خبر خضر عدنان.. صمودك نافذة الانعتاق!.. لمى خاطر

الساعة 08:09 م|16 فبراير 2012

أن تبدأ المعركة من داخل الزنازين، وأن يكون الأسير جوادها وحادي ركبها، وأن تكون حياته وقودها، فهذا يعني أننا أمام حالة انتصار حقيقية، وأن إدانة الاعتقال وإدامة حالة التفاعل مع قضية الأسرى في سجون الاحتلال قد انتقلت نقلة نوعية أخذتها من حالة الرتابة والتقليدية التي كانت تراوحها في العادة إلى آفاق جديدة عنوانها الأسير الرمز واستثنائية الحالة البطولية!

خضر عدنان؛ قرر أن يرفض الاعتقال الإداري وينهيه بإرادة حديدية وهمّة شامخة وإصرار مسبق، مع توقّع لجميع المآلات، ولذلك لم يكن غريباً على قامة الشيخ خضر عدنان أن تقترب من الشهرين في إضراب متواصل يرافقه عزم على الاستمرار إلى حين تحقيق مطلبه وإنهاء سياسة الاعتقال الإداري.

وقد أحسن الشيخ خضر إذ جعل من الاعتقال الإداري عنواناً لمعركة صموده وصبره الطويلة، وهو الاعتقال الذي يتمّ وفق مزاج المخابرات الإسرائيلية ودون أن تكون هناك تهمة فعلية تقضي (وفق قانونها) باحتجاز الأسير، وهي السياسة التي أرهقت عزائم ضحاياها، وتركتها سنوات طويلة نهبة انتظار ممل ومفتّت للأعصاب. وهي فرصة كذلك لتعريف العالم ومنظمات حقوق الإنسان بهذه السياسة، مع ما سيمثله إضراب الشيخ من دافع لحراك قانوني في المنابر الدولية في سبيل إنهاء الاعتقال الإداري، أو على الأقل الحدّ منه.

ندرك أن الاحتلال الإسرائيلي ليس من النوع الذي يخضع بسهولة، فعنجهيته تأبى عليه الاستجابة لمطلب أسير حتى لو أدى إنكار مطالبه إلى وفاته، لأن الاستجابة تعني ليّ ذراع مخابرات الاحتلال، وإغراء آخرين بخوض إضرابات أخرى تأسياً بمن يحقق إنجازاً في معركة الأمعاء الخاوية التي يخوضها. لكن تفاعلات قضية الشيخ خضر عدنان لا بدّ أن تشكل حرجاً لكيان الاحتلال، وأن ترغمه على المدى البعيد على إعادة النظر في سياسة الاعتقال الإداري، خصوصاً وأن السنوات الأخيرة شهدت تصاعداً في حالات الاعتقال الإداري، وإسرافاً في تمديد فترات احتجاز الأسرى الأداريين لفترات طويلة ومتواصلة تصل إلى عدة سنوات، وكلّ هذا دون تهمة معلنة أو محاكمة!

ونعود لما قلناه بداية، وهو مغزى وأهمية أن ترفع الضحية بنفسها لواء حريتها، مع أن واجب الآخرين الانتصار لها والعمل على تحريرها، ولكن التجربة أثبتت أن ما يجبر الاحتلال فقط على التنازل في ملف الأسرى هو قوة السلاح، على نحو ما حدث في صفقة وفاء الأحرار وسابقاتها، أو إضراب الأسرى أنفسهم وتصعيدهم. وهو ما من شأنه أيضاً أن يعيد قضية الأسرى بقوة إلى واجهة التفاعل، ويجذب الاهتمام الشعبي والإعلامي بها على نحو يفوق ما قد يحدثه التفاعل الخارجي المعزول عما يجري داخل السجون.

إن وصول الشيخ خضر عدنان إلى هذه المرحلة من تحدي السجان يعني أنه سجل انتصاراً حقيقياً عليه، وأن رمزيته تجذّرت كعنوان للإصرار ولتجاوز حاجز المستحيل، وهو ما أكسب حركة التضامن معه داخل فلسطين وخارجها ألقاً خاصاً وبريقاً مختلفا، في وقت تبدو فيه القضية الفلسطينية وتحديداً شأن الأسرى في أمسّ الحاجة لمثل هذه الرمزية المجددة روحَ التحدي، والباعثة على استعادة زمام المبادرة؛ المبادرة للفعل الحقيقي، ولاجتراح آليات مقاومة شتى، تحسن توظيف كلّ أوراق قوّتها، واستنهاض همم ومشاعر الجمهور بعد ركود طويل وتسليم بقلّة الحيلة!