خبر من تأثيرات الربيع العربي ان حماس لم تعد تخجل.. اسرائيل اليوم

الساعة 03:51 م|20 يناير 2012

بقلم: دوري غولد

(المضمون: الحديث عن اعتدال حماس لا تؤيده الحقائق والوقائع الاخيرة ومفاوضة حماس اذا تمت يجب ان تنطلق من موقع قوة وان تشعر المنظمة بأنها مهزومة أما وهي تشعر بأن العالم العربي والاسلامي يؤيدها فلن تكون مفاوضتها مثمرة - المصدر).

كانت الولايات المتحدة في الاسبوعين الاخيرين أقرب مما كانت دائما من اجراء تفاوض مع طالبان باعتباره جزءا من جهود ادارة اوباما لانهاء التدخل العسكري الامريكي في افغانستان. ومن اجل هذا افتتحت طالبان مكتبا في قطر. وبدأت الادارة تخط هذه السياسة الجديدة قبل سنة حينما أعلنت بأنها مستعدة لاجراء اتصالات مع طالبان بفرض ان هذا الاجراء سيفضي في نهاية الامر الى ان يضعوا سلاحهم وينددوا بالقاعدة والارهاب بصورة عامة ويقبلوا العمل في اطار دستور افغانستان.

عرض الامريكيون في الماضي هذه المطالب باعتبارها شروطا تسبق التفاوض لا باعتبارها أهدافا فقط. وقد خرجت الولايات المتحدة لمحاربة قوات طالبان في 2001 لأنها أعطت اسامة ابن لادن والقاعدة ملاذا قبل أحداث الحادي عشر من ايلول. وكان من نتيجة ذلك ان دخل قادة كبار من طالبان قائمة الارهابيين الدولية للامم المتحدة وأصبحت طالبان تُرى منظمة ارهابية خالصة.

ان محادثات الولايات المتحدة المخطط لها مع طالبان هي مثل مُحدث فقط لدولة تتحسس امكانات تفاوض مع أعدائها، وبخاصة منظمات ارهابية دولية. وللمبادرات من هذا النوع سوابق كثيرة. كتب خبيران بتاريخ ايرلندة من جامعة كامبردج هما جون بيو ومارتن فرامبتون كتابا مهما اسمه "محادثة ارهابيين"، عرضا فيه المعايير التي يجب ان تتم حينما يُدخل في نقاشات من هذا القبيل.

يقوم الكتاب على قرار بريطانيا على اجراء تفاوض مع الجبهة السرية الايرلندية أفضى في 1998 الى "اتفاق يوم الجمعة الخيّر"، الذي يستعمله ساسة بريطانيون في احيان متقاربة على أنه برهان على جدوى التفاوض مع مخربين. ولقد وعظ موظفون بريطانيون اسرائيل طوال سنين بأن عليها ان تبدأ محادثات مع حماس. وكانت في لندن ايضا لجان برلمانية طلبت الى حكومة بريطانيا فتح قناة اتصال بالاخوان المسلمين.

حذر بيو وفرامبتون قراءهما من ان مفاوضة الارهابيين بالشروط غير الصحيحة قد تفضي الى تصعيد العنف. ويجعلان المثل على ذلك واحدة من المحاولات الاولى التي قام بها البريطانيون لاجراء محادثات مع الجبهة السرية الايرلندية في 1972.

وافقت الجبهة السرية على وقف اطلاق نار مؤقت من غير تخلي عن العنف، لكن بعد مرور زمن قصير استنتجت من المبادرة البريطانية الى المحادثة ان استراتيجيتها العسكرية تنجح. ولم يكد يمر وقت طويل حتى نقضت الهدنة مع 22 حادثة تفجيرية في يوم واحد.

