خبر الفشل الفاضح.. معاريف

الساعة 09:44 ص|17 فبراير 2012

بقلم: نداف ايال

(المضمون: العمليات كانت محرجة وخرقاء، ولكن ما هو مهم هو الرسالة. ايران في حالة ضغط ذري، فهي تتبجح ولكنها تموت من الخوف. كل شيء سيتغير اذا ما تعمق التعاون مع القاعدة - المصدر).

لم يكن ممكنا عدم التفكير هذا الاسبوع بالنبوءة الخطيرة لوزير الدفاع ايهود باراك الذي قال ان المواجهة مع ايران لن تجبي حياة 5 الاف قتيل اسرائيلي، "بل ولا 500". هذا القول بدا في حينه كمبالغة محتملة بل وسيتبين اكثر – لشدة الاسف – هكذا. ولكن احداث الايام الاخيرة أدخلت أفكارا مفرحة ومتفائلة عن القدرة التنفيذية البائسة التي ابدتها ايران. فمن يدري قد يتبين أن باراك كان محقا وان الشيطان الايراني ليس فظيعا بقدر كبير. من جهة اخرى، بضع مئات من القتلى الاسرائيليين يبدو فظيعا بما فيه الكفاية.

العملية في نيودلهي ومحاولات العملية في جورجيا وتايلند كانت أحداثا خطيرة في النظرة الاسرائيلية، ولكن السلوك الاخرق السخيف الذي أبداه المخربون اضر بطهران عميقا. والضرر ثلاثي الابعاد. محاولة خلق ميزان ردع حيال اسرائيل – انتم تضربوننا ونحن نضربكم – فشلت. ايران لم تثبت قدرتها؛ مخرب يتجول مع جواز سفر ويلقي بقنبلة يدوية على شجرة، فقط كي تطير هذه عليه عائدة لتقطع له ساقيه، هو مخرب يمكن للقدس وفي واقع الامر للاسرائيليين أن يتمنوا له أن يواصل طريقه المبارك. كما ان ايران لم تنجح في خلق ستار من الغموض ضروري جدا لنشاطات من هذا النوع. حادثة العمل الغربية في تايلند أدت الى خلية الاستخبارات التي تجولت مع عبوات ناسفة لا تنتج على ما يبدو الا من قبل ايران. ويدور الحديث عن صيغة قديمة من القنابل البحرية، التي تلصق بمغناطيس – تلك التي انتجت في الماضي في العراق لـ "جيش المهدي" وهدفها التصفيات.

الخلية الخرقاء تجولت مع جوازات السفر الايرانية الاصلية الخاصة بها، لم تستخدم وسائل تمويه، وبشكل عام تصرفت وكأنها في طريقها الى الاستجمام وليس الى عملية دولية. متصفحو الفيس بوك كان يمكنهم أن يجدوا صور بعض اعضاء الخلية في الصفحات الرئيسة في الشبكة الاجتماعية، بما في ذلك صور مع ابناء عائلاتهم. ربط العمليات بايران هو فشل فظيع بالنسبة لطهران، يؤدي الى الضرر الثالث – العلاقات مع تايلند والهند، والتي تعاني الان من صدمة شديدة.

* * *

ليس مناسبا تأبين جهاز العمليات الايراني، ولا الافتراض بان هذه العمليات خططتها قوة القدس، الوحيدة النخبة للحرس الثوري المسؤول عن العلاقات الخارجية بالمعنى الثوري، أي العنف الفتاك. الجنرال قاسم سليماني، قائد هذه القوة ليس معروفا كشخصية مهملة. العمليات كانت متسرعة، خرقت القواعد الاساسية للعمل الاستخباري وبدت بقدر كبير كـ "الفشل الفاضح" (العملية الاسرائيلية التي ارتكبت في مصر في الخمسينيات) أكثر منها كعمليات التصفية التي نسبت للموساد في طهران.

