خبر واحد يعرف.. يديعوت

الساعة 03:08 م|01 فبراير 2012

بقلم: سمدار بيري

(المضمون: حال الاسد في سوريا كالتالي: وعود لا غطاء لها، وكلمات جوفاء ومستشارون منافقون يسيطرون على الدولة. هذا ما يبينه لقاء صحفي مع ادوارد جورجيان الذي عمل مبعوثا خاصا في دمشق وعرف حافظ الاسد وبشار الاسد من قريب - المصدر).

في صيف سنة 2000 بعد اشهر معدودة من تولي بشار الاسد الحكم في سوريا محل أبيه المتوفى، دعا الى لقاء في قصره المبعوث الامريكي في دمشق، ادوارد جورجيان. "أتذكر نفسي جالسا ازاءه لاول مرة"، تذكر جورجيان.

"كانت لي آنذاك توقعات منه. فقد قال لي انه مرتبط بالانترنت ويسيطر على الحاسوب ويتابع ويعلم آخر ما يحدث في العالم الكبير. وأوحى بتفكير عصري ووعد بافتتاح "صالونات سياسية" في سوريا، وعمل على خصخصة المصارف. وقد نجح ذلك لكن لا لوقت طويل".

في ضوء حقيقة ان جورجيان كان الممثلَ والمبعوث الامريكي الارفع مستوى في الدولة العربية، التقى بالرئيس أكثر من مرة وكانا دائما محاطين بمستشارين كثيرين يعدون بان سوريا في طريقها لان تصبح دولة غربية حقيقية. "مَنحني المستشارون شعورا بانه ينوي العمل حقا"، يقول؛ وان الجيل القديم من أصحاب الوظائف الذين ورثهم عن أبيه هم الذين حالوا بينه وبين الانقضاض قدما ربما كما اراد في البدء. وقد اعتقدت في اللقاء الاول أنه يقصد بجدية كل ما قاله. واعتقدت انني اجلس ازاء رجل هايتك يستعد بجدية لفتح صفحة جديدة في سوريا".

متى تبين لك انها وعود لا غطاء لها؟

"كل ما مر الوقت وسمعته يكرر الوعود أنفسها ولا يتحقق منها أي شيء، بدأت اقارن طبيعته بطبيعة أبيه المرحوم حافظ الاسد. وتبين لي أنه يعتمد في سلوكه مع الشعب السوري على خوفهم من حرب اهلية. وقد أصبحت السلطة والاجهزة الامنية في سوريا الان تشجع على حرب أهلية بين المسلمين السنيين والعلويين ليبرئوا انفسهم في نظر العالم".

ستبدأ اليوم في مجلس الامن في نيويورك مباحثة خاصة في موقف العالم مما يتعلق بالاحداث في سوريا ومحاولة الجواب عن سؤال كيف يقفون قتل المدنيين هناك. وقد أتى جورجيان الذي كان في الماضي السفير الامريكي في تل أبيب والاردن والمغرب ودمشق وهو اليوم رئيس معهد جيمس بيكر للسياسة العامة في يوسطن ومدير شركة استشارية لشؤون الشرق الاوسط، أتى الى مؤتمر هرتسيليا السنوي ليتحدث عن هذا بالضبط. عن النظام الضعيف الذي يعرفه من كثب وعن العواصف في العالم العربي وعن الزعيم الذي بدأ يرى النهاية في رأيه. يقول جورجيان في قطع: "هو مقضي عليه. لا أمل ان يبقى في السلطة. وكل الاختراعات التي يستلها لا تجوز على أي أحد. والسؤال الوحيد هو متى سينتهي هذا الكابوس وكيف سيختفي".

