 ص|28 فبراير 2012

بقلم: ناحوم برنياع

خلّف حاييم وايزمن أول رؤساء دولة اسرائيل الكثير من المقولات السياسية أكثرها بالايديش وكلها لاذع. وحينما علم بمبلغ ضيق الصلاحيات التي منحته إياها حكومة بن غوريون قال مشتكيا: "المنديل هو الشيء الوحيد الذي تسمح لي الحكومة بأن أدس أنفي فيه".

في الستين سنة أو أكثر التي مرت منذ ذلك الحين حدثت تغييرات عميقة في قواعد اللعب السياسية. فقد ضعفت الحكومات ولم تعد سلطتها نفس السلطة ولم يعد تصميمها نفس التصميم. ولم يتغير القانون فهو ما يزال يرى ان الرئيس ليس أكثر من زينة أو حلية ذهبية في أنف السلطة. لكن الرؤساء في الحياة الحقيقية يستطيعون دس أنوفهم في كل مكان يشاؤونه. فلا يوجد رئيس حكومة يوبخهم ولو وُجد ايضا فلن يتأثر أحد بتوبيخه.

فكيف تكون الحال اذا حينما يكون الرئيس شمعون بيرس. فشمعون بيرس بمكانته وجلاله وفخامة شأنه وخدمته لاسرائيل في العالم محصن من التوبيخ. انه كيان قائم بذاته يتعدى لقبه الرسمي والدور الذي يؤديه.

وبرغم هذا فان النُبل ملزم أو يجب أن يلزم، بل انه يلزم حتى بيرس.

سيجتمع مؤتمر "ايباك" السنوي في واشنطن في بداية الاسبوع القادم. وقد استقر رأي قادة المنظمة على ان يخصصوا في المؤتمر الحالي حفلا منفردا لشمعون بيرس. سيوقرونه بحبهم وسيوقرهم بحضوره، وقد أُنتج فيلم خاص من اجل هذه المناسبة ودُعي اشخاص. وانتهز الرئيس اوباما الذي يبحث على ضوء الشمع في ذروة سنة انتخابية عما يُحببه من جديد للمصوتين اليهود، انتهز هذه الفرصة ليدعو بيرس الى بلير هاوس وهو بيت الضيافة الرئاسي.

كان رئيس الحكومة هو المدعو الرئيس من اسرائيل في مؤتمرات "ايباك" السابقة، واستُجيبت الدعوات دائما تقريبا وكان لذلك سببان. الاول، ان الحضور الى واشنطن قد منح علّة حسنة للقاء رئيس الولايات المتحدة. والثاني ان التصفيق الحماسي من آلاف حضور المؤتمر سما بمعنوية رئيس الحكومة وعزز مكانته في الداخل، وبخاصة حينما يكون رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو. ان مؤيدي "ايباك" يُجلونه ويعلمون كيف يُظهرون إجلالهم. والمناسبات التي يشارك فيها تقترب من مستوى ما هو موجود في كوريا الشمالية.

ونجمت مشكلة هي ان اثنين يتنافسان في توقير جمهور واحد. وكما كانت الحال في المنافسة بين الفيلم الاسرائيلي والفيلم الايراني، حينما يفوز واحد يبكي الثاني واذا لم يبكِ فانه يشعر بالاهانة.

اهتم مؤيدو بيرس بأن ينشر حفل تشريفه قبل شهور ولم يساعد هذا الامر، فنتنياهو لم يضبط نفسه واستقر رأيه على الحضور ايضا. واستعدوا في البيت الابيض من جديد: فبيرس سينزل في بلير هاوس الى يوم الاحد وآنذاك سيُستبدل الأثاث ويدخل نتنياهو. وقد عرف هذا البيت الكثير من الأحداث الغريبة، لكن يُشك في أنه حدث ذات مرة ان استعمله رئيس ورئيس وزراء لنفس الدولة بطريقة السرير الساخن. هكذا تكون الحال حينما توجد انتخابات ويكون الصوت اليهودي مهتزا.

غضب بيرس على نتنياهو فقد سحب البساط من تحت قدميه. فاوباما سيلتقي معه بالطبع لكن أنظار العالم ستتطلع الى اللقاء التالي، لقاء اوباما مع نتنياهو.

لم يقعد بيرس عاجزا. ففي نهاية الاسبوع بشر يوسي فيرتر في صحيفة "هآرتس" بأنه يعارض عملية عسكرية اسرائيلية في ايران ولن يمتنع عن إشراك رئيس الولايات المتحدة في رأيه. ولن يتحدث الى اوباما باسمه فقط بل باسم قادة الأذرع الاستخبارية والامنية في اسرائيل الذين يعارضون الهجوم.

يُخيل إلي ان بيرس على حق في هذا الشأن. فالهجوم الاسرائيلي حيلة صرف انتباه لامعة وخدعة محكمة قد تنفجر في أيدينا. ففي النهاية ستهاجم اسرائيل ايران لا لأن هذا هو الاجراء الصحيح بل لأنها هددت بفعل ذلك ويجب تحقيق التهديد وإلا فماذا سيقول الجيران وماذا سيقول الناخبون.

لكن حتى لو كان بيرس على حق وحتى لو استيقظ ضميره فجأة بعد سني نوم وحتى لو شعر حيال الأخطار التي تواجه اسرائيل بأنه لم يعد يستطيع الصمت، فليس اوباما هو العنوان الصحيح لأن النضال يُجرى هنا في الداخل أو لا يُجرى ألبتة.

إلا اذا كان همسه في شأن ايران جزءا من الحيلة الكبيرة بأن تهدد اسرائيل بالهجوم على لسان نتنياهو وأن تتوسل اسرائيل قائلة أمسكوني بصوت بيرس.