خبر يوجد بديل عن المحكمة العليا- هآرتس

الساعة 10:59 ص|26 يناير 2012

 

بقلم: يسرائيل هرئيل

يثار بين الفينة والاخرى طلب ان تُنشأ في اسرائيل محكمة دستورية كما هي الحال في الدول السليمة. وأساس التعليل قولهم انه منذ ان أخرب اهارون براك حق المثول للمحاكمة استُغلت المحكمة العليا على الدوام على أيدي منظمات متطرفة تمولها حكومات ومنظمات اجنبية. وتعمل هذه المنظمات كما يزعمون على تغيير صورة الدولة بل انها تنجح في ان تؤثر بواسطة المحكمة العليا في اسرائيل، في السياسة الامنية (مثل مسار جدار الفصل)، وفي قيم المجتمع في شؤون الفن والآراء والقيم التي لا تقبل المحاكمة. يجب على المنتخبين لا على المُعينين بسبب قدرات قضائية ان يحددوا صورة الدولة القيمية.

من المعلوم ان قضاة العليا مثل المنظمات "التي تشعر بأنها في البيت" في المحكمة العليا – ومؤيدوهم في وسائل الاعلام والاكاديميا – يعارضون محكمة دستورية. فلا أحد مستعد للتخلي عن قوة صوغ الدولة بحسب قيمه. قبل أكثر من عشر سنين حينما أُثير هذا الاقتراح بجدية واجهه براك بحملة صليبية وسبب طيه.

يتبين الآن ان الثورة الدستورية ("كل شيء قابل للمحاكمة") لبراك قد انقلبت على مُحدثيها. والبراهين في استطلاعات الرأي العام قاطعة وذاك انه طرأ انخفاض حاد على ثقة الجمهور بالمحكمة العليا. واحدى السبل لاعادة الثقة هي ان تبعد المحكمة نفسها عن الطرق المعوجة التي سيقت فيها في العقدين الاخيرين وان تصرف معارضتها انشاء محكمة دستورية. وبهذا تشغل نفسها بما أُفرد لها منذ البداية وتتحلل من القوة المسببة للادمان التي أخذتها لنفسها بلا صلاحية وبلا قانون.

ان الحاجة في المحكمة الى دستور زادت أهمية بعد الردود المتطرفة، من اليسار هذه المرة على قرار الحكم بشأن قانون المواطنة. ان تركيبة المحكمة العليا بعد اعتزال دوريت بينيش واييلا بروكاتشي قد تنوعت. ومن المنطقي ان نفترض أنها لن تكون بعد الآن "المحكمة البيت" لـ "بتسيلم" و"عدالة" و"رابطة حقوق المواطن". واذا أُتيت بحالة تشبه ميغرون فسترسل "سلام الآن" أولا الى محكمة الصلح حيث ينظرون في نزاعات الاراضي.

حينما تسلك المحكمة العليا هذا السلوك، لا كما سلكت في ايام بينيش، فسيصرخ اليسار صراخا عاليا. وكل قرار حكم مبدئي سيوزن بحسب الردود أكثر من ان يوزن بحسب حقيقة الامور. فما الذي يحوجهم الى هذا؟.

كان يكفي قرار واحد لم يلائم موقف اليسار المتطرف كي يؤدي الى ردود منفلتة الزمام. ان المحكمة العليا كما رد عضو الكنيست دوف حنين على قرار الحكم بشأن قانون المواطنة تعتمد على "موقف قلة متطرفة من الولايات المتحدة المكارثية". وقالت زهافا غلئون : "خمدت قوة المحكمة العليا فأعطت التمييز الثعباني الشرعية". وقال اسحق ليئور في مقالة في صحيفة "هآرتس" "هذه نهاية فصل في حياة الديمقراطية الاسرائيلية". وقالت رابطة حقوق المواطن بركلة كبيرة لدلو الحليب الذي حلبته من المحكمة العليا طوال السنين: "أجازت الاكثرية في المحكمة العليا قانونا عنصريا... هذا يوم اسود لحماية حقوق المواطن وللمحكمة العليا".

ولم يكن الانتقاد من اليمين متورعا ايضا. فقد أعلن عضو الكنيست ياريف لفين اخيرا ان "المحكمة العليا تحركها أجندة يسارية هي خطر على قدرتنا على ضمان وجودنا... وقد سيطر على المحكمة العليا جماعة قلة يسارية متطرفة تحاول ان تملي قيمها على المجتمع كله". ومن المناسب ان نضيف ان كثيرين في المركز لا في اليمين الواضح فقط يشاركون لفين الرأي.

لا شك في ان تركيبة العليا الجديدة ستسبب زيادة الهجمات من اليسار. وستكون بسبب وجود اليسار القوي في وسائل الاعلام ذات ضجيج وصوت بعيد. وفي مقابلة هذا لن يتورع اليمين ايضا. يجب على المحكمة العليا اذا ان تفكر خارج الصندوق وان تبادر هي نفسها الى انشاء محكمة دستورية.