خبر اليمين يسيطر على الوعي.. هآرتس

الساعة 03:10 م|01 فبراير 2012

بقلم: تسفي برئيل

(المضمون: اليمين الاستيطاني يسيطر على وعي فتيان الثانويات الذين سُمح لهم بزيارة الخليل والتجوال فيها  - المصدر).

أصبحت "جولة تدريسية" لطلاب ثانوية من القدس في الخليل نجاحا ضخما للمستوطنين لا لأن الشرطة منعت نشطاء "نكسر الصمت" من العمل كمرشدين ولا لأن ايتمار بن غبير سيطر عليها. ان هذه الزيارة أرست حجر الزاوية لاحتكار آخر ضمه المستوطنون الى أنفسهم في طريقهم الى جعل اسرائيل دولة أقلية.

كانت تلك معركة قصيرة مختصرة لكنها استراتيجية. وتشبه المعركة التي أجراها المستوطنون على ألون موريه التي فازوا بعدها – برغم الخسارة في المحكمة العليا – بالهدية القضائية الكبيرة التي انشأت مصطلح "اراضي دولة"، أصبحوا يستطيعون بواسطته ان ينشئوا مئات مثل ألون موريه كما قال بيغن. وهو يضاف الى انتصارهم باقامة بؤر استيطانية وذروته الاستهزاء الواضح بالمحكمة العليا في قضية ميغرون ولا يختلف عن التشريع الذي أملاه المستوطنون على الكنيست – ومنها على مواطني الدولة كافة – بشأن حظر الدعوة الى القطيعة مع المنتوجات الاسرائيلية، أو القانون الذي سيُجاز قريبا بشأن إحلال البؤر الاستيطانية.

ان سيطرة المستوطنين على "صوغ الذاكرة القومية"، أو بعبارة بسيطة على الخطة الدراسية في موضوعات مركزية مثل تاريخ ارض اسرائيل وجغرافيتها، يضعهم في مكانة دولة داخل اتحاد اسرائيلي – استيطاني. ولكل واحد من مجتمعي الدولة الاتحادية، أي اسرائيل وبؤرها الاستيطانية، قوانين تخصه وقيادة مستقلة. فلواحد قوانين تسنها الكنيست وللثاني قوانين ميدانية يقرها رجال الدين مرة وشباب التلال وسائر مخالفي القانون مرة اخرى.

لكن في هذا الاطار الاتحادي يجري صراع قوي على السيطرة. فالبؤر الاستيطانية لم تعد تكتفي باستقلالها الجزئي الذي يمنحها سلطة ادارة شؤونها كما تشاء، وان تحيا بحسب تفسيرها للقانون الاتحادي، وان تسلب الاراضي كما تشاء أو تنشيء مستوطنات تصبح عبئا وتهديدا سياسيا للاتحاد كله. ولم تعد تريد ان تظل متعلقة باجهزة القانون والتربية والنظام في الدولة الأم التي احتضنت دولة البؤر الاستيطانية. فالغاية  الآن هي جعل اسرائيل دولة أقلية تابعة وان يُفرض على الاتحاد الفيدرالي قوانين دولة المستوطنات وقواعدها.

كان شعار المستوطنين في الماضي "يشع هنا"، أي ان "يشع" جزء من دولة اسرائيل ويجب على مواطني اسرائيل ان يحتضنوا التابعة اليهودية في الارض المحتلة. وينقلب الشعار الآن فـ "اسرائيل هي في يشع" وستكون دولة المستوطنات مستعدة لمنح اسرائيل حقوقا مساوية بشروط يمليها غُزاة التلال. وبحسب هذا المخطط، يجب على اسرائيل ان تتبنى قوانين الاستيطان وان ترى المستوطنين سكانا أعلين وان تعترف بأن المستوطنات والاماكن المقدسة في المناطق هي ملك المستوطنين قبل كل شيء وان الرواية الصهيونية والدينية والقومية لم تعد تسيطر عليها الدولة الأم.

حينما أصبح الجزء السهل وراء دولة المستوطنات – يأتي دور الرواية الاستيطانية لتنحي الرواية الصهيونية. ففي حين تعرض دولة اسرائيل التهديد السكاني للعرب "فيها" باعتباره التهديد القومي الفظيع، ترى دولة المستوطنات ديمغرافية اخرى هي التهديد. أبلغ استطلاع للرأي عن معهد غوتمان وجود كثرة "مؤمنة" في دولة اسرائيل لكن العلمانيين حتى الآن ذوو ضجيج كبير. خرج اولئك العلمانيون في احتجاج اجتماعي وما يزالون يتجرأون على عرض المستوطنين باعتبارهم سارقين للخزينة العامة، وهم يعرضون تمثيليات مع ممثلين عرب ويرفضون تقديم عروض في عاصمة دولة البؤر الاستيطانية ويصرون على حشر النكبة في الخطة التدريسية.

وباعتبارهم كانوا أقلية غازية يخشون وبغير حق بالطبع، كل من يحاول الحفاظ على الصهيونية التقليدية التي قد تشوش على روايتهم. ان جولة طلاب الثانوية بارشاد "نكسر الصمت" قد تقنع الفتيان بأن باروخ غولدشتاين قاتل وليس قدّيسا، وان سكان شارع الشهداء المطرودين في الخليل هم الضحايا وان الحي اليهودي في الخليل سطو على املاك عربية. وقد أحرزوا في الحقيقة انجازا كبيرا بأن سمحت حكومة اسرائيل ووزارة التربية بهذه الجولات في ارض محتلة – هل سمع أحد بفتيان امريكيين يتجولون في العراق أو في افغانستان؟ - لكنهم سيسيطرون على وعي اولئك الفتيان من أبناء الأقلية العلمانية ذات القلوب الغُلف.