خبر هل يمكن التوصل الى اتفاق مرحلي- نظرة عليا

الساعة 09:29 ص|09 فبراير 2012

بقلم: أفرايم أسكولاي

(المضمون: اذا أبدت ايران جدية كافية في المفاوضات قبل تموز، موعد تطبيق حظر شراء النفط الايراني في اوروبا، فانه يمكن التوصل الى اتفاق يرضي الطرفين، والا ينبغي أن تبلغ بان العقوبات فشلت وانه سيتعين اتخاذ خطوات أكثر حدة – المصدر).

        مع أن ايران تحاول التقليل من قيمة القرار الاخير للاتحاد الاوروبي بفرض عقوبات اخرى، بما في ذلك حظر استيراد النفط منها، والذي سيدخل حيز التنفيذ ابتداء من تموز 2012، فان هذا موعد هدف واضح للوصول الى اتفاق ما مع الغرب. لقد بدأت ايران، أغلب الظن، تشعر بضغط العقوبات التي فرضها عليها مجلس الامن في الامم المتحدة وغيره، ولا سيما الولايات المتحدة ودول الاتحاد الاوروبي. وهذا ما يدل عليه موافقة ايران على استئناف المحادثات على مسألة النووي الايراني. ومع ذلك، في مراجعة لجولات المحادثات السابقة، فان هذه الامكانية لا تنطوي على وعد كبير في المستقبل. في الماضي، استخدم الايرانيون المحادثات كوسيلة لكسب الوقت، استغل لتشديد مساعيهم وتطوير خطتهم الى وضع تكون لديهم فيه القدرة، اذا شاءوا ذلك، على انتاج سلاح نووي في غضون نحو سنة من موعد اتخاذ قرار بهذه الروح. أما الان فليس واضحا اذا كان الايرانيون غيروا رأيهم وسيكونون مستعدين للسير "الميل الاضافي" نحو مصالحة الاسرة الدولية. محاولة تسوية كل المسائل في آن واحد، هي، اغلب الظن، وصفة للفشل. وبالتالي، يبدو أن نهجا يدمج خطوة إثر خطوة مع ضغط متعاظم من العقوبات كفيل بان ينجح أكثر. اذا ما حقق مثل هذا النهج نجاحا فسيكون لذلك آثار ايجابية سواء على ايران أم على حلفائها.

        وبينما يخضع الغرب حاليا للقيود بحكم قرارات مجلس الامن في الامم المتحدة، والتي تتضمن طلبا لا لبس فيه لتجميد كل أعمال تخصيب اليورانيوم وانتاج البلوتونيوم، فان الاتحاد الاوروبي كفيل بان يجمد العقوبات الجديدة المخططة الى تموز 2012. اما اذا اتخذت ايران خطوات ملموسة لاثبات استعدادها للوصول الى اتفاق، في نهاية المطاف يضع حدا للتهديد والازمة النووية الايرانية بشكل يرضي الغرب ولن يؤدي الى المس بكرامة ايران. خطوة اولى كهذه كفيلة بان تكون تجميد كل النشاطات في منشأة التخصيب التحت أرضية في بوردو، بجوار مدينة قم المقدسة. من ناحية الغرب، مثل هذه الخطوة ستمنحه مجال تنفس من خطر واضح وملموس، وكذا ستمنع المس بكرامة ايران، وذلك لان المنشأة لا تزال غير تنفيذية تماما.

        ومع ذلك، يدور الحديث عن خطوة أولى في مسيرة طويلة. في اطار الخطوة المرحلية التالية، ستكون حاجة للوصول الى وضع، من جهة يقلص امكانية أن تتمكن ايران من انتاج سلاح نووي في فترة زمنية قصيرة، ومن جهة اخرى يبقي على قدرة ايران على تفعيل مفاعلاتها النووية من خلال ضمان تزويد الوقود النووي. الامكانية النووية العسكرية لايران منوطة بعدة عوامل من بينها: مخزون اليورانيوم المخصب من درجة منخفضة (LEU) لديها، مبنى أجهزة الطرد المركزي الغازية، التي يفترض أن تزود تخصيب اليورانيوم الى مستويات عالية (HEU)، تحويل غاز الـ (HEU) الى معدن، وكرات من اليورانيوم المخصب، ووجود أجهزة تفجير، اليها يتم ادخال الانوية وهكذا تصبح منشآت تفجير نووية. ومع أنه لا يدور الحديث عن اكثر مما هو مظاهرة نية طيبة، فان ايران يمكنها أن تجمد، كخطوة اخرى، نشاطات تخصيب اليورانيوم من درجة 3.5 في المائة الى درجة 20 في المائة، وتودع فورا كل مخزون اليورانيوم المخصب لديها بدرجة وحو 20 في المائة في أياد دولية. وتبعا لتسوية متفق عليها، فان هذا المخزون كفيل لان يستخدم للانتاج خارج ايران للوقود اللازمة لتشغيل مفاعل البحث في طهران (TRR). كما لا بد ان ايران ستكون مطالبة ايضا باعطاء ضمانات أكثر جدية في أنه لا يوجد انتاج للمادة بشكل غير قانوني او أن المادة لا تحول الى استخدام غير قانوني. اما الولايات المتحدة، بدورها، فيمكنها أن ترفع بعض القيود التجارية البنكية مما سيخفف من الضغط على العملية الايرانية، او اتخاذ كل خطوة تبقى في اطار العقوبات التي فرضها مجلس الامن. في هذه المرحلة ستكون حاجة أيضا الى اعادة المصادقة في ايران على المحضر الاضافي لوكالة الطاقة الذرية، والذي كانت وقعت عليه قبل وقت طويل، ولكنها طبقته فقط لفترة زمنية قصيرة.

