خبر من يجوز له استعمال النقض -هآرتس

الساعة 09:02 ص|08 فبراير 2012

بقلم: تسفي برئيل

(المضمون: يُستهجن في اسرائيل والغرب استعمال روسيا والصين للنقض دفاعا عن الاسد ونظامه لكن هذه الجهات لا ترى استهجانا في استعمال امريكا الدائم للنقض دفاعا عن اسرائيل واحتلالها للمناطق - المصدر).

        "حصلنا في نهاية الاسبوع الاخير على تذكير بنوع البيئة التي نعيش فيها. فقد سمعنا حاكم ايران يتحدث عن القضاء على اسرائيل، ورأينا الجيش السوري يذبح شعبه. وليس عند بعض القادة أي رادع عن المس بشعوبهم أو بجيرانهم"، قال بنيامين نتنياهو في بدء جلسة الحكومة. والحقيقة ان هذه بيئة قذرة. وتنقصنا جملة واحدة فقط لاكمال الصورة: "وتوجد حكومات لا يهمها الاستمرار في احتلال شعوب اخرى نحوا من خمسين سنة".

        ليست البيئة وحدها سيئة بل ان ما اعتيد ان يسمى "المجتمع الدولي" ايضا – والقصد في الأساس الى الدول الغربية – لا يستطيع ان يزعم احتكار الاخلاق العالمية لأنه يكفي نقض دولة واحدة من الدول الخمس الدائمات في مجلس الامن كي يستطيع زعيم قاتل الاستمرار في قتل مواطني دولته وكي يتحقق هؤلاء المواطنون من ان ذلك المجتمع الدولي ليس أكثر من مكبر صوت رجّاف. تحولت روسيا في لحظة واحدة الى الشخص السيء في القصة السورية، انها امبراطورية الشر.

        لكن ما الذي كان في القرار الذي تم رفضه؟ لم يكن أي شيء حقيقي يستطيع وقف المذبحة، ولم تكن أية نية لفرض عقوبات ولم تكن أية ايماءة الى تدخل عسكري. ما الذي فعلته الولايات المتحدة ودول اوروبا حتى الآن لمساعدة مواطني سوريا؟ وما الذي تنوي فعله؟ ما فعلته حتى الآن بالضبط.

        يصعب ابتلاع النقض الروسي والصيني لاقتراح القرار الذي كان ينوي في الحاصل العام ان يطلب وقف العنف، بل ان الوزير سلفان شالوم عبر عن خيبة أمل من هذا النقض وزُعزع اعضاء كنيست حقا من سلوك روسيا.

        ومن المثير للعناية ان النقض الروسي الصيني يثير غضبا واشمئزازا عميقين كثيرا وبخاصة من قبل دولة تعتمد على الدوام على نقض امريكي. ان "ساعة الامتحان الكبرى للمجتمع الدولي" تلك كما عرّف شالوم المباحثة في الامم المتحدة في شأن سوريا، تصبح ساعة تهديد حينما يكون الحديث عن قرارات تتعلق باسرائيل وهي تستخف استخفافا طويلا ايضا بقرارات كثيرة لم تلق نقضا امريكيا. لكن روسيا والصين في مقابل اسرائيل المنافقة تسلكان في اتساق في كل ما يتعلق بأخلاقية النقض. فهما تعلمان أنهما تحتلان أقليات وشعوبا، وهما تستوليان على التيبت والشيشان وتمنعان بعنف كل تعبير عن استقلال قومي أو عرقي. فاذا وافقتا على تدخل دولي لمواجهة سوريا فانهما ستطلقان النار على رجليهما لأن قلة ما قد تقرر في الغد ان تطلب قرارا مشابها من اجل أقليات في روسيا أو في الصين. واذا اتخذتا قرارا يؤيد العصيان المدني للاسد فسيصعب عليهما ان تمنعا أو ان تُفسرا على الأقل لماذا تعارضان اقتراح قرار يؤيد شعب التيبت أو الشيشان. فالنقض بالنسبة اليهما له اخلاق من ذاته حتى لو كانت معوجة وقاتلة.

        لكن اذا تجاوزنا تقديرات ومصالح روسيا والصين في الشأن السوري، فان لروسيا حسابا "شخصيا" مع الولايات المتحدة في كل ما يتعلق بادارة سياستها في الشرق الاوسط بعامة والصراع الاسرائيلي الفلسطيني بخاصة. وهي باعتبارها عضوا في الرباعية لم تُبعد فقط عن المسيرة السياسية على يد الولايات المتحدة بل اضطرت الى ان تبتلع نقضا امريكيا حتى حينما كان مخالفا لسياسة الرباعية بل لسياسة الولايات المتحدة، كالنقض الامريكي الذي استُعمل قبل سنة بالضبط على قرار تعريف المستوطنات في المناطق بأنها غير شرعية، أو النقض الذي استُعمل على اقتراحات قرار في سنة 2006 لوقف العمليات العسكرية في غزة.

        ان تصفية الحساب مع الولايات المتحدة في شأن النقض واحتكار ادارة الصراع الاسرائيلي – الفلسطيني ليسا من التعليلات التي تعرضها روسيا علنا. لكنهما فواران ويمكن تقدير أنهما أثرا ايضا في قرار استعمال النقض بشأن سوريا. واسرائيل التي لا ترى شيئا مرفوضا في استمرار الاحتلال، ترى النقض الامريكي لكل قرار معاد لاسرائيل رد فعل طبيعيا ولهذا لا تفهم غضب دول عربية وبعض الدول الاوروبية من النقض الذي يُستعمل من اجلها. ان كل نقض آخر هو "غير مناسب". ومن هنا ايضا الشعور بخيبة الأمل بازاء النقض الروسي في الشأن السوري. انه لا يشبه ألبتة النقض الامريكي في الشأن الاسرائيلي – الفلسطيني. لأنه كيف يمكن المقارنة بين نقض امريكي يُستعمل من اجل أمر عادل بهذا القدر واخلاقي بهذا القدر كاحتلال المناطق وبين نقض يساعد نظام قمع على ذبح مواطنيه؟.