       "مسار اعتدال"

وباختصار لم يولد التحادث قبل الأوان تسوية سلام بل أصبح يُرى ضعفا ولهذا أفضى الى اساءة الوضع. وبحسب ما يرى بيو وفرامبتون كان سبب نجاح المحادثات بعد عشرات السنين من ذلك ان قوات الامن البريطانية هزمت الجبهة السرية في التسعينيات ودخلت الى صفوف الجبهة السرية الايرلندية وأضرت ضررا شديدا بقدرتهم العملياتية.

ما صلة هذا الامر بأيامنا؟ حينما التقى أبو مازن وقيادة م.ت.ف قادة حماس والجهاد الاسلامي في القاهرة في 22 كانون الاول، بدأ متحدثون فلسطينيون يتحدثون عن ان حماس بتأثير من فتح تنتقل الى مسار اعتدال. وحاولوا ان يسوغوا وجود اتفاق المصالحة بين فتح وحماس بعرضه على انه انجاز دبلوماسي. وكان في واقع الامر ايضا من زعموا ان حماس على أثر الربيع العربي وصعود الاخوان المسلمين أصبحت أقل عزلة وأصبحت لذلك أكثر انفتاحا لتبني مواقف جديدة. وفي استعراض للقاء في القاهرة تناول مراسل صحيفة "واشنطن بوست" "علامات البراغماتية" التي تبديها حماس.

ان أكثر الكتابة عن اعتدال حماس هو بمثابة هوى في أحسن الحالات وهو نتاج الدعاية الفلسطينية في الحالة المعقولة. وقد نشرت حماس بعد خمسة ايام من اللقاء في القاهرة الاعلان الرسمي التالي بالعربية:

"نؤكد تمسكنا بحقنا في المقاومة بكل صورة ولا سيما الكفاح المسلح لازالة الاحتلال. فقد برهنت المقاومة والجهاد والاستشهاد على نفسها بأنها الطريقة الوحيدة لاحراز حقوقنا بالقوة وتحرير ارضنا والقدس واماكننا المقدسة".

لم يحدث أي تحول لحماس قبل اللقاء في القاهرة. فقبل ثمانية ايام من ذلك ظهر رئيس حكومة حماس اسماعيل هنية في تلفاز حماس في القطاع وأعلن ما يلي:

"اليوم نقول بصورة واضحة لا لبس فيها: ان المقاومة المسلحة والكفاح المسلح هما خيارنا الاستراتيجي وهما طريقنا لتحرير الارض الفلسطينية من البحر الى النهر، ولطرد الغزاة الغاصبين من ارض فلسطين المباركة".

يبدو انه مع صعود الاخوان المسلمين في الدول العربية المحيطة بنا، لا تكف حماس نفسها عن التعبير عن مواقف شديدة كهذه. وفي واقع الامر، وفي ضوء التأييد الذي تحصل عليه حماس من منطقة الشرق الاوسط، لا تشعر المنظمة بأنها الجانب المهزوم الذي يجب عليه ان يتغير من اجل البقاء.

سيتأثر الضغط الذي ستتعرض له اسرائيل في السنين القادمة لتفاوض حماس بلا شك بنتائج التجربة الامريكية مع طالبان. ولن تكون المحادثات بين الولايات المتحدة وطالبان سهلة. ففي ايلول الاخير حينما حاولت الحكومة الافغانية ان تبدأ تفاوضا كهذا قتل ناس طالبان مندوبا افغانيا بتخبئة قنبلة في عمامته.

هذا الى ان طالبان لا تبلغ المحادثات مع الولايات المتحدة باعتبارها الطرف المهزوم. فقد أعلنت الولايات المتحدة بأنها ستنهي اعمالها القتالية في افغانستان في 2014. في 2009 حذر بيو وفرامبتون التحالف الغربي من اجراء محادثات مع طالبان قبل هزيمتها كي يكون الغرب في موقع القوة. لكن من المنطقي ان نفترض انه لن تكون هذه شروط اجراء المحادثات مع طالبان وهو شيء سيؤثر تأثيرا عميقا في احتمالات نجاحها.