خبر بين المضائق-معاريف

الساعة 09:34 ص|22 يناير 2012

بقلم: عوفر شيلح

 (المضمون: الزعيم الاعلى لايران يفهم بان الارض ترتعد، العقوبات ترهق الاقتصاد والتخوف من الثورة يقض مضاجعه. الضغط أدى الى التهديد باغلاق مضائق هرمز، والسؤال هو من سيتراجع اولا  - المصدر).

        مع كل الاحترام لقصص جيمس بوند، والتي يكون الضجيج الاخير الذي يسمعه علماء الذرة الايرانيون هو صوت الدراجة المبتعدة، بعد ثانية من الصاق راكبها عبوة بباب سيارتهم وثانية قبل الانفجار، فان الحدث الهام حقا في المساعي لوقف تطوير القنبلة النووية سيتم يوم الاثنين القادم: وزراء الخارجية الاوروبيون سيعلنون، في خطوة تنتظرها اسرائيل منذ زمن بعيد ولكنها خشيت الا تأتي، عن وقف شراء النفط من ايران. إذ مع كل الاحترام لايماننا بقوة المادة المتفجرة، تلك التي تلصق بالباب او التي تلقى من طائرة، فان ما هو كفيل بثني الايرانيين  عن تنفيذ المشروع النووي العسكري لديهم هو المال.

        هذه توشك ان تكون خطوة عالمية: اوروبا تتعهد الا تشتري، وبالمقابل السعودية ودول الخليج الفارسي تلتزم بتلبية احتياجاتها في مجال النفط. الولايات المتحدة تجري منذ الان اتصالات حثيثة مع كوريا الجنوبية واليابان، دولتين مستهلكتين كبريين اخريين للنفط الايراني، كي تنضما الى المقاطعة. ومعا يدور الحديث عن نحو 40 في المائة من مبيعات النفط لدى طهران. كما أن الدول التي لن تنضم الى المقاطعة وعلى رأسها الصين، ستقف في وضع أكثر راحة في موضوع المفاوضات على الثمن: عندما يكون البديل هو ان يشربوا النفط بأنفسهم، فان رافعة الايرانيين لرفع الثمن ستكون أضعف بكثير.

        سلاح يوم الدين

        ليس واضحا بعد أي اطار زمني سيضعه وزراء الخارجية لتطبيق القرار، وهذا بالطبع موضوع هام. ولكن واضح ما هو معناه بالنسبة للاقتصاد الايراني الذي يعاني من معدلات بطاقة عالية، انعدام ثقة بالعملة المحلية – التي عانت مؤخرا من تخفيض بمعدل 40 في المائة في غضون بضعة أسابيع، المؤشر الواضح على الاقتصاد المنهار واختناق للائتمان الدولي. قبل اسبوعين ظهرت في مدخل البنوك في طهران طوابير ضخمة للناس الذين وصلوا لسحب أموالهم، وذلك لانهم يفضلون ابقاءه تحت البلاطة قبل أن ينهاروا. وكل هذا، كما يذكر، قبل ان تغلق اوروبا الانبوب، الذي من طرفه الاخر يضخ النفط غربا ومن طرفه الثاني تدخل بترودولارات تشكل أساس التصدير الايراني.

        في 2 آذار ستعقد الانتخابات للمجلس. الزعيم الروحي خمينئي، الذي هو وفقط هو سيصدر الامر للانطلاق الى الخطوة النهائية لتطوير القنبلة، يرى أمام ناظريه امكانية معقولة لجمهور يتمرد بكل السبل الممكنة في دولة تخضع لحكم عنيف يفرضه حراس الثورة: الامتناع عن التصويت، اضطرابات محلية، خوف متبدد مثلما حصل في الدول العربية وفي الحليفة السورية. ماذا سيفكر خمينئي؟ ماذا سيقرر؟ "الزمن القليل يقترب"، قال عن معضلته هذا الاسبوع مصدر اسرائيلي ضليع على نحو خاص.

