خبر أولاد يُقتلون والقلب يبتهج -هآرتس

الساعة 09:36 ص|19 فبراير 2012

بقلم: جدعون ليفي

(المضمون: لم يعد عدد كبير من الاسرائيليين يخفون كراهيتهم وابتهاجهم بشر يقع على الفلسطينيين ومثال ذلك ابتهاج كثير من الاسرائيليين لموت اولاد صغار حرقا في حافلة - المصدر).

        جاء صفير تسكين النفوس مع مجيء الأنباء الاولى فورا التي قالت ان حافلة الطلاب كانت فلسطينية. استطاع ذوو النظر الثاقب فقط ان يلاحظوا الفرق، لكن شخصا ما في الطريق الى الاستطلاع اومأ الى ذلك فورا. بعد ذلك تدفقت الأنباء والصور، وكان الاستطلاع موضوعيا ومناسبا على نحو عام وإن كان بلا وجه وبلا انسانية. ولا يصعب ان نتخيل كيف كان يُستعرض حادث مخيف كهذا لو كان الاولاد يهودا، كان سيُسفح دم ودموع أكثر كثيرا. ينبغي ألا نشتكي من هذا فالانسان أقرب الى نفسه والى شعبه. ويمكن ان نغفر ايضا الظاهرة البائسة التي أصبح فيها الشارع بين القدس ورام الله فجأة "خارج حدود اسرائيل"، كما أبلغ المراسلون – فالخط الاخضر يُبعث حيا فجأة حينما يريحنا ذلك.

        لكن لا يمكن ان نغفر ما حدث بعد ذلك. فقد عصفت الشبكة العنكبوتية وفارت المدونات على الانترنت، ولم يكن هناك أصحاب المدونات المجهولة التي هي ملاذ المنحرفين والوقحين بل عرّفوا أنفسهم بأسمائهم وبصورهم على الفيس بوك: انها عنصرية مقززة والى جانبها تطغى كراهية مريضة يبدو أننا لم نر مثلها هنا قط. فقد كتب داني فزينشفيلي بلا أي خجل: "اطمئنوا هؤلاء اولاد فلسطينيون"؛ وأملت تالي بيتون قائلة: "يبدو ان هؤلاء اولاد فلسطينيون"؛ وأمل ايتي فيلتسيغ: "ان تكون حافلة كهذه كل يوم". وبارك عشرات إن لم نقل مئات من متصفحي الانترنت الموت الفظيع حرقا لاولاد صغار كانوا في رحلة، وظهرت الردود على صفحات فيس بوك رئيس حكومة اسرائيل وشرطة اسرائيل وموقع والله!. "سيريدون مالا، لأن المال أهم عندهم من الاولاد الذين قُتلوا"، قال متصفح آخر بلغة العارف. "يمكن ارسال شاحنة اخرى" و"كنت أُرسل شاحنة مضاعفة لمحو كل هذه القذارات".

        ما يزال يوجد على صفحة الفيس بوك الرسمية لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو الذي بادر الى التعبير عن أسى للحادثة من قبرص البعيدة، ما تزال تظهر الردود وكأنها علامة عار على كاتبيها ومستضيفها. قال اسرائيل أوحنا: "هذا لا يهمني ألبتة. ان كل ولد فلسطيني عندي مرشح لأن يصبح مخربا منتحرا في المستقبل"؛ وقال تومر بن حاييم: "يستحق كل مقاوم لليهودية شيئا واحدا فقط"، وكتبت مئيره باروخ وحدها: "أنا في الـ 63 من عمري. قد خجلت مرات قليلة في حياتي من كوني يهودية. أنا اليوم خجلة. كيف يمكن الفرح بموت اولاد صغار؟".

        لم يعد من الممكن ان نطرح عنا كل هذا بزعم ان الحديث فقط عن مجموعة صغيرة من أصحاب الردود المجانين، لا تشهد على المجموع. ربما يجب ايضا ان نبارك الامكان الديمقراطي للكشف عن هذه الردود ولجعلها تطفو في الوعي العام. لكن من الواجب ان نعترف بأن الحديث عن مزاج عام سائد، وعن تيار عميق حقيقي في المجتمع الاسرائيلي. ان كراهية العرب والعنصرية في معاملتهم بلغتا في السنين الاخيرة أبعادا مخيفة ولم تعودا من نصيب قلة لا يؤبه بها. هناك كثيرون يتجرأون على التعبير بهذه الصورة وأكثر منهم يفكرون هذا التفكير. ان جميع قوانين الفصل والتمييز في السنين الاخيرة هي تعبير أصيل عن ذلك.

        حينما تطلب اسرائيل نتنياهو الى السلطة الفلسطينية ان تكف عن التحريض على اسرائيل، فان عيبها يغطي على ذلك. ربما يصعب ان نقيس هذا بصورة صحيحة، لكن بعد 25 سنة من تغطية الاحتلال الاسرائيلي اعلاميا وبعد ما لا يحصى من اللقاءات مع الميدان الفلسطيني أسمح لنفسي بأن أقول انه لا يوجد عند الطرف الثاني كراهية وعنصرية كهاتين. وأجد نفسي مرة بعد اخرى أدهش ازاء آلاف الفلسطينيين الذين التقيت بهم على مر السنين وكلهم من ضحايا الاحتلال، يتحدث أكثرهم عن حلمهم بالعيش معا في سلام (في الوقت الذي يحلم فيه أكثر الاسرائيليين بـ "الفصل"). اجل، يوجد هناك ايضا كارهون وخرجت من هناك ايضا عمليات تفجيرية قاتلة نُفذت ضد اسرائيليين، واحتج قليلون فقط هناك على ذلك، لكن الكراهية الفلسطينية تنحصر في الأساس في الاحتلال الاسرائيلي. واثناء الحريق في الكرمل أرسلت السلطة سيارات اطفاء الى اسرائيل وتعلمون ان لا أحد احتج على ذلك، ويُشك في ان يكونوا فرحوا هناك لموت اسرائيليين كما فرحوا عندنا الآن.

        لكن حتى لو لم أر ولو كنت مخطئا، وحتى لو كانت الكراهية متبادلة، فلا يمكن ان نتجاهل ما يحدث لنا نحن أنفسنا: ان اولادا فلسطينيين يُقتلون في حادثة سير وتبتهج قلوب اسرائيليين كثيرين، بل انهم لا يخجلون من ذلك.