        مع الاخذ بالحسبان لكل التطورات، فان الخطوات آنفة الذكر ممكنة، ويمكن تنفيذها في غضون وقت قصير نسبيا بناء على استعداد الطرفين. اذا ما اتخذت الخطوتان آنفتا الذكر بنجاح فانهم ستخففان عن الطرفين، تثبتان ثقة معينة (هكذا ينبغي الامل) بمسيرة المفاوضات، وتخلقان الفرص للمستقبل. ومع ذلك، لا يزال هناك طريق طويل بانتظار الطرفين قبل أن يتمكن العالم من الوصول الى الاستنتاج بان ايران لا تشكل تهديدا نوويا خطيرا وقبل أن يكون ممكنا رفع عقوبات مجلس الامن. يدور الحديث عن خطوات أولية فقط في لعبة طويلة في الماضي انتجت ثمارا للايرانيين وحدهم.

        الهدف النهائي لايران، كما نراه الان، والذي يجب الافتراض بانه صحيح عند الجلوس للبحث في مرحلة المحادثات الجدية التالية، هو تحقيق قدرة كامنة هامة لانتاج سلاح نووي كثير قدر الامكان في فترة زمنية قصيرة قدر الامكان. من أجل الوصول الى اتفاق مع ايران فان عليها أن تتخلى عن هذا الهدف، او على الاقل تجمده حتى اشعار آخر. حاليا، الاستراتيجية الايرانية بسيطة: كسب الوقت لبرنامجها النووي، ومن خلال ذلك تصعيد انتاج اليورانيوم بدرجة منخفضة، وقدرتها الكامنة على انتاج السلاح النووي. هذه الاستراتيجية قد تتغير سلبا بسرعة شديدة، اذا ما قررت ايران "العربدة" واتخاذ خطوات لتحقيق هذا الهدف. الخطوتان الاولتان تمددان الجدول الزمني قليلا ولكنهما لا تجمدانه.

        اذا قرر الايرانيون ادارة محادثات جدية، فمن المتوقع أن يتخذوا تكتيكات ساعدتهم كثيرا في الماضي، مثل: طرح شروط مسبقة غير مقبولة أو اشكالية؛ ادراج امور غير ذات صلة في جدول الاعمال؛ جدول زمني واسع جدا (أسابيع وأشهر بين اللقاءات)؛ تغييرات في اماكن اللقاء؛ تأخيرات كبيرة في الرد على التوصيات؛ الاستجابة للتوصيات دون تلقي موافقة الموظفين الاعلى (او البرلمان)؛ صياغة ملتبسة للاتفاقات، وبكونهم مفاوضون متميزون كما هم، الاستخدام، مثلما فعلوا حتى الان لتكتيكات غير متوقعة وغير عادية في المفاوضات. الامر الوحيد الذي يمكن توقعه هو تكتيك المساومة، الذي في اطاره التنازل من جانب ايران يجب أن يقابل بتنازل من الجانب الاخر. ومع أن الامر كفيل بان يعتبر لعبة نزيهة، في الظروف العادية فان زمن التنازلات في مسائل مركزية انقضى. الزمن هو حاجة نادرة في كل ما يتعلق بالظروف الحالية.

        اذا ما عارضت ايران الخطوات الاولية، المترددة جدا، أو رفضت تنفيذ الاتفاق الذي يتحقق في أثناء محادثات المفاوضات، ستكون حاجة الى ابلاغها بان العالم وصل الى لحظة الحسم: العقوبات فشلت، واجب اتخاذ أعمال اخرى، أكثر حدة.