خبر من الذي يجب ان يتم شكره بالضبط؟.. هآرتس

الساعة 03:45 م|20 يناير 2012

بقلم: يوسي سريد

(المضمون: من العادات التي أصبحت ترسخ في الفترة الاخيرة تقديم الشكر والطاعة من المواطنين للدولة ومؤسساتها في حين يجب ان تكون العلاقة عكسية لأن من واجب الدولة ان تخدم المواطنين وتحسن عيشهم في الأساس - المصدر).

أوصت وزيرة استيعاب الهجرة المهاجرين من اثيوبيا بأن يشكروا الدولة: شكرا لأنك أخرجتنا من الغابة الى الفيلا؛ وشكرا باسم اولادنا الذين يدرسون في غيتوات؛ وشكرا للجيران الذين لا يحتملون الرائحة؛ وشكرا للنوادي التي تتركنا في الخارج حينما نأتي لعطلة من الجيش؛ وشكرا لوزارة الصحة التي تبيد تبرعاتنا من الدم؛ وشكرا لرجال الدين الذين يفرضون علينا تهويدا متشددا.

لقينا هذا الاسبوع تعبير شكر آخر. فقد نشر مجلس حركات الشباب الاعلان التالي: "شكرا! نحن نبارك رئيس الحكومة ووزير التربية لزيادة الدعم اثناء ولايتهما...". ان عادة جديدة جاءت للدولة فلم يعد هناك انكار لجميل المحسنين. لمن الشكر ولمن المباركة؟ للحكومة والمملكة. نحن نشكرك أيها الأخ الأكبر والزعيم الغالي. فمعلوم ان الحكام يأتون بالمال من بيوتهم – فاذا شاؤوا منحوا واذا شاؤوا بخلوا. والرعايا يتمتعون باحسانهم لأن احسانهم تفضل لا حق عليهم.

اعتقدنا بسذاجتنا ان المال العام يخصص لأنه يأتي بحسب معايير مساواة وشفافية، ولا حاجة للتوسل والتملق. وانقلبت الامور رأسا على عقب وصار المواطنون ملتزمين للدولة أكثر من ان تكون الدولة ملتزمة بمواطنيها جميعا، وأصبح من الواجب عليهم ان يظهروا الشكر. فاذا كانت قد تفضلت ببضعة ملايين من ميزانيتها فلن نوفر بضعة آلاف الشواقل تُنفق على اعلان. وان حركات الشباب خاصة هي التي استصوبت ان تهب لمن ترعاهم هذه الثقافة الجديدة. هل حظوا بـ "التكبير" بسبب عيونهم الجميلة الملحة أو بسبب نشاطهم المبارك الذي يستحق الدعم.

يوجد آباء ايضا يؤمنون بأنهم يستحقون الشكر الدائم من أبنائهم لأنهم ناموا في أسرتهم وأتوا بهم الى هذا العالم، ولذلك يجوز لهم ان ينظروا الى ثمرات بطونهم بأنها ملك لهم. ويوجد أرباب عمل يسلكون سلوك الأسياد لأن العمال ملك لهم.

لم يعد واضحا من يعمل هنا عند من – الحكومة الأم عندنا أم نحن عندها، ومن يجب عليه ان يقول شكرا لمن.

هذا الاسبوع ماتت امرأة أرملة في القدس. كانت معلمة وسكنت 60 سنة في حي القطمون في السكن الشعبي عميدار. وأصاب العجب من جاءوا لتعزية العائلة في شقة المرحومة إذ رأوا حياة كاملة خصبة بين أثاث من الخمسينيات.

حينما كان يتصل الأقرباء لم تكن تتفرغ لحديث فارغ فقد كانت تكون مشغولة باعداد درس وكأن هذا اول ايامها في الفصل الدراسي. وقد هاتفت احيانا بمبادرة منها لتعبر عن غضب: هل سمعتم مثلها الكلام الوقح للسيدة سوفا لندبار أو شخص ما من زملائها الوزراء؛ هل رأيتم ولدا اثيوبيا يمضي لينام جائعا. اعتقد انها شعرت بأنها غريبة في بلدها في السنين الاخيرة.

كانت لها في الماضي علاقات جيدة في وزارة التربية حينما كان والدها المدير العام وكان أخوها الوزير. لكنها لم تشأ ان تتقدم الى أي مكان فقد كانت تربية اولاد في الصف الرابع أو الخامس هي التقدم في نظرها. وقالت أعطوني إياهم صغارا قبل ان يصبحوا كبارا على التشكيل.

أريد باسم أختي، هداسا أفتليون ان أعبر عن شكر ايضا: شكرا لك أيتها الدولة على كل ما أعطيتها؛ وعلى أنك جعلتها تحظى بـ 45 سنة تدريس وتشعر بأنها متطوعة؛ وعلى أنك تفضلت بتخصيص مرتب تقاعد لها قدره 3.400 شاقل كل شهر.

وشكرا لقادتنا الذين نجحوا في اغضابها حتى آخر ايامها برداءة تعبيرهم ووعودهم الكاذبة ونهج حياتهم الذي يثير الحسد. وكانت تقول بغضب انهم يفسدون علي اولادي. وهكذا اتقدت فيها النار حتى خمدت.