انه يتذكر جيدا شارع المنصور وهو مكان الممثلية الامريكية في دمشق. وينتقش شارع الرشيد ايضا الذي يقع في طرفه قصر الشعب الفخم الذي يسكنه ابناء عائلة الاسد منذ عشرات السنين، في ذاكرته بفضل زيارات كثيرة حينما كان سفيرا والمبعوث الخاص في الادارة في واشنطن في تسعينيات القرن الماضي. "قبل أن ابدأ عملي في سوريا، كان حافظ الاسد يسيطر على الدولة. قال لي اسحق رابين الراحل انني سأعامل اذكى زعيم في الشرق الاوسط. وحينما يقول لي نعم فانني استطيع ان اذهب مع هذا الصك الى مصرف وان اشعر بالامن. لكن رابين حذرني ايضا من أنني اذا ابقيت صكا صغيرا واحدا فانه سيدخل دبابة فيه".

هل الوضع مختلف مع ابنه؟

"من سوء الحظ انه تبين لي العكس تماما عند بشار. فهناك التردد والكلمات الجوفاء والوعود التي لا غطاء لها. وتبين لي في كل مرة من جديد انه يتحدث بلغة مزدوجة ويتفحص نفسه عند المستشارين. ولم انجح قط في أن افهم ما الذي يختفي وراء "نعم" التي تصدر عنه حقا".

من الذي يدير الامور هناك إذن؟

"بخلاف أخيه الراحل الذي اتخذ القرارات لنفسه، تدار سوريا اليوم على يد مجموعة كبيرة من العسكريين وابناء العائلة الذين يقومون بحملة حفاظ على البقاء. وقد أدرك كل واحد منهم أنه سيحين دوره حينما يسقط. واسماء أيضا زوجة الاسد التي تبدو لطيفة وهشة، نجحت في ان تعزز مكانتها في العائلة وجرت الى دوائر الفساد".

يتذكر جورجيان بصورة خاصة محادثة اجراها مع بشار بعد ثلاث سنين من توليه الرئاسة. "سألته ماذا يحدث مع خطط تحسين الحياة اليومية في سوريا، والاهتمام بالمواطن الصغير ومنح قدر اكبر من الحرية والحقوق، وفاجأني بقوله ان مواطنيه ليسوا ناضجين بعد ولا مستعدين لهذه الاصلاحات. وبهذا فانه يقوم بتغييرات ادارية فقط وتنفيذ تحولات في السلوك الداخلي. والحقيقة انني لم افهم ما الذي يقصده، لكنه لم يفعل هذا ايضا. فهو في الحاصل العام رجل كلمات جوفاء لا يوجد وراءها أي نية جدية".

أكان وضعه يختلف لو أنه قام بالاصلاحات؟

"كان يجب عليه أن يتعلم من ملك المغرب محمد السادس الذي نفذ مع نشوب الاضطرابات في العالم العربي من الفور سلسلة اصلاحات وسكن غضب الشارع. لكن بشارا على يقين من أن كل شيء يحل له. ولا ينقل اليه مستشاروه المنافقون سوى تقارير ايجابية وحينما خرجت الامور عن السيطرة بادروا الى ارسال الدبابات والقناصة وشبيحة النظام. لكن لا يحل ان ننسى انه لا يمكن اليوم تنفيذ مجزرة كالتي نفذها أبوه في حماة سنة 1982 لانه توجد اليوم عدسات تصوير وقنوات تلفاز تنجح في رواية قصص الفظائع".

أتغير هذه الصور شيئا ما؟

"أنا ازعزع في كل مرة أرى فيها الصور التي تأتي من هناك. ولا انسى أيضا ان بشارا طبيب أقسم ان ينقذ حياة البشر لا أن يقتلهم. وقد حصل على زمام السلطة بالصدفة، وله ثلاثة اولاد اكبرهم اعمارهم كاعمار عشرات الاولاد الذين ذبحوا هناك او جرت عليهم اعمال تعذيب وتنكيل. ان ما يفعله هناك يصيبنا بالجنون".

هل تستطيع أن تقدر ماذا سيكون مصير الاسد؟

"اوصيه ان يستغل الفرصة وان يغادر سوريا قبل أن يصبح الامر متأخرا جدا. أنا ارى ان الهبة الشعبية في سوريا تسير كما كانت في ليبيا وأنا اقترح عليه ان يقي نفسه مصير معمر القذافي الذي قضى عليه المتظاهرون. اذا انصرف الان فانه يستطيع الحصول على حياته هدية".