خبر تقرير عربي: « إسرائيل » تدمر اقتصاد القدس وتفقر أهلها بسياسات الفصل

الساعة 05:40 م|20 يناير 2012

القدس المحتلة

 أبرز تقرير صادر عن قطاع فلسطين والأراضي العربية المحتلة في الجامعة العربية، وُزع اليوم الجمعة على وسائل الإعلام، طبيعة القيود الاسرائيلية، والمعيقات والتحديات التي تواجه الاقتصاد في القدس في ظل الاحتلال وقيوده.

 

 

وأوضح التقرير، الذي أعده خبير الشؤون الاقتصادية الفلسطينية –الاسرائيلية في قطاع فلسطين بالجامعة العربية، الدكتور نواف أبو شمالة، أنه رغم ارتفاع متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي في القدس الشرقية مقارنة بنظيره في الضفة الغربية، إلا أن المواطن المقدسي يفرض عليه التكيف مع رقم قياسي أعلى لأسعار المستهلك، وعبء ضريبي أكبر (السائدين في إسرائيل)، وهو الأمر الذي ينتقص من القدرة الشرائية الفعلية لأهالي القدس.

 

 

وقال: "تتعرض القدس وأهلها منذ العام 1967 لسلسلة إجراءات اسرائيلية تهدف للفصل المادي والسكاني للمدينة، وهي الإجراءات التي تم تكثيفها منذ العام 2000، حيث تم منع الفلسطينيين من باقي الأراضي الفلسطينية المحتلة من دخول القدس الشرقية للإقامة فيها، علما بأن القدس كانت دوما مركزا لجذب العمالة الفلسطينية قبل الاحتلال الاسرائيلي، لتتحول بفعل هذه المتغيرات إلى أحد مراكز تصدير العمالة.

 

 

وأضاف التقرير: "في إطار رصد وتحليل الأوضاع الاقتصادية والسمات العامة للأنشطة في القدس الشرقية، يجب التنويه إلى أنه رغم أن القدس هي جزء من الضفة الغربية وباقي الأراضي الفلسطينية المحتلة، إلا أن السلطة الوطنية الفلسطينية ليس لها حق الولاية القضائية عليها، كما تشهد القدس المحتلة فصلاً ممنهجا عن امتدادها الجغرافي والاقتصادي في الضفة الغربية، ما يحد من إمكانية تنمية الاقتصاد الفلسطيني ،وقد جرى تكثيف هذا الفصل الاسرائيلي منذ العام 2000."

 

وذكر بما ورد في التقرير الصادر عن مكتب الأمم المتحدة "أوتشا 2011"، بشأن التغير الفعلي في جغرافية القدس وحدودها، ومعاناة أهلها من تردي مستويات الخدمات الصحية والتعليمية والاجتماعية.

 

 

وأضاف: "في إطار استعراض الملامح العامة لاقتصاد القدس الشرقية المحتلة، عرض مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد)، عددا من المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية حول القدس حتى نهاية العام 2009، أهمها بلوغ عدد الفلسطينيين فيها 275 ألف نسمة، يمثلون نحو 9.5% من إجمالي عدد السكان الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، كما توزعت مساهمة القطاعات الاقتصادية في الناتج المحلي للمدينة على النحو التالي: قطاع الخدمات 40%، والنقل والمواصلات 23%، والصناعة 16%، والتجارة 13%، والبناء والتشييد والزراعة والوساطة المالية معا، أقل من 10%".

 

 

وتابع: "كما عرض (الأونكتاد) سلسلة الممارسات الاسرائيلية لترسيخ فصل مدينة القدس وتغيير طابعها المادي والسكاني، وأهمها بناء المستوطنات داخل القدس في الأحياء الفلسطينية، وبناء جدار الفصل العنصري الذي يعيد تعيين الحدود حول منطقة القدس الكبرى، حيث يتم إدخال المزيد من المناطق من خارج حدود البلدية في الجانب الداخلي للقدس."

 

وأشار التقرير إلى أن الحواجز المحيطة بالقدس حاليا، تسببت بخسائر فادحة للمنتجين الفلسطينيين في الضفة الغربية، نتيجة حرمانهم من سوق مهم لمنتجاتهم وبضائعهم السلعية والخدمية، كما خسر أهالي القدس إمكانية الحصول على سلع ومنتجات الضفة غير المكلفة نسبيا، وذلك نتيجة القيود ونظام التراخيص الاسرائيلي المفروض على تدفق سلع ومنتجات الضفة الغربية إلى القدس.

