خبر كأس قهوة مع راعٍ -يديعوت

الساعة 10:05 ص|13 فبراير 2012

بقلم: يارون لندن

تنكر جبل الشيخ بلباس واحد من متديني براسليف واعتمر قبعة بيضاء. في الصباح الباكر قبل ان تُداس الطرق المؤدية الى الجبل باطارات سيارات طالبي التزلج، انحنيت وشربت ماء ثلج نقيا من الينبوع عند أسفل قرية عين قنية ثم اتجهت جنوبا بعد ذلك.

على جانب الشارع الذي يقطع مسعدة سرح راع قطيعه. وقفت وعرضت عليه قهوة من كاظمي. شربنا بكؤوس ورقية وأخرج من حقيبته قطعة جبن صلبة قسمها بيننا. قلت "شكرا" ورد بالعبرية "هذا من قلبي".

سافرت الى مكان وقفت فيه دبابة افيغدور كهلاني في حرب يوم الغفران ونظرت الى الشرق، فلولا تلبد السماء بالغيوم لاستطعت ان أرى ظاهر دمشق. وتذكرت اعلان رئيس هيئة الاركان ان الجيش مستعد لاستيعاب شيعة سيهربون الى اسرائيل خشية انتقام السنيين. وليس هذا معقولا. ان المنطقي أكثر هو الخوف من لبننة سوريا بحيث يحاول آنذاك جميع أنصاف الكارهين اطلاق النار على هضبة الجولان.

لكن في عصر أصبح المتوقع فيه هو غير المتوقع يجوز لنا ان نتخيل امكانية اخرى وهي ان يستقر في نهاية صراع غير قصير في دمشق سلطة معتدلة تعتمد على الغرب وان يُطلب الى اسرائيل ان تدفع جزءا من المكافأة التي ستعطى لسوريا مقابل الانفصال عن المحور الايراني وان يعود الاغراء للانسحاب من الجولان مقابل اتفاق سلام وافضالات اقتصادية وأمنية مفرطة الى برنامج العمل السياسي.

فكرت في الراعي. ان نحوا من 20 ألف درزي يسكنون شمالي الهضبة يبلغ عددهم كعدد سكان الهضبة اليهود تقريبا. ويتذكر من زار قراهم بعد حرب الايام الستة فقرا من ورائه منظر طبيعي لا مثيل لجماله وقد تحسنت أحوالهم كثيرا تحت سلطة اسرائيل فمزارعهم تثمر آلاف الأطنان كل سنة وتهب لهم اعمال البناء الرفاهة بل الغنى.

وتقترب نسبة ذوي الدراسات العليا بينهم من نسبة الاكاديميين من السكان اليهود. ويتحدث أكثر الرجال عبرية طليقة ويتبنى أكثرهم عادات اسرائيلية ذوات طبيعة علمانية. وهم من ناحية اقتصادية أكثر نجاحا من أبناء طائفتهم الدروز الذين يعيشون غربي الخط الاخضر.

أنا أفترض ان أحد اسباب ذلك هو الاختيار الصحيح لمسارات التقدم. ان نسبة كبيرة من بين "الدروز القدماء" تعمل في اجهزة الامن وهذه طريقة للاندماج في الحياة العامة الاسرائيلية والصعود الى أعلى الهرم الاجتماعي، لكن يوجد لهذا ثمن في الأمد البعيد لأن الحرف الامنية لا تجلب الرفاهة مثل الاعمال واكتساب الثقافة الاكاديمية.

عُرضت على الدروز من سكان الجولان جنسية اسرائيلية لكن لم يستجب سوى بضع مئات. ويقول أكثرهم علنا أنهم يأملون يوما تعود فيه الهضبة الى حضن الوطن لكنهم يهمسون بكلام مختلف سرا. هذه لعبة مفروضة على ناس واقعين بين المطرقة والسندان. فسوريا وليكن وجهها في المرحلة التي تتلو الاسد ما كان، لن تُدلل من يعلنون الولاء للدولة اليهودية.

لكن ماذا سيكون مصيرهم اذا تجددت محادثات السلام وطلب السوريون شمالي الجولان سُلفة؟ حذر صديق لي من أوائل المستوطنين اليهود في الهضبة صديقا درزيا من احتمال ان يستقر رأي اليهود ذات يوم على المصالحة ويعرضوا على السوريين بضع مئات من الـ 1500 كم مربع التي نملكها.

هكذا قال صديقي لصديقه: "ان يهودا قليلين يعرفون سركم، وستتقبل الأكثرية بجدية تصريحاتكم وتقول انه لا داعي الى استمرار سيطرتنا على من ولاؤهم للعدو. يحسن بكم ان تزيدوا المقامرة وان تتجنسوا وان تعترفوا بأن العيش في اسرائيل أفضل من العيش في سوريا".

ان صديقي بالطبع يطمح الى تجنيس الدروز كي يُقتلع من رؤوس الساسة كل فكرة عن الانسحاب، لكن التحدي الذي عرضه على جاره ليس سهلا. وهو يزداد تعقيدا مقابل احتمال لا يُخرجه بعض المراقبين من دائرة الحساب وهو انحلال سوريا الى دوائر حكم طائفية مستقلة ومنها حكم ذاتي درزي.