خبر أطفال الطلاق.. معاناة و مشكلات نفسية و اجتماعية بالجملة

الساعة 04:39 م|29 يناير 2012

غزة (خاص)

بلا شك، إن الأسرة كيان مبني على التفاهم وأساسه المحبة والمودة، يطيع الصغير فيها الكبير ويحنو الكبير فيها على الصغير، أما عندما تنقلب الصورة وتصبح الأسرة هي حلبة صراع مستمر ويكون الأبناء هم دوما وسيلة ضغط بينهم، فإنه بين ليلة وضحاها قد يجد الأطفال أنفسهم مضطرين للاختيار بين أب احترموه وأطاعوه، وأم أحبوها وكبروا بين أحضانها، فتجدهم قد فقدوا الأمان والاستقرار، وفقدوا مفهوم الأسرة لان هؤلاء الكبار قرروا عنهم، وعبثوا بمستقبلهم وسجلوهم بدفتر أطفال الطلاق حين يكون حلا وحيداً لوضع حد لهذه الخلافات الزوجية، من دون الانتباه إلى أنه قد يكون في أحيان كثيرة فتنة ينبغي أن نستشعر أضرارها اللاحقة بضحايا لا ذنب لهم في هذه القضية وهم الأبناء الذين يمثلون رمز وحدة الأسرة ومستقبل نهضة الأمة.

"وكالة فلسطين اليوم الإخبارية" تسلط الضوء على هذه القضية التي تعد من اخطر القضايا التي تواجه المجتمع الفلسطيني بوجه عام و الغزي على وجه الخصوص، حيث هناك العديد من الشواهد على هذه المعاناة لدى أطفال المطلقين.

 مها، 31 عاماً و هي أم لستة أطفال أكبرهم بنت في التاسعة من العمر و أصغرهم ثلاثة أشهر، حيث قالت: "أجبرت على ترك ابنتي الرضيعة بسبب ضغط أبي علي فأخذوها مني و وضعت عند احد عماتها بعد أن سافر الأب و ترك أبناؤه عند جدتهم"

و أضافت أن معاناة أطفالها تزداد كما يخبرها الجيران و المقربون، حيث أن البنت الكبرى لم تذهب للامتحان النهائي في احد المواد المدرسية لأنها لم تجد من يوقظها من نومها صبيحة الامتحان"

حال مها و أبناءها لا يختلف عن حال عادل، البالغ من العمر ثلاثة عشر عاماً، و يعمل بائعاً متجولاً في أحد الأسواق في مدينة غزة، حيث قال لمراسلتنا: "انفصل والدي عن بعضهما و أنا في الصف الرابع الابتدائي، و بعد أن تزوج أبي بأخرى، اضطررت بسبب الحرمان و المعاملة السيئة من زوجة أبي لترك المدرسة و البحث عن عمل اعتمد فيه على نفسي و لا احتاج لأحد حتى لو كان أبي"

سها، 34 عاما تتذكر طفولتها التي كانت تنغصها الخلافات المتواصلة بين والديها. وتقول إن أباها طلق أمها و هي في الثانية من العمر، و نظرا للمعاناة التي ذاقتها مع شقيقتها بسبب زواج أبيها الثاني، تولدت لديها رغبة حازمة في تفادي ما وقع بين والديها و جعلها تحرص على حياتها الزوجية، بالتفاهم حينا، وبتقديم التنازلات أحيانا أخرى. وتعتبر أن ذلك هو ما مكنها من الاستمتاع باستقرار عائلي يجني أولادها ثماره.

من جهتها أكدت الباحثة الاجتماعية، فلسطين عابد أن ظاهرة الطلاق أصبحت من أخطر الظواهر التي بدأت تواجه المجتمع الفلسطيني في الآونة الأخيرة خصوصا بعد أن أخذت النسبة السنوية لأعداد الطلاق في تزايد على صعيد محافظات غزة نظراً للظروف الاقتصادية و الاجتماعية السيئة التي خلفها الحصار و الإغلاق الإسرائيلي على القطاع.

و رأت عابد في حوار أجرته معها مراسلة "وكالة فلسطين اليوم الإخبارية" أن للطلاق أثره البالغ على الرجل و المرأة و المجتمع، مشيرة إلى أن الأطفال يكون لهم نصيب الأسد من المعاناة بسبب انفصال الوالدين

و على صعيد معاناة الأطفال، أوضحت عابد أن من يعيش في جو من الحرمان العاطفي وعدم الاستقرار والأمان ، تحف به المصاعب والعراقيل وتضطره ظروف الحياة الصعبة إلى الكفاح المبكر في سبيل لقمة العيش ، فكم ترى من أطفال يمسحون السيارات في المواقف ، وكم نراهم يمارسون المهن الشاقة المتعبة ! وهذا بدوره يؤدي إلى الإضرار بالأجيال سواءً من الناحية الجسدية أو النفسية أو الاجتماعية ، فينشأون فاقدو الشعور بالواقع لما واجهوا فيه من المرارة والحرمان قد يدفعهم الى الهاوية و الانحراف إلى طريق مجهول.

و أكدت أنه في حالة الطلاق أو الانفصال لابد أن يتفق الطرفان على إيجاد طرق بسيطة لتوصيل رسالة للطفل أن شكل العلاقة فقط هو الذي تغير في الأسرة، لكن مضمونها مازال كما هو، بمعنى أن الأسرة لا تتواجد في مكان ومنزل واحد لكن الطفل يستطيع التواجد مع أحد الطرفين فقط دون الطرف الآخر.

و أشارت عابد الى أنه من المهم وضع خطة مشتركة للسيطرة على سلوكيات الطفل كي لا ينحرف فلا يجوز قيام أحد الطرفين باستقطاب الطفل تجاهه بتشويه صورة الأخر، لأن هذا من شأنه أن يعطى الصغير مبررا لسلوكياته بقوله "هذا ما قاله لي والدي، وهذا ما تربيت عليه لدى والدتي" أي يحاول إلقاء مسئولية التصرفات الخاطئة على والديه.