خبر الحدود تتحطم.. معاريف

الساعة 09:47 ص|17 فبراير 2012

بقلم: عوفر شيلح

(المضمون: العمليات الاخيرة في الهند وغيرها تميزت بانها خرقاء وبتنفيذ هاوٍ، ولكن الارهاب يعمل على قانون الاعداد الكبرى. فعندما تنجح عملية كبيرة لن يتذكر احد كل هذه الاخفاقات الصغيرة – المصدر).

في منتصف الاسبوع انشغل الجهاز الاستخباري في اسرائيل في محاولة حل لغز سلسلة العمليات ضد أهداف اسرائيلية في خارج البلاد: ليس من وقف خلفها (ايران، بالتعاون مع حزب الله، بالطبع)، وليس الدافعية وراءها (تصفية علماء الذرة الايرانيين، الثأر على تصفية عماد مغنية وانتم تعرفون القائمة)، بل مستوى التنفيذ المنخفض. يدور الحديث عن ذات الاجهزة التي نفذت في 1992 عملية سوبر فتاكة ضد هدف اسرائيلي في بوينس آيرس، السفارة الاسرائيلية هناك، في غضون شهر من تصفية الامين العام لحزب الله عباس موسوي. والان، صحيح حتى الان، يتعرقلون بأرجلهم هم أنفسهم، بل واحيانا يفقدونها في شيء لو لم يكن يرتبط بالارهاب لكان مثيرا للضحك. ماذا يحصل هنا؟

مسموح ايضا القول اننا لا نعرف، واذا كان احد ما يعرف فهو لا يروي. في اسرائيل وفي الغرب يعرفون جيدا النفوس العاملة، أجهزة الارهاب الثلاثة  المتداخلة الواحد بالاخر: الاستخبارات الايرانية التي رئيسها في تلك الايام علي بلخيان قاد شخصيا العملية في الارجنتين؛ جهاز "القدس" للحرس الثوري برئاسة قاسم سليماني؛ وجهاز عمليات الخارج في حزب الله برئاسة طلال حمية، نائب مغنية ووريثه بعد تصفية الاخير في دمشق. مصدر اسرائيلي كبير شرح هذا الاسبوع توزيع العمل بين الاجهزة الثلاثة يرتبط بقدر أقل بالمراتبية كما هي معروفة لنا من الجيوش الغربية وبقدر أكبر بالعلاقات وبالبنى التحتية في كل هدف للعملية. بكلمات بسيطة، من له قدرة أكبر هو الذي يتسلم المفاتيح.

مغنية، قال ذات المصدر في محاولة اولى لشرح لماذا حتى الان، تفو تفو تفو، لا ينجحون في المؤامرة، كان بؤرة حقيقية من المعرفة. توجد حالات كهذه تكون فيها تصفية شخص ما لا تؤدي الى استبداله بشخص آخر، يواصل من ذات المكان، بل تقطع حقا رأس الافعى التنفيذي.

الايرانيون، قال المصدر، استعانوا بمغنية أيضا لتنفيذ أعمال ارهاب لم تكن لها صلة بمصالح حزب الله، مثل تصفية زعماء المهاجرين في المطعم اليوناني "ميكونوس" في برلين في 1992. يحتمل أن بعد أربع سنوات من موته، لا يزال ليس له بديل كرئيس تنفيذي.

* * *

كل هذا لا يزال لا يفسر ما رأيناه هذا الاسبوع – ليس فقط مستوى التنفيذ بل وايضا الاختيار الغريب للاهداف: الهند هي احدى الدول الاخيرة التي ترغب ايران في اغضابها، في الايام التي تغلق فيها اوروبا طرفها في انابيب النفط. الموعد الاخير لتطبيق الحظر على شراء النفط من ايران، والذي أعلن عنه وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي هو 1 تموز. وفي نفس الوقت رجال أعمال من الصين يلغون صفقات في ايران الواحدة تلو الاخرى ويسبقون بذلك حكومتهم التي هي ايضا قلصت جدا كمية النفط الذي تستورده من ايران. لماذا، من أجل "الانجاز" المشكوك فيه للمس بدبلوماسي اسرائيلي، يتعين بالذات اغضاب الهنود؟

في هذا السياق كان من ذكر هذا الاسبوع المحاولة نصف الناضجة لتصفية سفير السعودية في واشنطن، والتي اكتشفتها الادارة الامريكية في تشرين الاول الماضي. هناك أيضا بدا الامر هاويا جدا لدرجة انه كان من شكك في كم هم الايرانيون يقفون خلفه: مواطن امريكي من اصل ايراني، منصور اربسيار، اعتقل في حينه واتهم في أنه أدار حملة التصفية، التي اكتشفتها منذ بدايتها وكالات الاستخبارات الامريكية. المسؤول عن أربسيار، كما ادعى الامريكيون، كان مسؤولا كبيرا من قوة القدس يدعى غلام شكوري، لم يمسك به.

