خبر نشوة القوة المضاعفة..معاريف

الساعة 04:44 م|31 يناير 2012

ترجمة خاصة

 بقلم: عوفر شيلح

 

(المضمون: من جهة يقوم موظفو وزارة المالية بادارة الدولة بصورة فعلية ومن الجهة الاخرى يقوم مراقب الدولة بخصي الوزراء ولذلك ما يتبقى لنا هو نوع من السيرك - المصدر).

مراقب الدولة ميخا لندنشتراوس كان رئيس المحكمة اللوائية ولذلك يتوقع منه ان يعرف صلاحياته القانونية بحذافيرها. ولكن اذا صدقت التقارير التي تفيد بأنه ينوي صياغة توصياته بشأن حريق الكرمل بصورة يفهم منها ان على وزير المالية يوفال شتاينيتس (ووزير الداخلية ايلي يشاي الذي تعتبر حالته مختلفة كونه المسؤول المباشر عن وضع خدمات الاطفاء الهابط) الاستقالة من منصبه، فان لندنشتراوس نفسه متهم بنفس الجناية التي يحملها لشتاينيتس وكبار موظفيه: نشوة القوة التي تعمي العيون وتحول دون رؤية الدور الحقيقي. لندنشتراوس الذي ينهي منصبه في شهر حزيران كان المراقب الصحيح لدولة اسرائيل. في اماكن اخرى توجد فيها معايير جماهيرية ومقاييس لما يخطر وما لا يخطر بالبال كان ميله لتصدر العناوين وللتحقيقات التي يُشك انها في مجال مسؤوليته الأساسية يمكن ان يفسد المسألة. في اسرائيل منذ سنوات لم تعد المعايير الشعبية الجماهيرية قائمة بكل بساطة، ولا يعترف أحد بمسؤوليته إلا تحت سيف المراقب أو المحكمة. المثال الأبرز هو التقرير ذو الصدى الاعلامي القادم للمراقب حول قضية هرباز – قضية يُشك كثيرا اذا كان على المراقب ان يتناولها ولكن في المكان الذي تقوم فيه القيادة العليا في الجيش بالكذب والمداهنة ولا يطالبها أحد بالمسؤولية والتوضيحات يبدو ان لا مفر من هذا التدخل.

ولكن الطريق ما زال بعيدا حتى نصل الى وضع قريب من المسؤولية التي يلقي بها المراقب على شتاينيتس. وفقا للحقائق لا شك بأن الحكومة أمرت بتحويل 100 مليون شيكل لوزارة الداخلية لتحسين خدمات الاطفاء وهذا لم يكن من منطلق الحكم السليم أو بسبب تقرير المراقب السابق. وزارة المالية اشترطت تحويل هذا المبلغ باجراء اصلاح في هذه الخدمات. هذه كانت نشوة القوة التقليدية التي تميز المسؤولين في المالية الذين توجد لديهم قناعة بأنهم هم وحدهم المؤتمنين عن مصلحة الدولة وكل من سواهم دساسون عاطلون عن العمل. القرار الحكومي يعتبر في نظرهم مجرد توصية سينفذونها فقط اذا توفرت الشروط التي يحددونها بأنفسهم.

ولكن ما يفعله لندنشتراوس هو في الواقع الغاء كل مناصب الوزراء الآخرين باستثناء وزير المالية. ميزانية وزارة الداخلية للعام 2011 كانت 4.23 مليار شيكل. 100 مليون منها تساوي 2.3 في المائة من هذا المبلغ، وهو مبلغ ضئيل نسبيا. لو ان يشاي أولى خدمات الاطفاء أهمية ما – ولو ان الحكومة كلها التي صادقت على هذا المبلغ فقط تحت التهديد القانوني قصدت ما قصدته فعلا لما كانت أمام وزير المالية أية مشكلة لتحويل المال من بند أقل ضرورة وتجميده حتى اتمام التسوية مع المالية. قبل مدة غير بعيدة صادقت الحكومة على اضافة ثلاثة مليارات شيكل لميزانية الامن التي يفترض ان تكون ممولة من امور لم تنفذ في الوزارات الاخرى. وهكذا كان من الممكن تمويل تطوير منظومة الاطفاء من احتياطي الكوارث الطبيعية غير المستغلة، ولكنهم لم يفعلوا.

اسقاط ذلك على كاهل وزير المالية شخصيا يعني انه لا يتوجب على الوزراء ان يتخذوا القرارات وان يحددوا الأولويات، وباختصار – ألا يكونوا وزراء. هم سيطلبون المال وان لم تفعل المالية ذلك فهي المسؤولة. حتى الجيش الاسرائيلي الذي اتهم عن غير حق التقليصات في الميزانية وحملها ذنب النقص في التدريبات قبل حرب لبنان الثانية، لم يدعي ان وزير المالية مسؤول عن الأداء غير السليم في صفوفه. ولكن لندنشتراوس يعرف أننا مرهقون ولا نصدق أي شيء إلا الرأس المقطوع. لقد توقفنا عن الثقة بأن الحكم يسير عندنا بصورة حقيقية وتوقفنا عن الاعتقاد بأن أحدا ما يفكر فعلا بالامر الجيد لنا. ما بقي لنا هو نوع من السيرك الذي يظهر فيه أحد ما كل فترة من الزمن ويطالب بقطع رأس شخص ما.