        هذه هي الخلفية التي ينبغي ان نرى عليها التهديد الايراني باغلاق مضائق هرمز: حكم في حالة ضغط وخوف، الطوق الخانق الاقتصادي آخذ في الاشتداد عليه، يهدد بالموازي الاقتصادي لسلاح يوم الدين – الاغلاق بالقوة للممر الذي عبره يمر نحو نصف النفط العالمي. هذه خطوة متطرفة لدرجة ان الايرانيين لم يتخذوها حتى ولا مرة واحدة في اثناء الحرب المضرجة بالدماء ضد العراق. مجرد التهديد بها هو سير على الحافة في مستوى لم نشهد مثيله حتى من الايرانيين، الذين يعتبر السير على الحافة بالنسبة اليهم مجال خبرة. محافل تتابع الوضع تقدر بان الرد اللفظي الحازم من جانب الولايات المتحدة ("خط أحمر" وصفت وزيرة الخارجية كلينتون اغلاق المضائق) فاجأ النظام في طهران.

        السؤال هو هل يفهم خمينئي ماذا تقصد كلينتون حقا. هل هو يستوعب حقيقة أن اغلاق مضائق هرمز كفيل بان يحل معضلة الرئيس اوباما، الذي حسب التقديرات في اسرائيل يخشى من التورط في ايران في سنة الانتخابات ومن ارتفاع دراماتيكي لاسعار النفط. اذا اغلق الايرانيون المضائق، يتعين على اوباما ان يعمل بحزم والا يخشى الثمن، وذلك لان هذا سيدفع على أي حال. السؤال هو هل خمينئي، المغلق، المتعلق أكثر فأكثر بالحرس الثوري المتطرف، يشعر بان نظامه يرتعد – يفكر حقا باتخاذ الخطوة التي من شأنها ان ترفع الى السماء الطائرات التي يخشاها حقا، تلك التي تحمل في ذيلها علم النجوم والخطوط ومن تحت أجنحتها القوة العسكرية لامريكا.

        كم من الوقت تبقى

        منطق مؤيدي الهجوم الاسرائيلي في ايران، وعلى رأسهم وزير الدفاع ايهود باراك، يقول انه يجب عمل هذا طالما كنا نستطيع – وبعد قليل، سنة على الاكثر، لن نعود نستطيع. فقد بدأ الايرانيون مؤخرا بتخصيب اليورانيوم في منشأة بوردو قبل قُم، والتي بنوها سرا. هذه المنشأة محفورة داخل جبل، والادعاء هو أن ليس لاسرائيل القدرة على مهاجمتها بنجاعة. في مرحلة ما، تقول هذه الرواية، سينقل الى بوردو النشاط الهام حقا – تخصيب اليورانيوم الى مستوى 90 في المائة، وهو اللازم لانتاج القنبلة – ونحن لن يكون بوسعنا عمل شيء في هذا الشأن.

        السؤال الاول هو كنا سنعرف. في هذه اللحظة تعمل في المنشأة في بوردو أجهزة قليلة، ليس أكثر من مجرد اعلان رمزي من جانب ايران بنيتها تفعيلها. وحتى في التشغيل الكامل لن يكون فيها أكثر من 3 الاف من أجهزة الطرد المركزي؛ وللمقارنة، في مشروع التخصيب الاساس في نتناز يعمل اليوم نحو 9 الاف جهاز طرد مركزي، وفي التشغيل الكامل ستصل الى نحو 55 الفا. اجهزة الطرد المركزي التي يستخدمها الايرانيون هي نموذج باكستاني قديم، وهم يحاولون ان يطوروا نموذجا جديدا وأكثر تطورا – وذلك دون ذكر التخريبات المتكررة للعملية. المشروع في نتناز هو الاخر، كما يذكر، يوجد تحت رقابة وكالة الطاقة الذرية.

