خبر قصة صياد من غزة يقع فريسة « للشاباك »

الساعة 10:18 ص|20 فبراير 2012

غزة

قصة صياد من غزة يقع في فريسة "الشاباك"

كعادته كل يوم يصعد أبو السعيد - كنية مستعارة- 43 عاماً على متن قارب الصيد الخاص به طلباً للقمة عيشه وسط أمواج البحر المتلاطمة، والمصائد الصهيونية المتمثلة  بالسفن الحربية الصهيونية.

أبو السعيد الذي يقتات لقمة عيشه من صيد الأسماك في بحر غزة، اختارته المخابرات الصهيونية ليكون هدفها فنصبت له شباكهها لتصطاده.

يقول أبو السعيد لموقع "المجد الأمني": "في أحد الأيام أثناء تواجدي على متن قارب الصيد، طاردني أحد البوارج الصهيونية، وأخذ يطلق رصاص التحذير نحو مركبي، مما أطرني إلى التوقف في عرض البحر".

"أخذ احد الجنود على البارجة ينادي عبر مكبرات الصوت ويطالبني بالخروج على سطح المركب أنا وجميع طاقمي، فاستجبت لهم وخرجنا جميعاً رافعي أيدينا فطلب منا الجندي أن نعرف على أنفسنا وأن نخلع ملابسنا، وطلب منا القفز إلى البحر ثم السباحة نحوهم",على حد قول أبو السعيد.

وأضاف :"رفضت ذلك في بداية الأمر إلى أن الجندي أخذ يطلق الرصاص نحو المركب ويرشه بالماء، الأمر الذي دفعني إلى الاستجابة له".

ويتابع أبو السعيد، ففزت إلى الماء وسبحت نحو البارجة وصعدت إلى سطحها، وطلب أحد الجنود أن نستلقي على الأرض وقام أخرى بتكبيل يدينا وعصب أعيننا واقتادوني إلى غرفة في الأسفل.

بعد قرابة ساعة فك القيد عن يدي وعيني وأعطوني ملابس خاصة بهم "أبرهول"، ووجدت نفسي وحيداً في غرفة بها مكتب وجهاز حاسوب، وإذا بأحد الضباط يدخل الغرفة وينادي باسمي، وطلب مني الجلوس على مقعد مقابل للمكتب.

أشار الضابط إلى جهاز الحاسوب، وإذا بصورتي وبعض الكلام تحتها، وقال "نحن نعرف عنك كل شيئ! أنت تريد أن تقوم بعمل تخريبي ضدنا!"، وسألنني عن بعض أصدقائي وأماكن ومنازل لأشخاص حول سكني.

يتابع أبو السعيد، رددت على الضابط ونفيت ما اتهمني به، وأني لا اعرف لماذا تم اعتقالي، وأن علاقتي بالأشخاص الذين ذكرهم هي علاقة جيران لأكثر.

أخذ الضابط يضحك بصورة هيستيرية ويشير إلى صورتي والكلام الذي أسفل منها، وقال لي "لا تنكر، فصورك وجميع تحركاتك الأخيرة مرصودة لدينا وعندنا الكثير من الاتهامات لنضعك في السجن مدى الحياة، أنت خطر على دولتنا"، ثم أردف الضابط قائلاً: "يمكن أن تخرج منها ونعيد لك قاربك وسنسمح لك أن تصيد خارج الحدود، لكن بشرط واحد... أخبرنا عن "أبو محمد" ومن يحضر إلى منزله؟".

يتابع أبو السعيد بعد أخذ نفس عميق ينم عن مرارة حديثه، "أبو محمد" هو أحد أقاربي ومن الرجال المعروفين في منطقة سكني، وكان قد وقع بيننا خلاف قبل فترة قصيرة.

فكرت في حديث الضابط وقلت في نفسي "هو يريدني أن أصبح عميل! سأعطيه بعض المعلومات وأخرج منها ولن أعود بعد ذلك"، وفعلاً قمت بذكر بعض الأحداث التي جرت وعن بعض علاقات "أبو محمد" وأصدقائه وعن عمله وعن تفاصيل منزله من الداخل كما كان يطلب مني الضابط.

في نهاية حديثي، اقترب مني الضابط ووضع يده على كتفي وقال لي: "إنك تكذب علينا، هل تعتقد أننا سذج ولا نعرف؟ نحن نعرف كل شي؟ نحن نعرف متى وكم مرّة أرضعتك أمك!!"

فأخذت اقسم له أني أقول الصدق، وأتوسل إليه أن يطلق سراحي وأن يعيد مركبي، وكان يرد بالضحك عليّ.

بعدها قال لي الضابط: "سأعطيك فرصة أخرى، ستخرج من هنا و سأعيدك إلى منزلك، وسيعود مركبك لك بعد أسبوعين، بل سأسمح لك بأن تجتاز الحدود البحرية للصيد".

وفعلاً، حضر أحد الجنود وأدخلي غرفة أخرى فيها ملابسي وبعض الأغراض الشخصية التي كانت على المركب والطاقم الذين يعملوا معي، وبعدها أوصلونا إلى ميناء أسدود وبعدها إلى معبر ايرز.

يتابع أبو السعيد، لم أنم الليلة وأنا أفكر فيما حدث معي، وفي صباح اليوم التالي إذا برقم يتصل بي، ردت على الرقم وإذا به الضابط الذي قابلته في البارجة.

سألني عن وضعي وكيف كانت ليلتي، وطلب مني الذهاب إلى مكان ما، وسأجد فيه شريحة ومبلغ من المال مقابل صيد أمس، وورقة خاصة للحصول على المركب, وقبل أن يقطع الاتصال قال لي الضابط "أطمأن لن يعرف أحد بك، واذهب بعد يومين إلى معبر كرم أبو سالم وستجد قاربك هناك".

سعدت بذلك كثيراً فسيعود المركب الذي كلف ثمنه أكثر من ثمانين ألف دينار أردني، اسرعت وذهبت إلى المكان الذي حدده الضابط، ووجدت الورقة، وشريحة اتصال "اسرائيلية"، ومبلغ 600 شيقل, وبعد يومين حصلت على المركب واعدته إلى البحر.

بعد أسبوع تقريباً اتصل بي رقم على هاتفي، وكان الضابط هو المتصل، وقال لي بنبرة حاده "لماذا لم تشغل الشريحة –يقصد شريحة الاتصال الصهيونية-؟؟ نحن لا نلعب هنا؟ هل تعرف ما يمكني فعله الآن؟؟"

طلبت منه أن يتركني وشأني وأنني لا اعرف شيء، فرد علي "إن تسجيل صوتك وأخذك للمال موجود لدينا، سنرسله لأبو محمد، تعاون معنا ولن يحصل لك مكروه" وطلب مني أن اشغل الشريحة الصهيونية بعد خمس دقائق واقفل الخط.

يتابع أبو السعيد وقد سالت دمعة من عينه، استسلمت له،ووضعت الشريحة الصهيونية في هاتفي، وبعد قليل اتصل بي الضابط وبدأ حديثه "الآن يمكننا الحديث بحرية"، وطلب مني بعض المعلومات من أرقام هواتف وأماكن للمقاومة، وكنت انفذ ما يطلب مني.

يختم أبو السعيد، استمريت على هذا الحال قرابة ثلاثة سنوات، وكانت في صراعاً دائماً مع نفسي، حتى سلمت نفسي إلى الأجهزة الأمنية وانتهت رحلت عذابي.