 

 

وأضاف: "لقد حظرت إسرائيل منذ يونيو 2010 دخول جميع المنتجات الصيدلانية، ومنتجات الألبان واللحوم من الضفة الغربية، إلى أسواق القدس الشرقية، وهو الأمر الذي قدرت خسائره السنوية بالنسبة للاقتصاد الفلسطيني نحو 48 مليون دولار، أخذا في الاعتبار القيود التي تزيد من تكلفة السلع المسموح بها للعبور من الضفة الغربية إلى القدس الشرقية، حيث تخضع لإجراءات التفريغ وإعادة الشحن على البوابات."

 

 

وفي إطار رصد السياسات التمييزية الاسرائيلية بين المقدسيين "أهل المدينة"، والمستوطنين الاسرائيليين في القدس الشرقية المحتلة، أظهر التقرير وجود تفاوت كبير في مؤشري التعليم والخدمات الصحية "لصالح المستوطنين"، كما أنه في الوقت الذي يبلغ  فيه متوسط دخل الفرد من مستوطني القدس 23 ألف دولار سنويا، فإن دخل المقدسي لا يتجاوز ثلث ذلك المتوسط، ما أدى لبلوغ نسبة الفقر بين أهالي القدس نحو 67% مقابل بلوغها 23% بين مستوطني القدس،  طبقا للتقرير الصادر عن مؤسسة القدس للدراسات الاسرائيلية 2010.

 

كما أشار إلى أن عدد المؤسسات الاقتصادية العاملة في القدس بلغ عام 2009 (3659)  مؤسسة، مقابل بلوغ عددها 3313 مؤسسة عاملة عام 1999، أي أنه خلال عشر سنوات ارتفع عدد المؤسسات في القدس بـ 346 مؤسسة فقط، وهو الأمر الذي لا يتناسب نهائيا مع احتياجات ومتطلبات القدس وأهلها.

 

 

وأبرز د. أبو شماله في تقريره أيضا، ما يتعرض له الاستثمار والنشاط التجاري في القدس من صعوبات في التمويل والائتمان، سواء لأغراض الاستهلاك، أو الاستثمار، أو التجارة على حد سواء، بسبب عدم وجود فروع للمصارف الفلسطينية في القدس الشرقية (بلدية القدس)، مع وجود عدد قليل من فروع البنوك الاسرائيلية، لا تغطي احتياجات الفلسطينيين الحقيقية، وهو ما أكد عليه التقرير الصادر عن الرباعية الدولية المقدم إلى لجنة الاتصال المخصصة لتنسيق المساعدات الدولية المقدمة للشعب الفلسطيني (إبريل 2011 / بروكسيل) Office of the quartet Reprehensive 2011.

 

وقال: "هذا يملي ضرورة وضع الترتيبات التي تؤدي إلى زيادة نطاق الوصول للخدمات المصرفية، لاسيما خدمة الرهن العقاري (لتوفير مساكن لأهالي القدس)، وحل أزمة السكن الملحة للفلسطينيين في القدس، وتوجيه الأموال لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، كوسيلة لإنعاش الاقتصاد المحلي للقدس.

 

 

وذكّر التقرير بما أكد عليه تقرير "الاونكتاد" من أن تماسك اقتصاد الدولة الفلسطينية المتصلة، يستلزم إنهاء فصل القدس الشرقية عن الضفة الغربية، وتولي السلطة الوطنية الفلسطينية مهام الحكم الوطني فيها، حيث يمثل اقتصاد القدس الشرقية نحو 8 -9% من اقتصاد باقي الأراضي الفلسطينية المحتلة.

 

 

وتابع: "وفي حال إعادة دمج اقتصاد القدس الشرقية، فإن الناتج المحلي الإجمالي الفلسطيني لكامل الأراضي الفلسطينية المحتلة سيتجاوز الـ 8.3 مليار دولار، بما يسهم بزيادة الطاقة الاستيعابية للاقتصاد، ما يملي ضرورة إيلاء اهتمام أكبر لاحتياجات القدس الشرقية من التنمية الاقتصادية، وتهيئة مناخ لاقتصاد يتمتع بالقدرة على الاستدامة من أجل دولة فلسطينية مستقلة.

 

 

وأكد هذا التقرير أن الإجراءات والقيود الاسرائيلية في القدس الشرقية أدت إلى تراجع مستويات التعليم والعملية التعليمية بأسرها، ما يمثل خطرا بالغا على الشعب الفلسطيني، الذي يمثل الاستثمار في التعليم أهم أولوياته، ليصبح إصلاح رأس المال البشري الفلسطيني تحديا رئيسيا في السنوات المقبلة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، لاسيما القدس المحتلة.