خبر السلام الجديد -هآرتس

الساعة 10:12 ص|16 فبراير 2012

بقلم: آري شبيط

(المضمون: يجب على اسرائيل ان تبدأ الآن مسيرة سلام جديد بتعاون فعال مع المجتمع الدولي ومع وعي ان سلاما من الطراز القديم الذي كان يتم مع حكام عرب مستبدين علمانيين لم يعد ممكنا - المصدر).

        الافتراض الأساسي الاول للسلام الجديد هو انه لن يوقع في السنين القريبة اتفاق سلام اسرائيلي فلسطيني. وتجب المحاولة دائما، والابقاء على فريق سياسي سري ما يجري تفاوضا سريا ويفحص هل خف الماء. لكن فرض العمل العملي هو انه في المناخ الاستراتيجي الحالي لا احتمال لحل مشكلة القدس ومشكلة اللاجئين ومشكلة حماس. والسلام الحقيقي سيأتي حتما لكن لا في هذا العقد.

        والفرض الأساسي الثاني للسلام الجديد هو ان تهديد الاحتلال يهدد اسرائيل بقدر لا يقل عن أي تهديد آخر. فالاحتلال يعرض اسرائيل للخطر اخلاقيا وسكانيا وسياسيا ومن جهة الهوية. واستمرار الاحتلال يُفسد الدولة اليهودية الديمقراطية ويغير بالتدريج هويتها ويعرض وجودها للخطر. والوضع الراهن يصيبنا بالسرطان ايضا ونحن لا نشعر بذلك واذا لم ننهه فسيقضي علينا.

        والفرض الأساسي الثالث للسلام الجديد هو ان انسحابا اسرائيليا من طرف واحد من الضفة لا يمكن ان يكون فوريا وذا بعد واحد وبعيد المدى. فليس واضحا الى الآن كيف سنجابه قواعد الصواريخ الايرانية في الشمال والجنوب التي أُنشئت على أثر الانسحابات السابقة من طرف واحد، ومن الواضح أننا لن نستطيع أن نواجه قاعدة صواريخ ايرانية ثالثة في مركز البلاد. سيكون الانسحاب الى الخط الاخضر الذي لا يرد ردا حقيقيا على خطر الصواريخ اجراءا مقوضا يعرض الامن القومي للخطر.

        والفرض الأساسي الرابع للسلام الجديد هو انه في الوقت الذي لا يُمكّن فيه العالم العربي المسلم الجديد من توقيع على اتفاقات سلام من النوع القديم فانه يتيح فرصا وأحلافا وتفاهمات من نوع جديد. لقد ضاع احتمال اتفاقات فوق المائدة مع مستبدين عرب علمانيين فاسدين، لكن نشأ احتمال صوغ شراكات مصالح آسرة بين اسرائيل وعدد من جاراتها. وفي مقابلة هذا نشأت فرصة لفهم أعمق بين اسرائيل وقوى الغرب التي كانت ترفض في الماضي تفهما.

        والفرض الأساسي الخامس للسلام الجديد هو انه يجب العمل. فلو كان دافيد بن غوريون حيا اليوم لانقض على الوضع الاقليمي الجديد كمن يجد كنزا كبيرا. وكان سيبحث عن حلفاء جدد وتسويات استراتيجية جديدة وتفاهمات سياسية جديدة. وبن غوريون غير موجود لكن أوامر فعله أقوى مما كانت قط. يجب على اسرائيل ان تبادر بازاء العاصفة الاقليمية.

        تفضي الفروض الأساسية الخمسة الى استنتاج واحد وهو انه يُحتاج الى نظرية سياسية جديدة، فلم يعد اتفاق اوسلو ذا صلة. وانقضى فعل مخطط كامب ديفيد ومخطط أنابوليس ولم يعد السلام مع سوريا ايضا مطروحا في جدول العمل. يجب ان تُستبدل الافكار الخلاقة للسلام الجديد بالمفاهيم المتحجرة التي أكل الدهر عليها وشرب.

        يقول السلام الجديد ما يلي: ان اسرائيل مستعدة لتجميد البناء في المستوطنات وراء خط الفصل؛ وان اسرائيل مستعدة لاستعمال خطة اخلاء – تعويض في مستوطنات وراء خط الفصل؛ وان اسرائيل مستعدة لاخلاء نحو من عشرين مستوطنة في الضفة سيمنح اخلاؤها الفلسطينيين مساحة متصلة ذات شأن.

        ومقابل ذلك تطلب اسرائيل الى المجتمع الدولي ان يعترف بأن السلام في المستقبل سيكون سلاما بين الدولة اليهودية الديمقراطية وبين الدولة الفلسطينية المنزوعة السلاح. وتطلب اسرائيل من المجتمع الدولي ان يعترف بأن خط الفصل هو خط دفاعها الشرعي الى ان ينشأ سلام. وتطلب اسرائيل من المجتمع الدولي ان يعترف بأن غور الاردن منطقة امنية حيوية ستُرتب فيها ترتيبات امنية خاصة الى وقت السلام ايضا. وتطلب اسرائيل الى المجتمع الدولي ان يعقد معها أحلافا وان يمنحها شبكة امنية وان يتكفل بأن تبقى كل منطقة تنسحب منها منزوعة السلاح كليا. وتعرض اسرائيل على المجتمع الدولي ان يدخل معها في شراكة حقيقية ليدفعا الى الأمام معا بخطة مراقبة حذرة لتقسيم البلاد.

        حان وقت ان نرفع جميعا رؤوسنا ونفتح عيوننا ونرى أين نحيا. ان السلام لن يكون سلام مراسم براقة اخرى فوق اعشاب البيت الابيض. سيكون السلام هو النتيجة النهائية المتأخرة للمسيرة الطويلة المرهقة لانهاء الاحتلال. ويجب ان تكون هذه المسيرة تدريجية وخلاقة وحقيقية. لكن هذه المسيرة يجب ان تبدأ الآن. السلام الجديد الآن.