خبر أكرم عطا الله يكتب : خضر عدنان يعيد اكتشاف إرادتنا.....!

الساعة 01:04 م|15 فبراير 2012

لا أعرف حتى ساعة نشر هذا المقال هل يكون قد تبقى شيء من أنفاس الشيخ خضر عدنان، أم أن تكون قد توقفت ليشعل النفس الأخير ثورة جديدة في محطات النضال يكون قد أملأ وقودها الرجل الذي حطم الرقم القياسي في معارك الإضراب الذي خاضتها الحركة الأسيرة منذ أكثير من أربعة عقود.

 هو الرجل الذي يقود ربيعنا وكل فصول العام من سريره الشاحب في مستشفى زيف في صفد ،تفيض إرادته لتصل إلى كل المدن وكل مواقع الواقعين الفعلي والافتراضي التي تقف بإجلال أمام حالة فلسطينية تعيد اكتشافنا من جديد تعيد اكتشاف إرادتنا التي أصابها الوهم واليأس ليقول: أرأيتم كيف أن الكف يلاطش المخرز حد الكسر، هذا حين يتقدم رجل المخابرات الذي يمثل رمز القوة ليتحدث بكل تواضع لزوجة خضر قائلاً "أقنعيه أن ينهي إضرابه من أجلك... ومن أجل أطفاله" يا لهذا الحنان المفاجئ من رجل المخابرات على الأطفال الفلسطينيين.. إنها لحظة صراع الإرادة ومن ينكسر وقد قرر الشيخ أن يقودها حتى النهاية ضد دولة يبدو أنه يصر على أن هي من سيصرخ أولاً.

 هو يسير نحو نهايته التي قررها بنفسه إذا كان لا بد من الموت فهو يسير نحوه بقامة المنتصر ،فهو الأعزل من كل شيء سوى ترسانة من الإرادة يدرك أنها تكفي لمواجهة دولة مدججة،وبلغة الواثق كان يهمس لزوجته " يبدو أنني أعد الأيام الأخيرة" وكانت تكفي تلك الجملة لتأجيج حملة التضامن الأكبر مع الأسير الأكبر والذي رفض أن يساق للاعتقال الإداري، كان بإمكانه أن يسلم عمره بهدوء للسجان، لقد كان حكمه أربعة أشهر فقط قضى نصفها معذبا بالجوع ولكن أراد أن يشهر تمرده معلناً اشتباكه وعن قرب مع جهاز المخابرات والمحاكم العسكرية وهو يصر على ألا ينسحب وسط المعركة مهما كلف الثمن وهو يدرك أنه يقترب من الأيام الحاسمة للموت وأمامه التجربة الايرلندية الأطول في التاريخ التي أضرب أبطالها عن الطعام لستة وثمانون يوماً وحين فك الإضراب اكتشف أن الجسم فسيولوجيا قد مات وبطلنا يدرك أنه يعد أياماً نحو النهاية يصر فيها أن يهزم الشاباك ويكسر كبرياء وهيبة قضاء يدافع عن الاحتلال حين يرغمه على عقد المحكمة في كافتيريا المستشفى فأي وقار أبقى لها؟

 الشيخ خضر وهو يخوض معركة الأمعاء الخاوية ينوب عنا جميعاً بما يملك من إرادة وكبرياء ليعيد للفلسطيني هويته الأصلية ويعيد لنا رمزية كادت أن تخفت مع الصراع على السلطة، فهو يقاتل من أجل فلسطين لا عليها وهذه كلمة السر التي تجعل من شخصية هذا الرجل رمزاً جديداً من رموز فلسطين يضاف إلى أبطالها الذين أعطوا كل شيء ولم يأخذوا شيء.

 من الواضح أن الرجل يذهب في معركته حتى النهاية هكذا فعل صديقه وابن نفس المدرسة محمود طوالبة سابقاً، وبدا أن معركته وصلت إلى مرحلة بات يصعب التراجع عنها لكن تجربة التاريخ تقول أنه بعد ثمانون يوماً من الإضراب لا يمكن للجسد أن يعيش بعدها ،فالرجل يقترب من ذلك ما يعني أنه دخل مرحلة الخطر، ويقترب من اللا عودة التي تجعل من المستحيل إحياؤها ما يتطلب تحرك رسمي وشعبي أوسع للمطالبة للإفراج عنه قبل فوات الأوان، فالذي يجسد أسطورة بهذه القوة يجب أن يقف الجميع أمامها بإعجاب مرة وبتضامن مرات وهو يقود معركة يعتبر انتصاره فيها انتصاراً للكل الفلسطيني فمن الطبيعي أن يقف هذا الكل مع الذي يتقدم الصفوف مسانداً ،لأن هزيمته تعني هزيمتنا جميعا وانتصاره يرسل الرسالة لكل من يهمه الأمر في إسرائيل بأن لدى الفلسطيني من الإرادة ما يكفي للمقارعة مائة عام أخرى ولا مجال للتراجع ولا خيارات سوى النصر أو النصر.

 

ومن الواضح أيضا أن إسرائيل قررت الذهاب نحو النهاية وهي تتجند ضد رجل يعيش أيامه الأخيرة مسجلا بطولة نادرة وبابتسامة تثير غضب دولة بأكملها, فهو يشبه ذلك البطل الذي ذهب للإعدام رميا, وحين سأله جلادوه عن أمنيته الأخيرة طلب سيجارة ليطلب بعد ممن سينفذ الحكم بعد أن وضعها في فمه أن يشعل برصاصته تلك السيجارة،هذا هو كبرياء الأبطال الانتصار حتى اللحظة الأخيرة ، لكن حياة عدنان خضر من الواضح أنها ستدفع نحو اشتعال وضع ينتظر عود ثقاب ولأن لإسرائيل مصلحة في التصعيد وقد حاولت التحرش بالفصائل بقطاع غزة خلال الشهر الماضي لكن الحكمة حينها اقتضت أن تفوت الفرصة, لكن إن استشهد عدنان أغلب الظن أنه لن يبقى من الحكمة ما يكفي للتفكير بهدوء فقد قال الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي:"بأن الجهاد سيكون في حل من التهدئة إذا أصاب الشيخ عدنان أي مكروه". ولأن إسرائيل تتربص بالمصالحة فقد تدفع بعدنان خضر للموت ليبدأ التصعيد أمام العالم من الجانب الفلسطيني هذا وارد...!

 فالأمر بتلك الخطورة وخضر يرفع في وجوهنا جميعا البطاقة الحمراء وإسرائيل تعاند ويبدو أنها بذلك تسكب البنزين على النار ومن المتوقع أن حركة الجهاد لن تسكت لو حصل لعدنان أي مكروه كما قال أمينها العام وهذا الأمر يتطلب تدخل رسمي ليس فقط فلسطيني بل عربي ودولي ولأن الأمم المتحدة قلقة على الأسير عدنان كما جاء في بيانها عليها التدخل لأن الأمر ربما يفتح على حفلة جديدة وكبيرة من الدم....!