        هذا الوضع يفترض أن يعطي اسرائيل والغرب مؤشرات تحذير صريحة لقرار ايراني بالاختراق نحو القنبلة، والذي التقدير عندنا هو انه لم يتخذ بعد: طرد مراقبي الوكالة الدولية للطاقة الذرية سيكون مؤشرا كهذا وسببا لهجوم صريح لكل من يرى في القنبلة الايرانية تهديدا وجوديا. في اسرائيل يذكرون أن كوريا الشمالية اتخذت خطوة كهذه والغرب لم يهاجم؛ ولكن كوريا الشمالية سبق أن كانت، والدرس استوعب، ناهيك عن أن الاثار الدولية للقنبلة الايرانية ستكون أخطر بكثير من آثار القنبلة في يد النظام المعزول في بيونغ يانغ.

        كانت هذه احدى رسائل وزير الدفاع بانيتا في مباحثاته مع القيادة الاسرائيلية، والتي كانت تعابيرها الخارجية هي تصريحات حازمة عن الحاجة لتعاون دولي وتحذير من هجوم اسرائيلي من جانب واحد: اذا قرر الايرانيون تحطيم الاواني، يتعين عليهم ان يكشفوا هذه النية. رسالة اخرى كانت أنه كونه لا يوجد احتمال ان يصل الايرانيون قريبا الى قنبلة في اثناء السنة الحالية - حتى الاكثر تشاؤما في اسرائيل يتحدثون عن سنة من لحظة القرار، الذي كما أسلفنا لم يتخذ بعد – سيكون هناك وقت وقدرت على احباط تطوير القنبلة حتى بعد الانتخابات للرئاسة الامريكية.

        نقطة حسم خمينئي

        مسألة اخرى، يقل البحث فيها لاسباب مفهومة تتعلق بنجاعة القصف الاسرائيلي المحتمل. دون الدخول في تفاصيل عملياتية سرية التي لا أعرفها أنا ايضا، يمكن طرح السؤال الذي ينشأ بالذات عن تعليلات باراك: اذا كان بوردو هو بالفعل الموقع الذي لا تستطيع اسرائيل تدميره، فأي مساحة زمنية سيوفرها حتى هجوم ناجح تماما على نتناز؟ هل نتائجه، بما في ذلك الشرعية الايرانية للانتقال الى تطوير علني للقنبلة - مثلما يتوقع رئيس الموساد السابق مئير دغان مثلا – هو ثمن معقول لمثل هذا الهجوم؟

        2012 كفيل بالفعل أن يكون عامل حسم. في نهايته سيسيطر في واشنطن اوباما، معفي من كل اعتبار خاص حول مكانته في التاريخ، او رئيس جمهوري، أقرب بكثير من أصدقاء بنيامين نتنياهو في الكونغرس. اذا لم يتحقق سيناريو الاختراق، فالايرانيون سيواصلون التخصيب الزاحف الى أن يوقفهم الواقع. في اسرائيل يقدرون بان هذا سيحصل قبل وقت طويل من نهاية السنة: القرار الذي سيتخذ هذا الاسبوع في اوروبا، الضغط على البنوك، فرار رجال الاعمال الخاصين، ولا سيما من الصين من مشاريع في ايران، كل هذا سيؤدي بخمينئي في الاشهر القريبة القادمة الى النقطة التي يندفع فيها أو يبحث عن سلم للنزول عن الشجرة.

        معظم هؤلاء الاشخاص، كما ينبغي القول، يعتقدون ايضا بان هجوما اسرائيليا سيحل للايرانيين كل المعاضل، سيوحد الشعب حول النظام في هذه النقطة على الاقل، ويسرق الاوراق بطريق خطير على اسرائيل. السؤال هو هل الاشخاص الذين سيتخذون في نهاية المطاف القرار هم ضمن هذه الاغلبية. السؤال هو اذا كان أحد ما في القدس سيتراجع، قبل أن تحل نقطة التراجع في ايران.