احد الاحتمالات المركزية التي تطرح في أجهزة الاستخبارات الغربية هو ان هذه محاولات عمليات لم تقرها الهيئات المركزية في النظام الايراني. هذه ليست نظرية بل تخمين. يوجد هنا افتراض خفي والذي هو في واقع الامر الافتراض الاهم عن ايران 2012: ليس للغرب، للولايات المتحدة ولاسرائيل أي فكرة واضحة عن علاقات القوى في ايران. واذا قلنا هذا بشكل أوضح فهو: اوباما وبيبي لا يعرفان من يحكم بالضبط في ايران.

* * *

الانتاج التلفزيوني في المفاعل النووي الصغير في طهران – مفاعل بحثي يخضع لرقابة وكالة الطاقة الذرية – جاء ليدق طبول العزة القومية أمام الشعلة المنطفئة للمجتمع الايراني. ايران هي دولة مع اقتصاد منهار، مع طوابير طويلة لمواطنين يسحبون المال من البنوك، مع هبوط لقيمة العملة بـ 50 في المائة في غضون بضعة اسابيع.

وحيال هذا الواقع البشع أنتج الايرانيون صورا ترمي الى اثارة العواطف القومية الداخلية.

الايرانيون في حالة ضغط شديد، يخشون على وضعهم الاقتصادي غير المستقر، لدرجة أنهم مستعدون للتوقيع على اتفاق مهين مع الهند يقرر بان هذه تدفع لهم بالروبيات - بالروبيات - لقاء النفط الايراني النوعي، الذي لم يعد الغرب مستعدا لان يشتريه. معنى قبول مقابل بالعملة الهندية هو أن الايرانيين سيضطرون الى استخدامها لمشترياتهم من الهند فقط – قيد خطير. وهكذا فان الايرانيين يشعرون منذ الان بالطريقة التي بدأت فيها دول آسيا الكبرى، وعلى رأسها الصين والهند بابتزازهم واستغلال عزلتهم في العالم. وحتى صفقة الابتزاز هذه، المهينة، كانت هذا الاسبوع في خطر بسبب التورط في نيودلهي وبانكوك. لعل الايرانيون يبولون من فوق، الا انهم يبثون الخوف اساسا.

* * *

وإذ ضاقت عليهم الامور، فان الايرانيين يتوجهون الان الى مسار خطير على نحو خاص. فتقارير الاستخبارات في الغرب تشير الى تعزيز العلاقة بينهم وبين عدو تقليدي ووحشي – القاعدة. خلق حلف بين الشيعة الراديكالية لطهران وبين القاعدة، المنظمة السنية التي انشغلت بقتل جماهير الشيعة في العراق، بدا خياليا حتى قبل بضعة اشهر. ولكن المزيد فالمزيد من التقارير تشير الى ان طهران اليائسة مستعدة الان لان تنظر في التحالف مع الشيطان السني كي تحاصر وتهدد الغرب. يوجد فقط مكان واحد في العالم يمكث فيه قادة كبار في القاعدة دون خوف من التصفية – وهذا هو طهران.

بعد 2001 فر بعضهم الى ايران، والايرانيون بعثوا بهم الى اقامة جبرية مريحة، تطبيقا للقاعدة القديمة التي تقول احفظ اصدقائم قريبين منك واعدائك بقرب اكثر. ذات قادة القاعدة، اناس مثل "ياسين السوري" (واسمه الحقيقي عز الدين خليل) الذي خصصت الولايات المتحدة لرأسه جائزة 10 مليون دولار، اعتبروا على مدى السنين رهائن لدى الايرانيين. رهائن ضد امكانية أن تقف القاعدة ضدهم. ولكن في الفترة الاخيرة بدأ الايرانيون يحررون الحبل قليلا ويسمحون للقاعدة بمجال مناورة معين. "سكاي نيوز" افادت هذا الاسبوع بخبر صاخب بل وصاخب جدا: القاعدة تتلقى مساعدة مكثفة من ايران، بما في ذلك التأهيل على استخدام المتفجرات، ربما في الطريق الى تنفيذ عملية جماعية كلاسيكية. فهل اتحد كل متزمتي العالم، من السنة المجانين الى الشيعة العطاشى للدماء؟ ينبغي أن نأمل ان لا. فتعاون مكثف من هذا النوع كفيل بان يكون فتاكا اكثر بكثير من العمليات التخريبية التي رأيناها هذا الاسبوع.