خبر الفلسطينيون يميزون بين الأباة والطغاة ..هيثم الصادق

الساعة 11:08 ص|05 فبراير 2012

حين سعت عائلات الشهداء والأسرى الفلسطينيين لمقابلة بان كي مون أثناء زيارته لقطاع غزة، كانت تسعى لمخاطبة الضمير الإنساني الذي من المفترض أن السيد مون يمثله ولالتماس العدالة الأممية من خلال المنظمة الدولية التي أنشئت تحت يافطات قيمية وأخلاقية ومبادئية لتكون مظلة للشعوب تتنزه عن الانحياز لقوى الاستكبار والظلم والعدوان، وأداة لإرساء سلام عالمي يرفض كافة أشكال وأساليب التحيز والطغيان.

لكن تلك العائلات صدمت برفض مون الاستماع لها، متجرداً من الدور المناط نظرياً بهذه المنظمة الدولية وهو تمثيل الضمير الإنساني وحقوق الإنسان، ومنحازاً للعدوان على الشعب الفلسطيني، رفض مون الاستماع لصرخات الأمعاء الخاوية التي تقاوم بوسائل سلمية الإجراءات الوحشية للاحتلال الصهيوني في معركة الصمود التي يواصل الأسرى خوضها لانتزاع حقوقهم الإنسانية، والتي يخوضها المجاهد خضر عدنان ضد الاعتقال الإداري الذي يتناقض مع كل المواثيق القانونية الإنسانية بصمود بطولي أسطوري يعبر عن الإرادة الحرة الأبية والتحدي في مواجهة لا شرعية السجانين واحتلالهم وإجراءاتهم الوحشية وتوق لا ينتهي للحق الإنساني بالحرية بوصفها قيمة إنسانية تفدى بالروح.

وتغاضى مون عن كل ما يتعرض له أولئك الأسرى من بطش وتعسف وانتهاكات للإنسانية بدءاً بالعزل الانفرادي القاسي لأشهر عديدة ورطوبة وعفن الزنازين مروراً بالتعذيب اللاإنساني المتواصل وانتهاك كرامة الإنسان، بل وانتهاك للكرامة الوطنية للشعب الفلسطيني من خلال اعتقال ممثليهم الشرعيين من نواب المجلس التشريعي المنتخبين، وتجاهل واجب الاستماع لأسر الشهداء والمشردين من ضحايا العدوان الغاشم على القطاع، فكان رد الفلسطينيين على السيد مون بليغاً ومعبراً حين قذفوا موكبه بالأحذية والحجارة، ورفضت الشخصيات الاعتبارية والقانونية في القطاع التي سعى للقائها مقابلته.

إن تحيز السيد مون للاحتلال من خلال رفضه لقاء وفد من أهالي الشهداء والأسرى الفلسطينيين، وهو الذي لم يترك مناسبة إلا وأدان فيها احتجاز الجندي شاليت في قطاع غزة يضع المزيد من الشكوك حول مصداقية مون واستقلالية المنظمات الدولية، بل ويثبت أنها باتت أداة في يد قوى الطغيان والاستكبار، مما يجعلها جزءاً من المشكلة لا إطاراً نزيهاً لحل الصراعات الدولية.

الشعب الفلسطيني الذي يبدع أساليب الرد على أعدائه وعلى كل من ينحاز لذلك العدوان يحمي في حدقات عيونه كل من ينحاز للضمير الإنساني النقي ويدافع عن حقوقهم الإنسانية, فهو ينظر بإكبار وإعزاز لكل من يضمد جرحه النازف ويساهم في تأمين وسائل الحياة الإنسانية الكريمة له, وهو ما عبر عنه رئيس وزراء الحكومة الفلسطينية المنتخبة إسماعيل هنية في ثنائه على المشروع القطري العظيم لإعادة إعمار ما دمرته الحرب العدوانية الغاشمة على القطاع الذي يعيش في ظروف قاسية بفعل الحصار المتواصل على الشعب الفلسطيني هناك.

وقد كان تعبير هنية بليغاً ومؤثراً عن تقديره للموقف القطري اتجاه القضية الفلسطينية في خطبة صلاة الجمعة في مسجد الإمام محمد بن عبدالوهاب بدوحة الخير حين قال إنه اقتسم مع أمير قطر الهدية النفيسة التي أهداه إياها أسرى محررون وهي تراب طاهر من المسجد الأقصى المبارك.

 

صحيفة الوطن القطرية