خبر أفضل دفاع هو مبادرة سياسية -هآرتس

الساعة 09:07 ص|26 فبراير 2012

بقلم: أمير أورن

 (المضمون: حدود اسرائيل قابلة للاختراق في كل وقت لأن اسرائيل لم تحصنها تحصينا جيدا اعتمادا على مبادرة سياسية أو على دفاع يستحق هذا الاسم - المصدر).

        "انه يذبحنا، وقلص أسعارنا بـ 30 في المائة"، قال دودو رحماني، وهو مقاول اعمال تراب من العفولة، بمرارة، مشيرا الى ناصب الجدران الوطني عيران أوفير. ان العميد أوفير ابن الرابعة والخمسين هو رئيس مديرية منطقة التماس في وزارة الدفاع وهيئة الاركان العامة، وهو واحد من خدمة الجمهور الأكثر جدوى في اسرائيل. وقد عين أوفير، وهو خريج اخلاء جنوب لبنان وغزة وبناء جدران في جميع المناطق، عين نفسه المقاول الرئيس لـ "ساعة الرمل"، وهي نصب جدران على الحدود المصرية، وأبعد مراحل الوساطة بين الطالب الامني ومقاولي التنفيذ.

        ان رحماني وعشرات من منافسيه ممن أملوا الحصول على راتب حسن من الحاجة المُلحة الى سد الحدود بين اسرائيل وجاراتها، يضطرون الى الاكتفاء بربح ضئيل. وان ذكريات قدماء هذا الفرع عن احتفالات الاسراف والفساد في بناء خط بارليف في سيناء، وفي حرب الاستنزاف، يبتلعها غبار حاشية الشارع 12 في ظاهر ايلات. فهنا وبغير لجان وهستدروت صُرف كل شيء الى الخارج. في الماضي في أيام رئيس هيئة الاركان الثاني يغئال يادين استعمل الجيش الاسرائيلي المغاسل والمافيا. وبعد ذلك فضل الجيش ان يستأجر جهات خارجية في ظروف تنافس من غير ان يُحمل نفسه عبء دفعات مخصصات التقاعد واعادة التأهيل للعمال؛ لكنه في الفترة الاخيرة فقط صار يفعل هذا في اقتصاد.

        ان كلمة "جدار" مضللة. ربما يُحتاج الى تعبير آخر هو "جدار محبوك"، للاشارة الى نظام ذي جدارين أو ثلاثة من أنواع مختلفة وقنوات وخنادق ووسائل مراقبة وانذار وجولات استطلاع وجمع معلومات استخبارية وقوات رد سريع وقدرة على القيادة والتحكم تعادل بين الحاجة الى مطاردة فورية لتخليص مختطف قبل ان يُخفى مثلا، وبين معرفة حساسيات اقليمية.

        كانت اسرائيل ستبدو بصورة مختلفة غير مُجرحة بالحروب الى هذا الحد لو استطاعت في الخمسينيات أو في الستينيات في أبعد تقدير ان تضرب حول نفسها جدرانا تحميها من اعمال التسلل. ان الفريق المتقاعد يادين الذي أصبح مستشارا لهيئة القيادة العامة وقت الحاجة في حرب يوم الغفران (ولم تُلغ عضويته في لجنة أغرينات بعد انتهائها وفي هذا ما فيه من الفضيحة)، أيد في السابع من تشرين الاول 1973 الاقتراح المتعجل لقائد الفرقة اريئيل شارون الانتقال الى هجوم في السويس قبل استكمال الصد. "من المهم ان نذكر المبدأ المقبول عند الجيش الاسرائيلي"، ردد يادين. "الهجوم هو الدفاع الأفضل". ولقد نبعت اخفاقات اسرائيل في تلك الحرب من اهمال الدفاع.

        في اسرائيل 2012 لم يُستوعب معنى الزعزعات في مصر وسوريا والغليان تحت الارض في الاردن: وهو الاتجاه الى انتقاض السلطة المركزية في دول قومية عربية – مصنوعة احيانا – ازاء تقوي تيارات قبلية ودينية ولوائية. ان الاتفاقات الموقعة مع الحكومات وعلاقات التعاون مع الجيوش المجاورة لا تكفي حينما تهدد ظواهر شعبية وجماهيرية باغراق الحدود سواء أكان ذلك بديلا مدنيا عن استعمال المدرعات والصواريخ أم كان مُجاريا له. تكون هذه احيانا عفوية منظمة كما حدث مع قوافل الحافلات التي جلبت آلاف المتظاهرين من عمان على مبعدة سفر نصف ساعة عن النهر الى جسور الاردن في "يوم النكبة". وهناك منعتهم قوات الامن الاردنية من الاقتراب من الحدود الاسرائيلية؛ فماذا سيحدث اذا تضعضعت مكانة النظام الهاشمي بضغط من معارضيه الى ان يسقط أو الى درجة برود سياسته نحو اسرائيل؟.

        ان التطورات في مصر والاردن والجمود السياسي يؤثران مباشرة في الجمهور الفلسطيني القادر على ان يُمط مثل نابض يتحرر بعنف. ان الهدوء الحالي والاحجام عن ضعضعة الوضع الاقتصادي في المناطق، وتوجيه أبو مازن اجهزة الامن الى التعاون مع الجيش الاسرائيلي و"الشباك" – كل ذلك موجود ومؤثر، لكنه مضلل ايضا لكونه متعلقا بسياق ولهذا يوشك ان يكون عابرا.

        يكفي اسبوع عرضي واحد من الجولات في الخليل مع قائد اللواء العقيد غاي حزوت، وفي غور الاردن مع نائب قائد الفرقة 162 العقيد ايتسيك بار وفي الفرقة الميدانية 80 التي تسيطر على ثلث مساحة دولة اسرائيل تقريبا في العربة والنقب – ومع قيادة العميد نداف فدان والعميد أوفير لينطبع في نفوسنا ان الجيش الاسرائيلي يضع في المناطق الحساسة أفضل ضباطه. وتُبين الجولة ايضا مبلغ كون الوضع الامني هشا، من غير وهم انه يوجد في الطرف الثاني عامل قوة حاسم محسوم يحرز هجوم اسرائيلي عليه هدوءا مستسلما. ان الهجوم الأفضل هو مبادرة سياسية والدفاع الأفضل هو الدفاع.