خبر الخفة التي لا تطاق في اطلاق النار- معاريف

الساعة 09:06 ص|26 فبراير 2012

الخفة التي لا تطاق في اطلاق النار- معاريف

بقلم: شاي غولدن

 (المضمون: اذا لم يأمر  الجيش والشرطة بالامتناع عن استخدام السلاح الناري الحي في المظاهرات ، فقد نجد أنفسنا في بداية جولة عنف اخرى، زائدة وخطيرة تضر بمصالحنا الاستراتيجية - المصدر).

        جندي المدفعية الذي أطلق النار على المتظاهر الفلسطيني طلعت رامية قرب حاجز قلنديا يوم الجمعة فقتله، لم يكن يعنى على ما يبدو بالاعتبارات السياسية وبالجوانب الدبلوماسية والدولية لحكومة اسرائيل. فقد شعر بالتهديد من جانب شاب مسلح بمسدس العاب نارية، يقف على مسافة عشرات الامتار منه، فأطلق النار انطلاقا من الاحساس بخطر الحياة. كان هذا فعلا سخيفا لجندي شاب – يدل ليس فقط على الخفة التي لا تطاق والتي يستخدم فيها جنود الجيش الاسرائيلي النار الحية في احداث المظاهرات، وحتى في اثناء الهدوء النسبي، بل أيضا على الخطر الاستراتيجي الذي يكمن لاسرائيل اليوم في كل فعل يقوم به عريف ابن عشرين.

        اعتداء الشبان العرب على الجنديين في حيفا، كما بدا الحال، مثل جنازة رامية والمواجهات العنيفة بين الجيش والمتظاهرين الفلسطينيين المشيعين لها في منطقة الرام في شمالي القدس قد يكونا بداية كرة النار التي تتدحرج في منطقة متوترة، ولكنها هادئة نسبيا، وستضر باسرائيل في جبهات عديدة. أضيفوا الى الامر سياسة الاستفزاز من مجموعة امناء جبل البيت والتي تعنى منذ اسبوعين باثارة النقطة الاكثر حساسية في الشرق الاوسط؛ والركب بالمجان الذي اتخذته حماس على عنف متطرفي اليمين لغرض الهاب الخواطر من جانبها – فستجدون بان اعمال الشغب في الحرم في نهاية الاسبوع الماضي هي مجرد المقدمة لموجة متفجرة وكبيرة جدا من العنف على خلفية دينية بين اليهود والمسلمين في فترة يصعب التفكير بما هو اكثر حساسية وتعقيدا لاسرائيل في الجبهة الدولية.

        سوريا تشتعل، وعيون العالم كله تتطلع الى الجرائم النكراء التي يرتكبها الاسد. الاسرة الدولية كلها تتحد في تحالف دبلوماسي نادر لاسقاط الطاغية العنيف؛ ايران توجد تحت الضغط الدولي الاشد الذي تتعرض له منذ صعود نظام آيات الله، ولكن بدلا من استخدام هذا الزخم التاريخي في صالح مكسب دولي حقيقي، تنجح اسرائيل في التورط في نهاية الاسبوع الاخير في جولة غبية وعابثة من العنف.

        من شاهد نشرات الاخبار في القنوات الدولية وجد أن محرري الاخبار في القنوات الاجنبية يربطون بين العنف في سوريا وبين نشاط الجيش الاسرائيلي في قلنديا. محاولات اقتحام متطرفي اليمين الى المسجد الاقصى غطيت هي  ايضا بتوسع وخلقت في العالم الانطباع بان اسرائيل، مثل سوريا، هي دولة تشيع العنف والظلم ولا تأبه بحقوق الاقليات التي توجد بين ظهرانيها.

        اذا لم تتخذ حكومة اسرائيل يدا متشددة ضد الاستفزازيين اليهود الذين يحاولون اشعال المنطقة، فقد تجد نفسها أسيرة معمعان يخرج عن سيطرتها ويلحق ضررا دبلوماسيا هائلا. اذا لم يأمر رئيس الاركان والمفتش العام للشرطة جنود الجيش وشرطة حرس الحدود بالامتناع عن استخدام السلاح الناري الحي في المظاهرات والامتناع قدر الامكان عن النشاط العنيف لتفريق المظاهرات، فقد نجد أنفسنا في بداية جولة عنف اخرى، زائدة وخطيرة – ليس فقط ستدهور الوضع في المنطقة بل وستضر ايضا بالقيم الاكثر استراتيجية لاسرائيل في هذا الوقت.

        ولكن احيانا يخيل ان نزعة العنف والدمار الذاتي الاسرائيلية، وكذا الغباء البنيوي فيها، اقوى منها. يمكن ان تدفع هذه المرة غاليا على ضعفها الداخلي وعلى غبائها.