خبر ثورة في الانترنت (ايضا) -هآرتس

الساعة 10:55 ص|05 فبراير 2012

بقلم: جاكي خوري

 (المضمون: عظم تأثير التصوير والتوثيق للاحداث الجارية في الثورات العربية وبخاصة في سوريا. يتناول الكاتب خمسة افلام عرضت في اليو تيوب تندد ببشار الاسد ونظامه - المصدر).

        ان الفكاهة السوداء والاستهزاء المسموم والبغض العميق في الأساس للحكام الفاسدين والقُساة بين المميزات البارزة لأفلام الفيديو القصيرة التي تصاحب منذ سنة موجة الثورات في الدول العربية. يشارك مواطنون كثيرون جدا بالاحتجاج مشاركة فاعلة بواسطة أفلام قصيرة يعرضونها في مواقع الانترنت مثل اليو تيوب والفيس بوك بحيث ان بعض المحللين العرب يصفون الثائر الحالي بأنه شخص يحمل في يديه هاتفا ذكيا لا بندقية كلاشينكوف.

        برز نشر الافلام القصيرة في الانترنت جدا بعد الثورتين في تونس ومصر اللتين يبدو أن حاكماهما لم يدركا تمام الادراك مبلغ تأثير عدسات التصوير التي وضعت في الميادين المركزية ولم ينجحا في منع الشبكات الدولية الكبيرة من تغطية المظاهرات عليهما. وأبرز مثال هو الصور التي تم بثها على مدار الساعة من ميدان التحرير منذ الخامس والعشرين من كانون الثاني 2011 الى اعلان تنحية الرئيس حسني مبارك، والتي نبهت الرأي العام في مصر وأحدثت ضغطا عظيما على النظام.

        وتعلم الحكام في دول عربية اخرى على رأسها ليبيا واليمن والبحرين وسوريا بعد ذلك الدرس سريعا. فلم تحصل قنوات اخبارية متقدمة مثل الجزيرة والعربية والـ بي.بي.سي والـ سي.ان.ان وسكاي على موطيء قدم في تلك الدول. وكانت الطريقة الوحيدة لنشر معلومات مصورة منها استعمال هواتف محمولة أو عدسات تصوير فيديو منزلي اختص بها نشطاء حقوق انسان ومعارضون. ان نوعية الافلام رديئة أكثر من مرة وهي تُصور من بعيد خشية رد السلطات.

        كان لنظام بشار الاسد رد مناسب على أفلام المعارضة. فان جنودا أو مرتزقة موالين للنظام يُسمون "الشبيحة"، يصورون أحداث اعتقال وأحداث اطلاق نار لعرض روايتهم للاحداث (مصدر مصطلح "الشبيحة" هو سيارة المرسيدس الطويلة السوداء التي يستقلها رجال الاستخبارات وقوات النظام في طريقهم الى اعتقال معارضين والتي تسمى شبحا).

        في الافلام الخمسة القصيرة المعروضة هنا أمثلة لحوادث وثقها مواطنون وحوادث وثقتها عدسات تصوير رجال النظام: ضبط الجيش لوسائل قتالية، وفكاهة شعبية، وافتخار جنود بتعذيب متظاهر وفكاهة سوداء ايضا حيث يندب بشار الاسد مصيره المر.

        1- في فيلم قصير صوره مواطنان في بداية المواجهات كما يبدو في مدينة درعا في جنوب سوريا، تظهر دبابة تدوس مواطنا عدة مرات. وزعمت السلطة دفاعا عن نفسها ان الدبابة لم تدس انسانا بل سحقت دراجة استعملها محاربون من معارضي النظام. ويُرى في الفيلم عدد من الجنود يقفون حول دبابة. وتأتي الى المكان دراجة نارية وعليها مسلحان يلبسان ملابس سوداء. ويبدو ان الاثنين من الشبيحة. ويُسمع المصور وهو يقول لرفيقه: "سحقوه تماما، جعلوه عجينا". والفيلم مشاهدته شديدة الوقع.

        2- يداهم جنود موقع سكن في حي الرمل في مدينة اللاذقية الساحلية فيخرجون منه نساءا واولادا وبعد ذلك يعثرون على شحنات أنبوبية وبالونات غاز وقنابل يدوية ومواد خام لتركيب شحنات ناسفة. وفي الفيلم الذي صوره الجيش بالطبع يؤتى ببيان مفصل عن المواد على لسان ضابط وتُعرض بطاقة هوية المشتبه فيه بأنه كان يملك الوسائل القتالية. وتثني النساء على الجيش السوري ويعد الضابط بأن الجيش لن يستسلم وسينتقل من بيت الى بيت الى ان يجد آخر قنبلة يدوية في الحي.

        3- تنكيل الشبيحة بمواطن بالغ يبدو انه لاجيء فلسطيني من سكان منطقة اللاذقية في تشرين الاول 2011. يضرب جنود أو شبيحة يلبسون قمصانا عليها صور الرئيس الاسد المواطن ويُذلونه. ووثق واحد منهم عملية التنكيل. ويظهر في الفيلم جندي يضطر المواطن الى التبسم برغم جروحه النازفة والضربات والصفعات التي يتلقاها. ويطلب معذبوه منه ان يعترف بأنه تاجر مخدرات وسلاح. ويضطر واحد منهم المواطن وهو شاب يزعم انه محارب في وحدة مهام خاصة، يضطره ان يقول ان نعل الرئيس بشار الاسد تساوي كل معارضيه. وبعد ان يشتكي المعذب من ضيق النفس يُدخل أحد الجنود بخاخة في فمه. ويقول الجندي في آخر الفيلم ان الرجل التزم له ألا يخرج في مظاهرات اخرى. وقد أذاع مؤيدو الثورة الفيلم وجذب جمهورا كبيرا، ومن الصعب على النفس مشاهدة الفيلم.

        4- مصور من قناة "الدنيا" التي يملكها ابن خال الاسد، يصور الشوارع الهادئة في ضاحية القابون قرب دمشق في عيد الاضحى (تشرين الثاني 2011). ومن ورائه رجال الجيش والشبيحة لكنه يمتنع عن تصويرهم. فقد وثق المصور مواطن اختبأ وراء المسلحين. ويُسمع المواطن وهو يقول ان التلفاز السوري يزور الواقع وينشر الأكاذيب. كان يمكن ان تتبين من التقرير الصحفي الذي أذاعته قناة "الدنيا" ان الضاحية هادئة ولم توجد فيها مظاهرات.

        5- يوجد في الانترنت ما لا يحصى من الافلام القصيرة التي نشرتها جهات معارضة سورية في الخارج أو لبنانيون من معارضي الاسد وفيها انتقاد على الاسد وأبناء عائلته وقادة ايران وحزب الله. ويمتدح واحد منهم رئيس حكومة تركيا رجب طيب اردوغان الذي يوبخ الاسد. ويظهر في فيلم قصير آخر بشار الاسد ثملا وبجانبه صورة أبيه الراحل حافظ الاسد. ويندب بشار مصيره المر ويندب حزب البعث والنظام الذي ورثه عن أبيه ويعترف بأنه لم يكن مرشحا للحكم بل كان شقيقه البكر باسل. وكان يجب عليه كما يعترف، أي الاسد، ان يحصر عنايته في طب العيون.