في الحالة اياها ايضا ثارت أسئلة ليس فقط بشأن مستوى التنفيذ بل وايضا بشأن المنطق الذي في العملية المخطط له نفسها. مسؤول كبير جدا تحدثت معه في حينه قال انه يحتمل أن نكون نعزو للايرانيين تخطيطا مركزيا أكثر مما يوجد لهم هناك حقا: ليس أن الزعماء غير مطلعين على الخطط للعمليات التي يمكن ان تكون لها آثار هامة على وضع ايران – حسب السلطات في الارجنتين والمانيا، فان الزعيم الاعلى خمينئي نفسه أقر العمليات الفتاكة ضد السفارة الاسرائيلية ومبنى الجالية اليهودية في بوينس ايرس، وكذا التصفية في ميكونوس – ولكن ما يحصل من تلك اللحظة لا يشبه بالضرورة اقرار "حملات وغارات" ضد وزير الدفاع عندنا.

الواضح هو أن محاولة تصفية السفير السعودي الحقت بالايرانيين ضررا هائلا. وكان هذا سببا هاما في تغيير موقف ادارة اوباما والفاعلية المتعاظمة التي تبديها منذئذ في المسألة الايرانية. واعتبر الامريكيون مثل هذه المحاولة على اراضيهم تحديا مباشرا، والولايات المتحدة لا تحب أن يتحداها أحد. يحتمل أن ما يوجد هنا هو ببساطة سوء فهم. نحن نولي النظام الايراني حكمة وطول نفس، وهذا بشكل عام صحيح. ولكن يحتمل أيضا أن يكون الحديث يدور عن عصبة من الناس فهمهم للغرب محدود. الشباب الايرانيون متعلمون ومنفتحون على الانترنت، ولكن زعماءهم منغلقين أمام الغرب منذ أكثر من 30 سنة ويرونهم بتعابير دينية (في تفسيرهم هم للدين بالطبع) وعلى أي حال ايضا في غير قليل من تعالي المتزمتين. يحتمل ان الطريق من هناك الى الاخطاء في الحساب، ليس فقط في شؤون الارهاب بل وايضا في التهديد على مضائق هرمز، لعبة قوة هي أيضا كلفت الايرانيين غاليا، اقصر مما يخيل لنا.

* * *

للمعادلة يوجد ايضا طرف آخر. عمليات 1992، "ميكونونس" وبعض نجاحات الارهاب لمغنية أو اسامة بن لادن وقعت في ايام ما قبل 11 ايلول 2001يوم تأثيره على الخريطة العالمية قد يكون أكبر من أي يوم آخر في العقد الماضي. منذ انهيار البرجين التوأمين واجهزة الاستخبارات الغربية تتعاون أكثر من أي وقت مضى، على علم بانه لا يمكن لاي تفكير بالمكانة السياسية أو التنظيمية يمكنه ان يصد الحاجة الى التعاون حيال تهديد لا يميز بين الهداف.

القاعدة هي اليوم منظمة مطاردة، يصاد رؤساؤها الواحد تلو الاخر. عزلة ايران والقيود عليها وعلى شريكها في لبنان واضحة ليس فقط في قدرة التنفيذ المحدودة بل وايضا في اختيار الاهداف. واضح أن الايرانيين سعوا الى اطلاق رسالة في أنهم هم ايضا يستطيعون، وانهم لن يقعدوا صامتين عندما يخرج علماء النووي من منازلهم في قلب طهران ولا يصلون الى عملهم، أو أن حليفا هاما مثل مغنية يفقد رأسه في قلب دمشق. ولكن على الاقل حتى الان أهدافهم لم تكن استعراضية مثل مبنى السفارة.

الحكم الايراني، كما قال مسؤول كبير اسرائيلي هذا الاسبوع، قلق حقا من امكانية هجوم دولي، وهو يحاول بكل قوته تعطيل تأثير العقوبات الاقتصادية الحادة على الاقل الى ما بعد الانتخابات للبرلمان في الشهر القادم. وآخر ما يحتاجه هو شد الحبل اكثر مما ينبغي.

* * *

وبعد كل شيء، هناك حاجة بالطبع الى الحظ ايضا. ما عرفناه اساسا هذا الاسبوع هو ان الايرانيين يريدون الثأر. هذا يدل على أنهم في حالة ضغط، وربما أيضا يدل على تشويش  في التفكير وفقدان لرباطة الجأش. ولكن الارهاب ينطق على قانون الارقام الكبيرة: من سيتذكر اخفاقات عديدة اذا ما لا سمح الله نجحت عملية واحدة.